المرأة العراقية بين مواجهة التعنيف وغياب تنفيذ القوانين الوضعية 

 فاطمة غانم جواد _ بغداد

 رغم تقدم السنين وتطور المجتمع الا انه لازالت هنالك ظواهر لن تبلى بعد ، والعنف للمرأة احد هذه الظواهر رغم مركزها الذي خصه الدين الاسلامي بالاحترام ووصفه المجتمع بالنصف الآخر للرجل كونها تحمل على عاتقها النصف الثاني لمسؤولية الأسرة بينما يحمل الرجل مسؤولية النصف الأول منها الا انه مع ذلك نجد أشكالا من العنف تتكرر بأستمرار في مجتمعنا العراقي الذي يحكمه الدين والتقاليد الاسلامية فأخذ العنف يتمثل بأشكال متنوعه لن تقتصر على الايذاء الجسدي فحسب بل يشكل خطورته احيانا السقوط في وادِ الموت وما يليه من مشاكل عشائرية وقانونية تودي بالنظام الأسري إلى الهلاك وتفكك الذرات العاطفية المكونة للاسرة مما يُنشأ جيلا جديدا فاقدا للحنان والاحتضان الاسري مما يجعل دائرة العنف لا مخرجا منها وفي دوامةٍ مستمرة .

فالقوانين وأحكام دستورية وضعت لمناهضة العنف ضد المرأة الا ان العمل بها ضعيفا بعض الشيء وبعضها لن يتم التصويت عليه من جانب البرلمان حتى اليوم وهذا يتضح من العنف المتكرر كالضرب والمعاملة السيئة والحبس والحرمان من الحقوق الطبيعية التي أقرها القانون للمرأة كالتعليم والعمل ، اخيرا الحرق المتسبب بالوفاة الذي يقع دون وجود الردع اللازم له من جانب الجهات المعنية لدفع الضرر عن المرأة خصوصا والأسرة عموما وهذا أبرز ما شهده المجتمع مؤخراً مما يستوجب تشريع وتنفيذ قوانين تحمي نواة المجتمع من الضرر المتكرر. من أمِنَ العقاب اساء التعامل البداية كانت مع قسم تمكين المرأة العراقية في وزارة الشباب والرياضة وتم الحديث معهم عن أسباب العنف وأشكاله وكانت إجابتهم إن العنف ضد المرأة يأخذ عدة اشكال وانواع منها المادي والمعنوي والاقتصادي والنفسي وله عدة اسباب أهمها البيئة التي تحكم العلاقة بين المراة والمجتمع المحيط بها كالاسرة او مكان العمل إضافة إلى قلة الوعي بدور المرأة في بناء مجتمع صالح وخلق بيئة جيدة لتربية الاجيال ووجود افكار ومعتقدات قبلية وعشائرية لا تعطي المراة حق الوجود الانساني والحقوق التي شرعتها الاديان السماوية واهمها الدين الاسلامي الذي كان اول دين يضمن الحقوق للمرأة كذلك حرمان المرأة في بعض المجتمعات من حرية التعليم والرعاية الصحية تسبب في عدم وعيها بحقوقها وواجباتها التي تقلل من التعنيف تجاهها و الارث المجتمعي الذي يجعل المرأة غير قادرة على تقديم شكاوى ضد معنفيها جعل البعض يتمادى في تعنيف المرأة وعدم احترام المراة ككيان انساني له خصوصيته وضع المرأة في موقف المدافع والمتفرج في اغلب الاحيان إضافة للضعف التنفيذي للقوانين الوضعية التي تحمي المرأة من التعنيف وقلة الاحترام ولا يمكن تغيير الافكار بسرعة ولكن على الجميع التحرك والعمل الجاد لتقليل العنف المجتمعي واهمه العنف ضد المرأة والطفل .

ولتحديد مسببات العنف وحلوله وفي السياق ذاته تم إجراء المقابلة مع الدكتورة امل فتحي الخبيرة في علم الاجتماع والعلاقات الاجتماعية وبينت من جانبها ان هنالك اسباب كثيرة تؤدي للعنف ضد المرأة تتعلق بالشخص الذى المسيئ منها تعرضه لمرض نفسى او شخصية مضطربة او تعرضه لسلوك عنف سابق فى عائلته وتقليده لهذا السلوك ،او تدنى المستوى الثقافي والعقلي عن الشخص الاخر ، او تعاطي المخدرات وما شابهه واسباب تتعلق بالشخص المساء به ،كتمتعه بشخصية سلبية او قلقة متوترة ،او معانتها من اضطرابات نفسية والعجز الجسدي والعقلي او اسباب اخرى كثيرة مثل المفاهيم الخاطئة فى المجتمع عن المرأة او النظر للرجل على انه مصدر قوة وتحكم فى المرأة او النظر للعنف على انه شرعى وعلى المرأة تقبله وتحمله واحيانا تدخل اهل الزوج وتحريضهم ضد الزوجة او عدم الانسجام العاطفى والعقلى بين الزوجين،او قلة العمل ،والفقر وضغوط الحياة والظروف الاقتصادية او ضعف المراة نفسها فى المطالبة بحقوقها ، فكل هذه الاسباب من خلال تجارب وحالات فعلية فليس فقط اسباب مادية ولا معنوية ولكنها مجموعة عوامل واسباب معا ،ومن خلال التجارب الفعلية اذا توفر الحب والدعم المعنوى يستطيع الزوجان التغلب على اى مشكلة ،واذا اعتبرناها ظاهرة اجتماعية فالعلاج يبدأ من التوعية لتغير المفاهيم الخاطئة من خلال المدارس والجامعات ، وعمل برامج مختصة فى اعادة التأهيل والدعم النفسي والاجتماعي ،وبناء واعادة الثقة لدى الاشخاص الذين يتعرضون للعنف وحل المشكلات النفسية لهم وتطبيق ما امرت به الاديان السماوية والمذاهب الانسانية من الرحمة والمودة والرأفة في التعاملات الإنسانية في الحياة .

