ماكغورك والسبهان.. وأسرار خسارة معركة الرئاسات في العراق

خلال مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية، كثرت المعارك التي خاضها كل من مبعوث الرئيس الأمريكي بريت ماكغورك، ووزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان لتوجيه بوصلة السباق السياسي في العراق الى وفق ماتشتهيه بلادهما.. ولكن يبقى غامضا كيف خاضوا هذه المعركة وماالاساليب التي اتبعاها بغية تحقيق اهدافهما؟

اليوم تنكشف المزيد من أسرار معركة ماكغورك والسبهان في العراق، تفاصيل تبين كيفية استخدامهما ولاسيما السبهان، اسلوب الترهيب مع القوى والشخصيات السياسية لوقف انطلاق قطار التسوية الذي انطلق في النهاية على غير مايشتيهان.
المحطة النهائية لقطار التسوية السياسية النهائية توقفت على خلاف ما أرادت واشنطن والرياض، حيث فشل كل من السعودية ممثلة بالسبهان وامريكا ممثلة بماكغورك، في تحقيق اهدفهما وتشكيل حكومة عراقية وفق شخصيات سياسية تابعة لهما تسهل تنفيذ مصالحهما في بلاد الرافدين.

معركة "عض الاصابع"

وكشف مصدر سياسي "رفيع" لـ "الأخبار" اللبنانية، بعضاً من تفاصيل تلك المفاوضات، ان "(معركة عضّ الأصابع) امتدت لنحو أربعة أسابيع بين تحالف الفتح بزعامة هادي العامري من جهة، والمحور المدعوم أميركياً وسعوديا من جهة أخرى"، موضحا "المعركة بدأت فعلياً ليلة رفضت قوى عدة أبرزها حزب الحل الذي يقوده جمال الكربولي، الانضمام إلى تحالف النواة (سائرون التابع لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ــ حيدر العبادي ــ عمّار الحكيم ــ إياد علاوي)".

فحوى رسائل ماكغورك والسبهان للقوى السنية

وأفادت "الأخبار" في تقريرها، بانها حصلت على نصوص لرسائل عدّة بعث بها كل من ماكغورك والسبهان، بشكل منفصل، إلى قيادات بارزة من أجل التأثير على مواقفها، موضحة إحدى تلك الرسائل وصلت إلى هاتف الكربولي من السبهان، ونصّها: "جمال، الذهاب مع الأطراف الأخرى (العامري وحلفائه) يعني وان واي تيكت (بطاقة ذي وجهة واحدة)".
وأوضح مصدر مقرب من الكربولي أن "هذه الرسالة وصلت إليه تحديداً أثناء وجوده في فندق (روتانا)، في أربيل، برفقة وفد من تحالف الفتح ضمّ أحمد الأسدي وعدنان فيحان وعبد الكريم الأنصاري".
وكانت وسائل إعلام عراقية، ذكرت انه في يوم انعقاد "مؤتمر بابل" الذي جمع كتل تحالف الإصلاح، رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، أرسل حينذاك طائرة فارغة إلى مطار أربيل، من أجل استقدام الكربولي والقوى "السُنيّة" المتحالفة معه وإلحاقهم بالاجتماع، وبحسب مصادر تزامن وصول الطائرة مع مكالمة تلقّاها الكربولي من ماكغورك، وامتدّت لنحو نصف ساعة هدّده فيها الأخير برفع "الدعم السعودي ــ الإماراتي عنه في حال رفضه التوجّه إلى الطائرة".
وشكّل رفض الكربولي ومعهم رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ومحافظ صلاح الدين السابق أحمد الجبوري، للطلب الأميركي ــ السعودي، علامة بارزة على تراجع قدرة الرياض على التأثير في غالبية القوى السنية، التي كانت تُعدّ الأقرب للسعودية.
وأوضح المصدر أن "السعودية لم تكن تريد للكربولي أن يكون مع خميس الخنجر الأمين العام للمشروع العربي، لقرب الأخير من قطر، لكنها لم تفلح في ذلك.
بدأت خسارة وإخفاق امريكا والسعودية في تحقيق مايبغيان بخسارتهما لمعركة الرئاسات الثلاث، مسار تعزّز في حادثتين، الأولى في الجلسة الاستثنائية الخاصة بمناقشة أوضاع البصرة بحضور العبادي وعدد من الوزراء (8 أيلول)، والثانية في جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب (15 أيلول)، والتي انتهت بخسارة مرشحَين يحظيان بدعم واشنطن هما خالد العبيدي وأسامة النجيفي.
وكشف المصدر عينه، أن "الأميركيين إثر تأكّدهم من خسارة حليفهم العبادي لرئاسة الوزراء في جلسة البصرة، ساعدوا في الوقت نفسه على حسم خيار عادل عبد المهدي كرئيس توافقي"، مشيرا الى ان "جلسة البصرة شهدت ضغوطاً مارستها كتلة الحكمة، بزعامة عمار الحكيم، على تحالف سائرون لمنعه من الظهور في مؤتمر صحفي مشترك مع الفتح، للمطالبة باستقالة حكومة العبادي".
وأوضح المصدر "الحكمة كان يخشى من أن هذا المؤتمر إذا ما حصل فإنه سيعني إعلان تحالف بين الفتح وسائرون، وبالتالي تشكيلهما الكتلة الأكبر من دون الحاجة للحكمة أو الأطراف الأخرى التي حضرت اجتماع فندق بابل"، مستطردا "بسبب ضغط الحكمة دُفع الأسدي للاتفاق مع سائرون على عقد مؤتمرَين صحافيَين منفصلَين، يتم فيهما إبداء الموقف نفسه وهذا ما حصل".

