تحولت الحرب في أوكرانيا إلى استنزاف، وهي تكاد تكمل شهرها السادس، وتسببت بضغوط كبيرة على الاقتصاد العالمي لكن بشكل أكبر على اقتصادات موسكو وكييف، اللتين وجهتا موارد هائلة للنزاع.
وفيما تستخدم روسيا أسلحة مصنعة محليا في الغالب، إلا أن كثافة وحجم الصراع أثقلا بشكل كبير قطاع صناعاتها العسكرية، كما يقول تحليل نشرته مجلة foreign Affairs التي أشارت إلى أن الحرب “أثرت على قدرة روسيا على توريد الأسلحة للخارج، وخاصة إلى الشرق الأوسط”.
ويضيف التحليل إن الجيش الروسي خسر ما يصل إلى 80 ألف ضحية، وفقا لتقديرات البنتاغون، وفقد مئات الطائرات والدبابات والعربات المدرعة.
ولطالما تنافست موسكو مع الولايات المتحدة وأوروبا كمورد رئيسي للأسلحة المتقدمة وقطع الغيار للحكومات العربية. لكن الحرب في أوكرانيا قد تقلل من قدرتها على تسليم هذه السلع بشكل موثوق به للسنوات القليلة المقبلة وربما لفترة أطول، وفقا للمجلة.
تعتبر الولايات المتحدة مبيعات الأسلحة الروسية محركا للصراع في المنطقة، وأداة لبسط موسكو نفوذها السياسي والعسكري. ووفقا لهذا المنطق ، فإن انخفاض مبيعات الأسلحة الروسية قد يعني نفوذا عسكريا أقل لموسكو واستقرارا إقليميا أكبر
ويشير التحليل إلى أن إدارة بايدن مطالبة “بعدم التسرع في سد أي فجوة حقيقية أو متوقعة خلفها انخفاض مبيعات الأسلحة الروسية، حتى لو كانت الدول الأخرى ستحصل على حصة أكبر من السوق”.
وتنتشر الأسلحة الروسية في دول المنطقة، حتى المتصارعة منها، مثل السعودية والإمارات من جهة وإيران من جهة أخرى، وعزز هذا دور موسكو كلاعب رئيس في المنطقة، وفقا للمجلة، حيث حصلت على حقوق قواعد وموانئ وانتشار عسكري وتنقيب عن النفط في سوريا وليبيا.
ومنذ عام 2012، شكلت روسيا ما يقرب من 16 في المئة من جميع مبيعات الأسلحة إلى دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
وكان أكبر عملائها الإقليميين على مدى السنوات الخمس الماضية الجزائر (التي تشتري 70 في المئة من وارداتها من الأسلحة من روسيا)، ومصر، والعراق.
وينجذب المشترون في الشرق الأوسط إلى السلع العسكرية الروسية بسبب تكلفتها المنخفضة واستعداد موسكو لبيعها لأي شخص يمكنه الدفع.
وبدأت مبيعات الأسلحة الروسية إلى الشرق الأوسط في الانخفاض حتى قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، حيث انخفضت إلى 10 في المئة فقط من المبيعات في المنطقة بين عامي 2019 و 2021، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
وفي الوقت نفسه، يعتقد مسؤولو الدفاع والاستخبارات الأميركيون أن روسيا ستكافح من أجل تسليم الأسلحة في الوقت المحدد إلى دول في أفريقيا، بما في ذلك الحكومات العربية مثل الجزائر ومصر.
ولن تخسر موسكو الإيرادات التي تشتد الحاجة إليها إذا لم تتمكن من تلبية الطلب الشرق أوسطي على الأسلحة فحسب، بل إن قدرتها على ممارسة النفوذ السياسي في المنطقة يمكن أن تتضاءل دون مبيعات الأسلحة وفقا للمجلة.
وتقول المجلة إن أي تآكل في مكانة موسكو التي كانت بارزة ذات يوم كبائع للأسلحة يمكن أن يكون له آثار غير متوقعة في منطقة معرضة للصراع وغارقة في الأسلحة ومتعطشة للمزيد.
ومن شأن هذا التغيير أن يخلق فرصا ومخاطر للولايات المتحدة، وكلاهما سيتطلب استجابة محسوبة.