فالطفل يتأثر ويؤثر وفي سياقٍ آخر تم الحديث مع الباحث الاجتماعي مصطفى المرسومي الحسيني واوعز سبب العنف الاسري الى السلوك العدواني وهو التصرف السلبي الذي يصدر من الطفل تجاه الاخرين ويظهر على صورة عنف جسدي أو لغوي أو بشكل ايماءات وتعابير غير مقبوله من قبل الاخرين ، وهذا السبب للعنف ضد المرأة خصوصا والأسرة عموما ولا علاقة للامور المادية بهكذا حالات، مشيرا لأسباب ظهور السلوك العدواني عند الاطفال والمراهقين هو شعور الطفل بانة مرفوض أجتماعيا من قبل أسرته أو أصدقائه أو معلمية نتيجة سلوكيات سلبية صادرة من الطفل ولم يتم التعامل معها بالصورة الصحيحة في حينها ، والتشجيع من قبل الاسرة للسلوك العدواني بأعتبارة دفاعا عن النفس .اضافة لشعور الطفل بالنقص نتيجة وجود عيب خلقي في النطق أو السمع او اي عضو اخر من جسمه او نتيجة لتكرار سماعه للآخرين الذين يصفونه بالصفات السلبية كالغباء او الكسل أو غيرها من الاوصاف السيئة علي نفس الطفل. وكذلك تقليد الطفل لمن يراه مثله الاعلى وقد يكون من الاسرة او صديقا له او من الشخصيات الكرتونية التي يشاهدها ويتعلق بها،وعدم مقدرة الطفل عن التعبير عما بداخلة من أحاسيس وعجزه عن التواصل لاسباب قد تكون نفسية كالانطوائية او لغوية كأن يتحدث الطفل بلغة مختلفة عن من يتعامل معهم خلال وجودة في المدرسة.

العنف وجزاء القانون ..

ثم أجرينا المقابلة الأخيرة مع المحامي علي الشيحاني واكد وجود حالات عنف ادت الى الطلاق كان سببها الضرب وتقديم الشكوى على الزوج، موضحاً انه بالنسبة للعوامل المادية فأنها تؤثرعلى الحالة النفسية وبالتالي يحدث ضغط نفسي ويولد انفعالات على أي ردة فعل من جانب الزوجين ،اما الجانب المعنوي فله تأثير كبير من ناحية درجة التفاهم والانسجام بينهم سواء من الناحية الإيجابية أو السلبية وهذا يعتمد على درجة النضج والوعي سواء من جانب الزوج أو الزوجة الذي من شأنه يتم تلافي اي سوء فهم  يؤدي للعنف ، اما بالنسبة للمواد القانونية الي تنص على العنف اكد إن هنالك شكاوي مقدمة يحكم بها القاضي وفق قانون العقوبات كجنحة وتدخل ضمن العنف الاسري وتتعدد العقوبات تبعا للعنف المرتكب ضد المرأة فأذا اكتسبت المرأة الشفاء من الضرب فالعقوبة تكون غرامة مالية مع الكفالة اما اذا سبب لها إعاقة مستديمة أو عاهة فالعقوبه هي الحبس لسنة أو اكثر حسب جسامة الضرر .

ولنا رأي

إن العنف ضد المرأة لم يعد ظاهرة محلية في مجتمع واحد فحسب بل أصبح ظاهرة عالمية غزت جميع المجتمعات وفي تقدم مستمر دون رادع لها من الماضي مرورا بالحاضر ثم المستقبل اذا لم يوضع الحد لهكذا انتهاكات من شأنها أن تؤثر سلبا على المجتمعات كون الأسرة هي نواة المجتمع والضرر الذي يعتريها يعتري المجتمع بأكمله كما أن نجاح الأسرة يعمل على نجاح المجتمع ، فأي مجتمع هو عبارة عن مجموعة من الجماعات تجمعها علاقات اجتماعية لذا لابد أن تكون هذه العلاقات ناجحة من الداخل لينعكس هذا على المجتمع من الخارج فيصبح مجتمع خال من النزاعات بين الأسر بدلا من المجتمع العكر الذي لاتنتهي النزاعات فيه وهذه المسؤولية تقع على عاتق القوانين التي تضعها الجهة الحاكمة في اي بلد لا يخلو من العنف سيما بلدنا الذي شهد على مر السنين حالات متكررة من العنف بعضها شاع بين الناس والبعض لم يعرفه احد نتيجة خوف المرأة أو خوف عائلتها من الفضائح التي يسببها التشهير بالعنف ضدها   لذلك نجد حالات الطلاق الكثيرة عائدين الى اسبابها الرئيسة والمتمثلة بالعنف ذات الاشكال المتباينة من عائلة لأخرى وحسب ظرف كل عائلة ماديا كان ام معنويا والمتمثل بالشرارة الأولى للعنف الاسري .

Facebook Comments

Comments are closed.