يواكيم لوف.. من قمة جبل الأمجاد إلى الهاوية

انتهت رحلة المدرب المخضرم يواكيم لوف مع منتخب ألمانيا بعد قرابة 15 عامًا، قاد الفريق خلالها في كافة البطولات القارية والدولية حتى ظهوره الأخير في يورو 2020.

رحلة المانشافت مع المدرب الألماني لم تكتب لها أفضل نهاية، وذلك بعد خروج الفريق من الدور ثمن النهائي للبطولة الأوروبية بخسارته على يد إنجلترا (0-2).

ومن المقرر أن يخلف لوف، مساعده السابق هانز فليك، الذي رحل عن بايرن ميونخ بنهاية الموسم الماضي بعدما قضى داخل النادي نحو عام ونصف.

كيف بدأت الرحلة؟

لم يتول لوف أي من الفرق أو المنتخبات الكبرى قبل وصوله إلى منصب المدير الفني لمنتخب ألمانيا، حيث ظلت مسيرته منحصرة بين أندية النمسا، سويسرا، تركيا وألمانيا.

وقاد لوف فريقًا ألمانيًا واحدًا، هو شتوتجارت بين عامي 1996 و1998، لكنه ظفر خلالهما بلقب كأس ألمانيا، فيما وصل إلى نهائي كأس الكؤوس الأوروبية في موسمه الأخير.

دون ذلك، لم يحقق لوف أي نجاحات بارزة باستثناء فوزه بلقبي الدوري وكأس السوبر في النمسا عامي 2002 و2003.

وفي عام 2004، تولى يورجن كلينسمان تدريب منتخب ألمانيا عقب يورو 2004، ليضم لوف إلى جهازه المعاون كمدرب مساعد، ليصلا معًا إلى نصف نهائي بطولتي كأس القارات وكأس العالم عامي 2005 و2006.

وبعدما قرر كلينسمان عدم تجديد عقده مع المانشافت، أسند الاتحاد الألماني لكرة القدم المهمة لمساعده لوف، الذي وقع على عقد لمدة عامين.

خطوات متقدمة

أولى البطولات التي خاضتها ألمانيا في عهد لوف كانت يورو 2008، وقد نجح خلالها في تجاوز كافة منافسيه حتى وصوله للمباراة النهائية، لكنه اصطدم بقوة نظيره الإسباني، الذي تفوق عليه بهدف دون رد، حرمه من اللقب.

وجاء الاختبار الثاني بعد عامين، حينما خاضت ألمانيا منافسات كأس العالم 2010 بجيل جديد من الشباب، حيث كان أصغر فريق من ناحية الأعمار منذ عام 1934.

تصدر المانشافت مجموعته قبل التأهل للأدوار الإقصائية، حيث أطاح في طريقه بإنجلترا والأرجنتين حتى بلوغه المربع الذهبي، لكنه اصطدم بقوة إسبانيا مجددًا، ليخسر بنتيجة (0-1)، ليحصد الفريق بعدها الميدالية البرونزية في المونديال.

ورغم أن الألمان يبحثون دومًا عن منصات التتويج، إلا أن وصافة بطل أوروبا وبرونزية المونديال كانت إشارة لقدرة لوف على تحقيق النجاحات في قادم المواعيد بعد نتائجه المميزة في غضون 4 سنوات على توليه المهمة.

 وفي الاختبار الثالث، بلغت الماكينات الألمانية نصف نهائي يورو 2012 بعدما قهرت في طريقها عددًا من الكبار، أمثال هولندا والبرتغال، لكن إيطاليا أنهت مشوارها بالفوز عليها في المربع الذهبي (2-1).

نحو القمة

خطوات ألمانيا التدريجية لم تتوقف نحو قمة الجبل، حيث جاء الموعد المنتظر في مونديال 2014، الذي كان شاهدًا على قوة المانشافت العاتية التي لم يصمد أمامها الجميع.
الإعصار الألماني كان قويًا منذ أول مواجهة في المونديال، حيث قهر البرتغال (4-0)، قبل أن يتعثر بتعادل مفاجئ مع غانا، لتعود الانتصارات في الجولة الثالثة لدور المجموعات على حساب الولايات المتحدة الأمريكية.
منتخب الجزائر أحرج ألمانيا لاحقًا في أولى مباريات مرحلة خروج المغلوب، لكن ذلك لم يمنع المانشافت من تحقيق الفوز (2-1) والعبور إلى ربع النهائي لملاقاة فرنسا، التي تلقت خسارة بهدف دون رد.
بلغت ألمانيا المربع الذهبي مجددًا، لتضرب موعدًا مع البرازيل، صاحبة الأرض، لكن زلزال بقوة 7 ريختر ضرب رفاق الغائب نيمار دا سيلفا، لينجح رجال لوف في إسقاط السيليساو بفوز تاريخي (7-1).
أسوأ هزيمة في تاريخ البرازيل بالمونديال منحت ألمانيا بطاقة التأهل للمباراة النهائية، التي واجهت خلالها الأرجنتين بقيادة ليونيل ميسي، لكن هدف ماريو جوتزه القاتل منح المانشافت فرصة قنص اللقب.
هذا المشوار المميز مهد طريق لوف نحو الحصول على جائزة أفضل مدرب عام 2014 من الفيفا بنسبة 36.23% من إجمالي الأصوات، متفوقًا على الإيطالي كارلو أنشيلوتي، المتوج بطلا لأوروبا مع ريال مدريد في ذلك الوقت.
وفي يورو 2016، لم تتجاوز ألمانيا الدور نصف النهائي بعد السقوط أمام فرنسا، لكن العام التالي شهد تعويض هذا الإخفاق بتتويج رجال لوف أبطالا لكأس العالم للقارات على حساب تشيلي.

إلى الهاوية

عام 2018 كان بداية انهيار المانشافت في عهد لوف، لا سيما بعدما أخفق الفريق في تجاوز مرحلة المجموعات في كأس العالم، ليودع مبكرًا لأول مرة في تاريخه من الدور الأول.
لم يكن ذلك الإخفاق هو الوحيد لألمانيا، بل امتدت الانتكاسات لمشاركتها في دوري الأمم الأوروبية بنسخته الأولى، والتي انتهت بهبوط الفريق للمستوى الأدنى، لولا تعديل اللوائح فيما بعد.
وفي النسخة التالية من دوري الأمم، تلقت ألمانيا أسوأ خسارة لها منذ عام 1931، بالسقوط على يد إسبانيا (0-6)، لتفشل في التأهل للأدوار النهائية للبطولة.
ولم تكن مشاركة ألمانيا في يورو 2020 مغايرة عن سابقيها، حيث لم يحقق الفريق سوى انتصار وحيد خلال 4 مباريات خاضها في البطولة، التي ودعها من دور الـ16، لتنتهي رحلة لوف بأسوأ سيناريو ممكن.

Facebook Comments

Comments are closed.