فيتو أمريكي ضد بوتين وفلسطين والسعودية والإمارات بعد زيارته للخليج

للكاتب رامي الشاعر

أحبط “الفيتو” الأمريكي مشروع قرار تقدمت به دولة الإمارات   يطالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بينما وقفت 13 دولة أمام دولتين مارقتين: الولايات المتحدة وبريطانيا. واعترضت الأولى، وامتنعت الثانية عن التصويت، في تبعية مفضوحة وعجز مذل للإرادة السياسية البريطانية. وكان مشروع القرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة لدواع إنسانية، مؤكدا على ضرورة الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

واستندت الولايات المتحدة، على لسان نائب المندوبة الأمريكية روبرت وود، إلى أن مشروع القرار “لا يدين حركة حماس، ولا يؤكد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”!  وهنا نرى العالم يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني المكلوم، بينما تقف الولايات المتحدة ضد جميع العرب والمسلمين وضد الشعب الفلسطيني، إلا أن للقصة أبعاد أخرى. ففي زيارة ناجحة لكل من دولة الإمارات و السعودية أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الإمارات “أكبر شريك تجاري لروسيا في منطقة الخليج”، كما شدد على أن “شيئاً لا يمكن أن يعيق تطور العلاقات الودية بين موسكو والرياض”.

فقد رصدت الأوساط السياسية والإعلامية ردود أفعال واسعة على تلك الزيارة حيث قال البعض إنها “تشير إلى سقوط الهيمنة الغربية”، وقال بعض آخر إن الطريقة التي تم استقبال الرئيس بوتين بها تدل على أن “البترودولار أصبح تاريخا، وأن النظام العالمي متعدد الأقطاب قد بدأ في تولي زمام الأمور”.ويأتي ذلك في وقت يصف فيه الغرب الجماعي، ومن يدعون أنهم يمثلون “المجتمع الدولي”، روسيا بأنها “منعزلة دولياً”. ولدى عودته إلى موسكو استقبل الرئيس بوتين الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، حيث أكد، خلال مباحثات استمرت 5 ساعات، على سير التعاون بين موسكو وطهران بصورة نشطة في كافة المجالات، وتبادل الطرفان وجهات النظر حول أوضاع المنطقة خاصة في فلسطين.

 وعلى الرغم مما صرح به المتحدث الرسمي للكرملين دميتري بيسكوف، وهو ابن لامع لصديق عزيز، من أن حيثيات الحملة الانتخابية لبوتين لا تزال غير واضحة بعد، إلا أنني أختلف معه في الرأي بهذا الصدد، لأن ترشح بوتين للانتخابات الروسية، وحملته الانتخابية لم تعد شأناً روسياً فقط، وإنما أصبحت شأناً ومطلباً دولياً، لما تخوضه روسيا من حرب عالمية عظمى على كافة الجبهات، بينما يشن الغرب الجماعي ضدها حرباً هجينة اقتصادياً واجتماعياً وإعلامياً، وتحاك ضدها المؤامرات تلو المؤامرات، وتدبر في محيطها الثورات الملونة، وتثار التوترات والقلاقل لفتح جبهات جديدة معها بأياد خبيثة.

وبالتزامن من كل هذه الأحداث والفعاليات، شارك الرئيس فلاديمير بوتين في منتدى “روسيا تنادي!” الاستثماري الرابع عشر لمصرف “في تي بي”   أكبر المصارف الروسية والذي جاء هذا العام تحت شعار “الحياة بلا عولمة: توحيد الاقتصادات ذات السيادة”، وجرت فعالياته في الفترة 7-8 ديسمبر الجاري. حيث أكد في كلمته أمام المنتدى أن النظام العالمي للعلاقات الاقتصادية والمالية يمر “بمرحلة من التغييرات الأساسية التي لا رجعة فيها، ويعود ذلك إلى أن النموذج السابق للعولمة قد تم استبداله بنموذج متعدد الأقطاب”.

لهذا السبب، تجد نخب الدول الغربية، الموجودة اليوم على قمة هذه “العولمة”، والتي تستفيد من هيمنتها، مرغمة على محاولة إبطاء عملية التحول، وتقييد النمو بشكل مصطنع، على أمل أن يستمر الوضع على ما هو عليه، ويستمروا في التعامل مع موارد الدول كمصدر للتربح مثلما كان الحال في المستعمرات القديمة.فهذا هو الفكر الاستعماري القديم الذي لم تتمكن القارة العجوز ومعها الولايات المتحدة الأمريكية وبجانبهما إسرائيل من التخلص منه. ولا يزالوا عاجزين عن التعامل على قدم المساواة مع بقية البشر، ويعانون من عقد الاستثنائية والتفوق لـ “الرجل الأبيض” على سائر البشر. و يوضح الفيتو الأمريكي ليس فقط فقدان الضمير وانعدام الأخلاق وسائر القيم الإنسانية، وإنما كذلك استمراء واستعلاء وممارسة لأقذر أنواع الفاشية التي تتمتع بها الإدارة الأمريكية وصنيعتها إسرائيل. وتؤكد على أن الهدف الأساسي لهؤلاء هو الإبادة الجماعية المتعمدة للشعب الفلسطيني، وما تقوم به إدارة بايدن ببساطة هو تحدي العالم بأجمعه لمجرد أن الأمور لا تسير على النحو الذي يريدون.

Facebook Comments

Comments are closed.