لحظة صمت دولية وتاريخية.. بشأن جرمية المطبخ المركزي العالمي

للكاتب رامي الشاعر

في واحدة من مئات الغارات الإسرائيلية المجرمة على غزة، قتل،   3 بريطانيين، وفلسطيني، ومواطن أمريكي كندي، وبولندي، وأسترالية ينتمون جميعاً لمؤسسة غير ربحية تسمى المطبخ المركزي العالمي  ، والحصيلة 7 قتلى من مواطني الدول الغربية. وقالت المنظمة   لها إنها نسّقت كل تحركاتها مع الجيش الإسرائيلي، إلا أن قافلتها على الرغم من ذلك تعرضت للقصف أثناء مغادرتها أحد مستودعات دير البلح بعد تفريغ أكثر من 100 طن من المساعدات الإنسانية، التي تم جلبها إلى شمال غزة، عند رصيف المساعدات الذي تم بناؤه حديثا.

يعني ذلك أن علامات وضعت على الحافلات كي يتمكن الجيش الإسرائيلي من تمييزها، ويعني ذلك أيضاً أن المنظمة أبلغت الجيش الإسرائيلي بخط سيرها بالتفصيل، ومواعيد حركتها، ويعني ذلك أيضاً أن ما حدث جريمة مكتملة الأركان مع سبق الإصرار والترصد، وفقاً لخبراء عسكريين. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يجري التحقيق في الحادث، وان الغارة كانت “خطأ فادحا”، وأنها لم تكن تستهدف إيذاء عمال الإغاثة.

ويستند عمل المطبخ المركزي العالمي إلى مبدأ بسيط هو عدم الانحياز لأي من أطراف النزاعات، وإلى أن الطعام هو أحد حقوق الإنسان الأساسية، وتؤمن المؤسسة بحق البشر في الطعام سواء كانوا طيبين أم أشرار، أغنياء أم فقراء، يساراً كانوا أم يميناً. وهم لا يسألون الذين يساعدونهم عن ديانتهم، وإنما يسألونهم “كم عدد الوجبات التي تلزمكم؟”. وقد قدم المطبخ، خلال الأزمة الأخيرة في قطاع غزة، 1.75 مليون وجبة ساخنة عبر إسرائيل، و43 مليون وجبة في غزة.

وكما هو متوقع فإن العالم “الحر والديمقراطي”، ونعني هنا كل من أستراليا وكندا والولايات المتحدة وبولندا والمملكة المتحدة، تقدمت بالفعل بمطالبات لإجراء تحقيق مستقل من طرف ثالث في الضربات المتعددة التي أدت إلى مقتل عمال الإغاثة لديها.لكن ما يثير حفيظة المرء حقاً، وبعد كل ما سبق، ألا ينتفض العالم، ومعه وسائل الإعلام الغربية، وعلى نحو ملفت وواسع وهائل، بنفس القدر لمقتل 33 ألف من شعبنا الفلسطيني الأعزل. ونحن مع إجراء التحقيق بالقطع، وننتفض لمقتل الأبرياء السبعة من المطبخ المركزي العالمي بكل تأكيد، إلا أننا ننتفض بقدر مضاعف لمقتل 33 ألف من مواطنينا، لكل منهم حكايته، وروايته، وعائلته، وماضيه وحاضره، قبل أن يقصف الاحتلال الإسرائيلي وينسف مستقبله.

و أن على العالم بأجمعه أن يقف أمام هذا الحدث الجلل ليفكر في الـ 33 ألف مواطن فلسطيني ومعهم السبعة “البيض”، ولنقل الستة لأن من بينهم  سائق فلسطيني، ويعيد النظر بشكل فوري بما وصلت إليه درجة الاستهانة بروح الإنسان العربي، وكأنه من درجة أدنى .فإسرائيل تقتل  يومياً عشرات ومئات الفلسطينيين بدم بارد، أطفالاً ونساءً وشيوخاً أمام أعين العالم أجمع، دون أن يطالب أحد بالتحقيق مع إسرائيل، ولا بمحاسبتها على ما ترتكبه من إبادة جماعية واضحة المعالم والأركان. كل هذا يحدث والعالم يغط بلحظة صمت تاريخية ودولية.. بينما يصمت العالم الغربي على ما يرتكبه نظام كييف النازي الإجرامي، وما ترتكبه إسرائيل، وما تريده فرنسا وبريطانيا بالزج بقوات إلى أوكرانيا ليصبح “الناتو” وجهاً لوجه أمام روسيا.

لذلك فأن  القصف الوحشي والإجرامي المتعمّد يستهدف أي جهود دولية إنسانية تبذل لمساعدة أهل غزة على الصمود والتمسك بأرضهم. ويجب أن تخلّد أسماء الضحايا السبع الذين سقطوا من المطبخ المركزي الدولي، وتضاف إلى قائمة الشهداء التي تجاوزت 33 ألف من سكان القطاع. ولا شك أن هذه النتيجة المأساوية للإجرام الإسرائيلي العربيد تحتم استيقاظ المجتمع الدولي، وتطرح على المشهد الدولي ضرورة الوقف الفوري للقتال في غزة، وهي مطالبات يجب أن يتم تعزيزها بشكل واضح بالاستناد إلى مفتاح الحل لجوهر القضية بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

Facebook Comments

Comments are closed.