هل كان الابتزاز الإسرائيلي وراء إعادة العلاقات السعودية الإيرانية.. وكيف؟

للكاتب صالح القزويني

رغم أن وسائل الاعلام والكتاب والمحللين السياسيين سلطوا أضواء مكثفة على عودة العلاقات الايرانية – السعودية واستعرضوا الأسباب التي أدت الى القطيعة بين البلدين وفي مقدمتها ما كانت تعلنه السعودية دائما وهو التدخل وهو التدخل الايراني في شؤونها وشؤون الدول العربية والاسلامية، إلا أن تصريح مستشار الأمن القومي السعودي بعد لقائه نظيره الايراني في بكين، أشار الى أن التدخل الايراني لم يكن من القضايا الرئيسية التي بحثها الجانبان، فقد أعلن المسؤول السعودي بأن الجانبين لم يبحثا ملفات العراق ولبنان والمنطقة وحتى النووي.

فاصل

ويشير تصريح المسؤول السعودي الى أن السبب الرئيسي وراء القطيعة بين البلدين ليس التدخل الايراني في السعودية ودول المنطقة، ولا الهجوم على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد واحراقهما، ولا الدعم الايراني لليمنيين في حربهم ضد السعودية، وعلى الرغم من أهمية هذه المواضيع والملفات إلا انها ليست السبب الرئيسي في القطيعة. من هنا يجب البحث عن اسباب أخرى لهذه القطيعة تعود الى  عام 2017، عندما زار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الرياض وعقد فيها ثلاث قمم، قمة سعودية أميركية، وقمة خليجية أميركية، وقمة اسلامية أميركية وفي تلك القمم الثلاث تم اتخاذ قرار قطع العلاقات مع ايران، ولا أبالغ ان قلت أن السبب الرئيسي وراء قطع العلاقات هي القضية الفلسطينية.

فاصل

و يتعين الاشارة الى ن ن نشير الى أن ترامب بدأ يروج لخطته بتسوية القضية الفلسطينية منذ أن وطأت رجله البيت الأبيض وأعتبر آنذاك أن “صفقة القرن” هو الخيار الأفضل لهذه التسوية، وكانت ترتكز الصفقة بشكل اساسي على اقامة علاقات دبلوماسية بين اسرائيل والدول التي اجتمع معها ترامب في الرياض وفي المقابل توافق اسرائيل على حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية، على أن يقدم الجميع الدعم الكامل للصفقة والتضييق ومحاربة كل من يقف بوجهها ويسعى الى عرقلتها، وبالفعل قطعت الكثير من الدول علاقاتها مع ايران والتضييق على كل من يعارض الصفقة ويسعى الى عرقلتها يما في ذلك الأحزاب والشخصيات في فلسطين والمنطقة.

فاصل

والى جانب قطع العلاقات مع ايران والتضييق على سوريا ودول عربية واسلامية وأحزاب وشخصيات فلسطينية وعربية واسلامية، فان بعض الدول قامت بتطبيع علاقاتها مع اسرائيل وأقامت العلاقات الدبلوماسية والتجارية معها، مما يعني الاعتراف الرسمي بوجودها، كما أن ترامب قام بمنح الجوائز لهذه الدول، فمنح الصحراء الغربية للمغرب وقرر الغاء العقوبات عن السودان كما انه وعد بتعزيز المكانة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية للامارات والبحرين، وأيضا فأنه نقل سفارة بلاده الى القدس وأغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في نيويورك وقطع علاقات واشنطن مع اليونسكو التي اتخذت قرارات لصالح فلسطين، كما انه أعلن عن حق اسرائيل في ضم الجولان وشرعية المستوطنات.

فاصل

 لكن  اسرائيل ورئيس وزراءها نتنياهو لم يقدما أي شيء مقابل ما حصلت عليه، وبذلك فان نتنياهو وجه ضربة قاصمة لخطة ترامب، بل أن الخطة قبرت مع رحيل ترامب ونتنياهو عن السلطة. فقد تصور نتنياهو أن البساط الأحمر الذي مد له في الفترة السابقة من توليه السلطة، سيمد له هذه المرة أيضا ولذلك وبمجرد أن فاز في الانتخابات وقام بتشكيل الحكومة بدأ يروج لأكذوبة التطبيع، وكان المقصود الرئيسي منها هي السعودية إلا أن آماله خابت عندما قررت الرياض اعادة علاقاتها مع طهران، ومن يومها لم يعد نتنياهو يتحدث عن التطبيع والسلام مع الدول العربية والاسلامية.

فاصل

ويبدو أن السعودية ارادت توجيه رسالة لنتنياهو عبر اعادة علاقاتها مع ايران، مفادها، كفاك استهتارا بالاتفاقيات وظلما للفلسطينين وابتزازا لدول المنطقة والعالم، ومما لاشك فيه أن هذا الموقف هو الذي سيرغم الكيان على اعادة النظر في جميع خططه تجاه الفلسطينيين والمنطقة، واذا كانت هناك ثمة تسوية أو اتفاق فيتعين على الكيان أن يبادر هو في تقديم التنازلات وليست الدول العربية والاسلامية والفلسطينيين، بشرط أن تبقى السعودية وسائر الدول على موقفها لا تتنازل عنه.وان عنجهية نتنياهو واستعداده للقيام بمرحلة جديدة من الابتزاز كانت أحدى الأسباب الرئيسية وراء قرار السعودية في اعادة علاقاتها مع ايران، خاصة وأن الرياض رأت أن دول المنطقة استنزفت الكثير من مواردها وامكانياتها وثرواتها.

Facebook Comments

Comments are closed.