بعد غزّة كُلَّ ما هو “دولي” في حاوية النفايات الإنسانية

 للكاتب جواد الهنداوي

أولُ ما يخطرُ على البال “مجلس الأمن الدولي”، و”التحالف الدولي” و”القضاء الدولي” و”القانون الدولي” و”المجتمع الدول” و”الامن والاستقرار الدولي”، و”الشرعية الدولية هي  أسماءُ ليس لنا سوى ألفاظِها، أمّا معانيها فهي أسوأ!! فهذه مجالس وتحالفات ومحاكم دولية وأمميّة، ولكن ليس لصالح الإنسانيّة والبشريّة، وانما لتمرير الظلم وتبرير الاستعمار والاحتلال والاستبداد، والكيّل بمكياليّن، والآمر بالباطل والنهي عن المعروف. وما يجري في غزّة يدعو إلى رمي هذه “المِنتجّات الدولية” في حاوية النفايات الإنسانية.

فقد كان  محمد شياع السوداني، رئيس مجلس وزراء العراق محقا  في تكرار تصريحاته بضرورة ” انهاء تواجد قوات التحالف الدولي في العراق “، واعتبار مُهمّة انهاء تواجد قوات التحالف الدولي هو استحقاق .واضافة الى ما قاله  السوداني، بأنَّ انهاء تواجد قوات التحالف الدولي في العراق، استحقاق تقتضيه المصلحة الوطنية. ولا يوجد في قاموس ” المصلحة الوطنية ” مفردات او عناصر اهم وأسمى من السيادة والامن والاستقرار، وتقدير هذه العناصر يعود حصراً لمن هو مسؤول دستورياً عن رسم وتنفيذ سياسة الدولة، وان التشاور في هذا أمرٌ ضروري، بكل تأكيد، ولكن القرار بشأن بقاء او مغادرة قوات التحالف الدولي، ليس للأحزاب ولا للمكّونات، وانما لرئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة.

فالمهمّة تقتضي قرار وطني، وكل ما يتخذهُ رئيس الوزراء ووفقاً للدستور، هو وطني. وان تعليق المُهّمة على أجماع وطني ( لم ولن يحصل ) او على توافق مكوناتي هو تبرير وغطاء لعدم الرغبة او القدرة في انجاز المُهمّة. فكمْ كان فاعلاً ومؤثراً مجلس الامن الدولي، حين أُوكِلتْ اليه، مهّمة تحرير الكويت، ومن ثُمّ احتلال وتدمير العراق! وكمْ هو كذلك حين ساقتهُ الولايات المتحدة الأمريكية ليقرر ما تريدهُ في الحرب في أوكرانيا. ثُمَ لا ننسى دور مجلس الامن الدولي في ليبيا وفي سوريا وغيرهما.

 واليوم تُعزّزْ جرائم إسرائيل وامريكا في غزّة ما عرفناه وعشناه من ظُلمْ وازدواجيّة قرارات كُلَّ ما هو دولي، إنْ كان ذلك مجلساً او تحالفاً او مجتمعاً او قضاءاً او قانوناً. اليوم، تجرّدَ ” الدولي ” ليس فقط من المعايير السياسية والمنطقّية، ومن المصالح، وانما تجرّد من الإنسانية، ودخلَ ” الدولي ” الى حظيرة الوحوش، وهي  أعلى مرتبةً في القسوة والافتراس من حظيرة الحيوانات.

وعلى أنصحُ الصحفي الأمريكي توماس فريدمان، والمختص بشؤون الشرق الاوسط، كما يصفه البعض، والذي بدأَ منذُ اسبوع تقريباً، ينشرُ مقالات مستعيراً، في وصف وتحليل مشاهد الشرق الأوسط، بالحيوانات (امريكا أسدٌ هرم، ونتنياهو قرد، وايران دبور، واليمن والعراق ولبنان يرقات)، انصحهُ بأنْ يكرمنا بوصفٍ مناسب لما ترتكبه إسرائيل اليوم في غزّة؟ اتمنى ان لا يصفها “نحلة”! وهل تستحق وصف حيوان، وللحيوان مشاعر الألفة والشفقة، ام وصف وحش!

فقد شّوهَ  مجلس الامن “الدولي” وانحرف عن الاهداف والمواثيق التعريفية له بسبب الصهيونية (نواة وحلفاء)، اي بمفردات ابسط، الصهيونية والتي انبثقت عام 1897 في سويسرا “خرّبت” ما انتجّه الإبداع البشري، وما شهدهُ العالم من حروب وجرائم، قورنت بجرائم النازية في المانيا الاّ من صنائع الصهيونية. واليوم تُولَدْ النازيّة من جديد في غزّة.وما يجري في غزّة جرس إنذار للدولة التي، وُجدتْ بحكم الظروف، وهي كُثرٌ ومتشعبّة، ان تتعامل وتتعاطى مع مجلس الا/ن “الدولي”. واصبح هذا المجلس “الدولي” يعني “أمريكي”، وأمريكي يعني مصلحة إسرائيل أولاً وآخراً.

Facebook Comments

Comments are closed.