كشف المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء مظهر محمد صالح، اليوم السبت، عن تفاصيل برنامج الإصلاح الاقتصادي الأول في العراق وموعد انطلاقه، فيما أشار إلى وجود فرصة لجعل العراق مستقلاً عن التبعية النفطية.
وقال صالح، إن “للعراق فرصة تمتد لعشر سنوات قبل أن يدخل العالم ويتوغل في جذور الثورة الصناعية الرابعة وتبدأ بدائل الطاقة المتجددة المختلفة لتصبح كلف إنتاجها أقل من كلفة إنتاج النفط الخام (الثروة الناضبة التي ارتبط استخدامها بالثورة الصناعية الثانية ابان العصر الفكتوري وحتى الآن)”.
وأضاف أن “تحسن أسعار النفط في المستقبل المنظور، وتحقق مداخيل طيبة للبلاد، من الممكن أن يقلل من حالات العوز الشديد، وينعش بعض أوجه الاقتصاد، ولكن العراق ملزم بخطة تنمية عشرية تؤسس لتوظيف عوائد النفط في استثمارات تمتص قوى بشرية متنامية من دون ضياع فرص عمل مستقبلاً، آخذين بالاعتبار التأثير العنيف الذي قد ينجم عن الهدف المرسوم بالوصول الى نسبة صفر من الانبعاث الغازي بحلول العام 2050، وعلى وفق مصادر منظمة الطاقة الدولية”.
وأوضح أن “ذلك يعد بمثابة دعوة لعقد تنمية اقتصادية جديد ينفصل خلالها الاقتصاد تدريجياً عن هيمنة النفط لتحقيق الاستقلال عن التقلبات الريعية الخطيرة ،ويؤسس الى تنويع حقيقي للاقتصاد الوطني، وهكذا يأتي اختيار العام 2022، لانطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي الأول، ملبياً لمرحلة مابعد الانتخابات التشريعية وخطوة تأسيسية لإرساء معالم تطور اقتصادي متجدد للعراق”.
وبين صالح أن “حصة أوبك من إنتاج النفط سترتفع الى أكثر من نصف الإنتاج الكلي العالمي، حيث إن تجهيزات النفط والغاز ستقتصر على دول صغيرة أقل عدداً، وأن الدخل السنوي للفرد من مبيعات النفط قد يهبط بنسبة 75% تقريباً خلال العقدين القادمين”، مشدداً على أنه ” يجب أن يذهب كل دولار ريعي يزيد فوق الحاجات الاجتماعية والانسانية الملحة الى التشغيل المنتج والمولد للدخل”.
وأكد أن “أمام العراق فرصة عقد من الزمن تبدأ من الآن وحتى مطلع ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين الراهن في التحول نحو الاستثمار المنتج في ثلاثة مجالات متقدمة، أولها الزراعة الواسعة ذات المردود النقدي العالي مع تطوير مشاريع البنية التحتية المتعلقة بتنظيم المياه والري والصناعة الزراعية، أي تصنيع مدخلات الزراعة ومنتجاتها على نحو واسع، وثانيها الاستثمار المعدني والجيولوجي لتوفير رافعة تمويل إضافية ومساندة للنفط ،ولاسيما في الفوسفات والسليكون والكبريت وغيرها، وثالثها العمل على تغيير البنية التحتية الرقمية بشكل جذري لكل مناحي الحياة من دون أن نفقد عمود البلاد الفقري وهو الكهرباء والنقل الاستراتيجي”.
ونوه صالح الى “ضرورة هيكلة السوق الوطنية وإعادة تنظيم مؤسساتها، أي خلق (السوق المنظم) ليؤدي دور الشراكة بفائضاته المالية والتقنية والريادية في رسم وتنفيذ صورة العراق الاقتصادي المستقل عن التبعية النفطية ،ولاسيما في القطاعات الحقيقية الرئيسة والسياحة”.
ودعا إلى أن “تكون السنوات 2022- 2032 هي بمثابة عقد التنمية الأول للعراق بعد أربعة عقود من اللاشيء في أمة شابة بات نصف سكانها بين العمر 19 عاماً نزولاً، ما يعقد مشكلتي العمل والإعالة في الوقت نفسه ،وهو عنق الزجاجة الذي ينبغي الخروج منه”.