“هوس” الحمية الغذائية.. طرق يستخدمها العراقيون لخسارة الوزن تهدد صحتهم

يسعى الكثير من العراقيين إلى خسارة الوزن الزائد عبر حميات غذائية مختلفة، بعضها يعتمد على العقاقير، والآخر على تناول اغذية معينة، وغيرها من الحميات التي تتنافس في سرعتها على انقاص الوزن، وسط تحذيرات من اتباع طرق معينة دون استشارة طبيب مختص، خاصة أولئك الذين يعانون من الأمراض.

وتعرف السمنة علمياً بأنها تراكم كميات كبيرة من الدهون في الجسم؛ ما يؤدي إلى زيادة في الوزن لا تتوافق مع طول وعمر الشخص، ويصبح الشخص بديناً إذا زاد وزنه بنسبة 20% الوزن الاعتيادي، وهي أكبر من كونها مشكلة تخص جمال الشكل والهيئة، إذ تعتبر بيئة خصبة للعديد من الأمراض والمشاكل الصحية.

السمنة تتغلب على الرشاقة في العراق

وبحسب تقرير لوزارة الصحة العراقية صدر عام 2019، فقد بلغ عدد الذين يعانون من البدانة وزيادة الوزن ما يقارب 29 مليون، 60% منهم مصابون بمرض السكري، و9% منهم يعانون من ارتفاع نسبة الكوليسترول والدهون في الدم، وجميعها تؤدي إلى خطر الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.

ونتيجة لذلك يتم اللجوء إلى الحميات الغذائية لخسارة الوزن، حتى أصبح ما يعرف بـ”هوس” الحميات الغذائية رائجا في المجتمع العراقي، ويعني ذلك تطبيق حميات غذائية تؤدي إلى خسارة الوزن بشكل سريع، بغض النظر عن الأضرار الصحية الناجمة عن هذا الأمر.

وفي هذا الشأن تقول أخصائية التغذية، الدكتورة غصون طالب، إن “خسارة الوزن سريعا، هي ما يرغب به أغلب الناس، لكن له تبعات واضرار على الجسم، وقد تؤدي إلى حالات مرضية، بعضها لا يمكن علاجها”.

وتضيف طالب، لوكالة شفق نيوز، أن “هناك أنواعاً مختلفة من الحميات الغذائية المدرجة في كتب التغذية، لكن ليس جميعها حاصل على موافقة منظمة الغذاء والدواء الأمريكية، وكذلك هناك العديد من العقاقير سواء حبوب أو حقن أو كبسولات لخسارة الوزن بشكل سريع، لكنها أيضا لم تحصل على موافقة المنظمة المذكورة”.

ومنظمة الغذاء والدواء الأمريكية هي وكالة تابعة لوزارة الصحة الأمريكية، مسؤولة عن حماية وتعزيز الصحة العامة من خلال التنظيم والإشراف على سلامة الغذاء والدواء.

وتوضح الطبيبة الاستشارية، كما أن “وسائط التواصل الاجتماعي أدت دورا كبيرا في الترويج لأنواع هذه الحميات والعقاقير، وعلى الرغم من فقدان بعضها الرخص العلمية لاستخدامها، الا أنها تنتشر سريعا بين المواطنين بسبب الترويج لها على مواقع السوشيال ميديا باستخدام شخصيات معروفة، كأن يكونوا فنانين أو شخصيات لديهم متابعون كثيرون”.

هوس الحميات الغذائية

وتذكر طالب، أن “هناك أنواعا كثيرة من الحميات، منها ما يعتمد على زيادة نسبة الدهون بصورة كبيرة، وبعضها يعتمد على زيادة نسبة البروتين، وأخرى تعتمد على تناول الخضار فقط، أو التي تقتصر على تناول السوائل، أو تلك التي تقلل السعرات الحرارية (أي تناول جميع أنواع الطعام، لكن تقلل السعرات بصورة عامة)، كذلك هناك حمية تعتمد على تناول الاغذية التي تلائم فصيلة دم الشخص، وهناك حمية البحر المتوسط، وغيرها من الحميات”.

وتنبه أخصائية التغذية “لكن أغلبها يستخدم لحالات صحية معينة، وذلك عبر فترات محددة لأغراض علاجية، ومثال على ذلك حمية (الكيتو) التي تعتمد على زيادة نسبة الدهون وتناول كمية قليلة من الكربوهيدرات تصل إلى 5% فقط، وتناول نسبة متوسطة من البروتينات”.

