اعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن القمة المقرر انعقادها بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، في إيران الأسبوع المقبل، تسلط الضوء على “علاقة معقدة” بين الطرفين.
وذكرت الصحيفة، في تحليل إخباري لها، أنه عندما يلتقي الزعيمان في إيران، سيخوضان “في علاقة محفوفة بالمخاطر في بعض الأحيان، ولكنها أيضًا علاقة تكافلية تعقدت بسبب الحرب في أوكرانيا”.
وقالت الصحيفة إنه “بالنسبة لبوتين، ستوفر القمة فرصة لجلب دعم عسكري واقتصادي ملحّ، في وقت تسعى موسكو فيه لمواجهة المساعدة العسكرية الغربية لأوكرانيا والعقوبات التي يفرضها الغرب على روسيا”.
وأضافت أنه “بالنسبة لتركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، يمثل الاجتماع فرصة لإبراز نفوذها كقوة إقليمية، بينما تحاول التوسط بين روسيا وأوكرانيا والانخراط في عملية توازن حساسة وقابلة للاشتعال بين روسيا والغرب”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “قمة إيران الثلاثية، التي ستتضمن محادثات حول سوريا، قد تشهد تعقيدًا بسبب حقيقة أن روسيا وتركيا كانتا على طرفي نقيض من الحرب في سوريا منذ تدخل موسكو في القتال هناك عام 2015، حيث تدعم روسيا القوات الحكومية، وتدعم تركيا الفصائل المسلحة المتطرفة”.
وقالت الصحيفة: “في الفترة التي سبقت الحرب في أوكرانيا، أخطأ أردوغان في قراءة الموقف في البداية، وعرض نفسه للنقد في الداخل لعدم إجلاء المواطنين الأتراك بالسرعة الكافية ولإساءة تقدير نوايا بوتين، لكن أردوغان، الذي تشترك بلاده في ساحل البحر الأسود مع كل من روسيا وأوكرانيا، اعتبر منذ ذلك الحين نفسه وبلاده الوسيط الأكثر انخراطًا بين بوتين ونظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي”.
وأضافت: “بالإضافة للعمل خلف الكواليس لمحاولة إنهاء الحرب، تحاول تركيا أيضًا التفاوض على إنهاء حصار روسيا لأكثر من 20 مليون طن من صادرات الحبوب الأوكرانية، الذي أدى إلى تضخيم أزمة الغذاء العالمية”.
وتابعت: “لطالما كانت تركيا عضوًا مثيرًا للسخط بين دول الناتو، ولا يمكن التنبؤ به في الحلف.. لقد رسمت مسارها الخاص في سوريا، واشترت أسلحة روسية مضادة للطائرات رغم اعتراضات الناتو الشديدة.. وفي السنوات الأخيرة، سعى بوتين إلى دعم أردوغان على أمل إثارة الانقسامات داخل الناتو”.
وأردفت: “سعى أردوغان لاستخدام نفوذ قيادة أحد أكبر جيوش الناتو لمحاولة الحصول على تنازلات من الغرب. لقد منع السويد وفنلندا مؤقتًا من الانضمام إلى الحلف مقابل مجموعة من الإجراءات والوعود بأن تلك الدول ستعمل ضد الأكراد الذين تعتبرهم تركيا إرهابيين”.
ورأت الصحيفة الأمريكية أنه “من خلال الاجتماع مع بوتين وقادة إيران، التي هي مناهضة بشدة لإسرائيل وتقوم بتخصيب اليورانيوم بسرعة، يمكن لأردوغان مرة أخرى إثارة التوتر بين حلفائه في الناتو، ولا سيما الولايات المتحدة”.
وقالت الصحيفة: “رغم الجهود المتبادلة بين روسيا وتركيا لتنمية علاقتهما، كان الوضع معقدًا في بعض الأحيان. وجد الزعيمان نفسيهما في السنوات الأخيرة على طرفي نقيض من النزاعات في أذربيجان وليبيا وسوريا. ومنذ عام 2020، وسع الجيش الروسي وجوده في منطقة القوقاز”.
وأضافت: “كما أثار أردوغان غضب روسيا من خلال بيع طائرات مسيرة تركية الصنع إلى أوكرانيا، واستخدم بعضها لضرب القوافل المدرعة الروسية.. لكن مهما كانت خلافاتهما، يمكن للزعيمين أن يبدوا وكأنهما مرآة للآخر”.
وتابعت: “مارس كلاهما نفوذًا غير عادي على بلديهما لعقود.. كلاهما لديه القدرة على إسكات المعارضة.. كلاهما حريص على إبراز القوة دوليًا”.