منصب النائب الأول لرئيس البرلمان صفعة جديدة لماكغورك

أبرز مفاوضي تحالف الفتح احمد الأسدي، بدوره، اوضح لـ "الاخبار" اللبنانية، أن "الموقف المتطابق مع سائرون في جلسة البصرة، مهّد لاجتماع بين العامري ومقتدى الصدر في الحنانة بالنجف الاشرف، انتهى بالاتفاق وبشكلٍ نهائي على تسمية عادل عبد المهدي، مرشحاً مشتركاً بين البناء والإصلاح لمنصب رئاسة الوزراء"، مبينا "جلسة انتخاب الحلبوسي شهدت تأكيداً للتفاهم على عبد المهدي، مع انسحابنا من الترشّح لمنصب النائب الأول لرئيس البرلمان لمصلحة مرشح سائرون".
في سياق ذي صلة، ذكرت "الاخبار" في تقريرها نقلا عن مصادر وصفتها بالمطلعة، القول بأن "الاتفاق على منصب النائب الأول لرئيس البرلمان بين الفتح وسائرون تسبّب بامتعاض ماكغورك، الذي أيقن حينها باستحالة عزل الفتح عن الكتلة المعنية بتشكيل الحكومة".
وتشير المعلومات إلى أن تسمية عبد المهدي تمّت في 12 أيلول/ سبتمبر الماضي، ما يعني أن منصب رئيس الوزراء، وهو الأهم وفق نظام توزيع الصلاحيات المعتمد في العراق، كان اولى خسائر ماكغورك والسبهان التي تعزّزت بعدها بانتخاب الحلبوسي، ومن ثمّ بانتخاب برهم صالح رئيساً للجمهورية.
وتؤكد المعلومات نفسها أن بريت ماكغورك، الذي زار رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني في أربيل ثلاث مرات في فترة وجيزة، أجرى اتصالات مع برهم صالح، مرشح الرئاسة عن الاتحاد الوطني الكردستاني، طالباً منه "الانسحاب لمصلحة فؤاد حسين، مرشح بارزاني للمنصب نفسه، وهي ضغوط استمرت حتى قبيل وقت قصير من بدء جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الثلاثاء الماضي".

المصدر: صحيفة الاخبار اللبنانية

Facebook Comments

Comments are closed.