وتوضح، أن “هذه الحمية، هي حمية علمية ومطبقة، لكنها وجدت في الأصل لأغراض علاجية، مثل علاج التشنجات أو الصرع عند الأطفال، فهذه الحمية تؤدي إلى خسارة الوزن بشكل سريع، لكنها لا تنفع جميع الناس، ولا يمكن الاستمرار عليها، حيث تؤدي إلى فقدان الكثير من المغذيات والمعادن والفيتامينات، كما يمكن أن تتأثر في ذلك الكتلة العظمية وغيرها من الأمور”.

توصيات منظمة الصحة العالمية

وتشير الطبيبة الاستشارية، إلى أن “منظمة الصحة العالمية أصدرت توصيات للمحافظة على الوزن الصحي، أولا من خلال الحفاظ على توازن الطاقة، أي يجب أن توازن بين ما يدخل من طاقة إلى الجسم، وما يخرج من خلال الحركة والفعاليات اليومية”.

وبينت أن “المحافظة على الوزن الصحي لا يعني بالضرورة الوصول إلى الوزن المثالي، وإنما يكفي أن يكون الوزن صحيا، وهذا المقياس يحدده أخصائي التغذية”.

ومن توصيات منظمة الصحة العالمية، تناول الفواكه والخضار والحبوب الكاملة والمكسرات، والحد من تناول السكريات البسيطة والحلويات والملح، وتقليل الدهون بصورة عامة، وعدم تناول الدهون المتحولة التي هي سبب رئيسي لأمراض القلب والسرطانات، وفقاً لطالب.

وتكمل “ومن التوصيات أيضا، اتباع نظام غذائي صحي طويل المدى، فعند عمل حمية لخسارة الوزن، يجب أن تكون هذه الحمية أسلوب حياة جديدة يمكن الاستمرار عليها، حتى يتم المحافظة على خسارة الوزن بعد تحقيقه، وذلك باعتماد نظام غذائي متوازن، وهذا يكون عبر عوامل عدة، أولها التركيز على التنوع في الطعام بشكل متوازن”.

وتضيف “أما العامل الثاني فهو يتمثل بالكثافة الغذائية في الطعام، مثلا تناول قطعة من فاكهة وفي المقابل تناول قطعة من الحلويات، فمن ناحية الوزن هي بالمقدار نفسه، لكن من ناحية الكثافة الغذائية، قطعة الفاكهة هي الرابحة، لذلك يجب تحديد كميات الطعام بحسب ما يحتاجه الجسم والطاقة التي يتم صرفها”.

الغذاء والعمر

وتقول استشارية التغذية “الانسان كلما تقدم في العمر تقل عمليات الأيض وحرق الدهون في جسمه، وأيضا تقليل السعرات من السكر المضاف والدهون المشبعة والملح المضاف، فهذه توصيات يمكن اتباعها للوصول إلى وزن صحي”.

وعن استخدام المنحفات والعقاقير الخاصة بخسارة الوزن، شددت طالب على أن “تكون بإشراف طبيب مختص أو أخصائي تغذية لتجنب الاعراض الجانبية، ويكون صرف العلاج – اذا احتاجه الشخص – مع الحمية الغذائية والرياضة”.

ونبهت بالقول إن “أغلب المنحفات التي تؤدي إلى منع أو كبح الشهية غير علمية، وغير مصرّح بها عالميا، لأن فيها اضرار على الجهاز العصبي والقلب، وقد تؤدي إلى جلطة دماغية أوسكتة قلبية، وغيرها من المضاعفات”.

وليس كل أنواع المرضى يناسبهم نظام غذائي محدد، وفق أخصائية التغذية، وتقول “يمكن للأشخاص الاصحاء والذين لا يعانون من أمراض، تطبيق نظام غذائي عام، يعتمد على التنوع والكثافة الغذائية والكمية وتقليل السعرات من السكر والدهون المشبعة وغيرها”.

وتضيف طالب “لكن هناك فئات يعانون من أمراض، كالسكري والقلب والغدة الدرقية والأورام والسرطانات والكلى والكبد وغيرها، فهؤلاء بحاجة إلى أنواع معينة من الحميات الغذائية، التي قد تزداد فيها البروتينات وتُقلل نسبة الدهون أو بالعكس، أو يتم زيادة الكربوهيدرات ونوعها أو بالعكس، لذا يجب التعامل بحذر مع هذه الفئات من الأشخاص، وعلى سبيل المثال مرضى الكلى لا يستطيعون تناول البروتينات الحيوانية مثل الأشخاص الأصحاء، بل تُحدد لهم كمية من البروتينات التي يتناولونها، وهذا يقع على عاتق اخصائي التغذية الذي يقوم بتحديد تلك الكميات، لذا انبه الأشخاص إلى أهمية الاعتماد على استشارات المختصين وأصحاب الخبرة، ولا يتبعون الحميات التي يسمعونها من هنا وهناك، أو التي يطبقها أشخاص آخرون”.

مقالات ذات صلة