“ربات البيوت” القوة الضاربة في انتخابات تركيا

سلط موقع “ميدل آيست آي” البريطاني الضوء على قوة انتخابية صامتة قد تصبح هي “صانعة الملوك” في الانتخابات التركية الأحد المقبل، وهي شريحة النساء من “ربات البيوت” المقدر عددهن بنحو 11 مليون سيدة يحق لهن التصويت، ويبدو أن ميولهن هي نحو أفكار حزب العدالة والتنمية الحاكم، وليس الى الاحزاب الاخرى المعارضة.

وذكر التقرير البريطاني، بترجمة وكالة شفق نيوز، إنه من بين 64 مليون مواطن مسجل مؤهلين للتصويت في الانتخابات في 14 مايو/أيار، هناك ما يقرب من 11 مليون ربة منزل، وقد تتحول هذه الشريحة الاجتماعية الصامتة وغير الظاهرة، إلى أداء دور “صانع الملوك” في الانتخابات التي تشهد تقاربا كبيرا بين المتنافسين، بحسب استطلاعات الراي الاخيرة.

واوضح التقرير ان كلاً من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمرشح الرئاسي المشترك للمعارضة كمال كيليجدار اوغلو مدركان لهذا الامر وتعهدا بسياسات تستهدف تأمين اصواتهن، حيث وعد حزب العدالة والتنمية الحاكم في بيانه الانتخابي بأن تستفيد ربات البيوت من المعاشات التي تقدمها الدولة، تماما مثل الموظفين العاملين.

وبحسب بيان حزب العدالة والتنمية، فإن “الدولة ستعوض ثلث التزامات المعاش التقاعدي”، وانه سيتم النظر الى ربات البيوت بنفس الطريقة التي يجري النظر فيها الى العمال الذين يقومون بالأعمال الشاقة.

وفي المقابل، فإن كيليجدار اوغلو اعلن في مقطع فيديو انه سيقدم تأمين دعم الاسرة، والذي سيوفر المساعدة الاجتماعية للعائلات التي ليس لديها دخل او تكسب أقل من الحد الأدنى للأجور، كما سيتم فتح حسابات في بنوك تعمل بدون تطبيق او توزيع فوائد لربات البيوت حيث وستودع أموال التأمين في حساباتهم بعملة الذهب، مشيرا إلى أنه يدرك أن معظم ربات البيوت متدينات، وبالتالي ستكون رغبتهن في الحصول على حساباتهن في البنوك التي لا تقدم الفوائد المحظورة في الإسلام.

 وبرغم ذلك، أقر اوغوز كان ساليسي، نائب كيليجدار اوغلو، ان حزب الشعب الجمهوري لم يحقق النجاح حتى الآن كما ينبغي أن يكون، مضيفا “ما زلنا غير قادرين على إقناع معظم ربات البيوت، الا اننا مستمرون بجهودنا”.

الا ان التقرير اشار الى المهمة الصعبة أمام المعارضة، اذ انه في الانتخابات الماضية، كانت غالبية ربات البيوت يفضلن أردوغان وحزبه العدالة والتنمية. فبحسب استطلاع رأي أجرته مؤسسة “ايبسوس التركية” خلال انتخابات 2018،

كان أردوغان هو الخيار الاول بين ربات البيوت.

وبحسب شركة “كوندا للأبحاث والاستشارات”، فانه في الانتخابات الرئاسية السابقة، صوت اكثر من نصف ربات البيوت لصالح أردوغان، بينما صوت 11% فقط لصالح حزب الشعب الجمهوري.

وبهدف التأكيد على أهمية الأسرة التقليدية، فإن أردوغان عارض بقوة الاجهاض والطلاق وتنامي حركة “مجتمع الميم”.

واشار التقرير الى ان تركيا كانت انسحبت في العام 2021، من اتفاقية اسطنبول، وهي معاهدة دولية لمنع العنف ضد المرأة، باعتبار أنها قد تلحق الضرر ببنية الاسرة. وبالإضافة الى ذلك، برزت دعوات من الحكومة وحلفائها المحافظين لإجراء تغييرات على قانون يوفر الحماية للمرأة من العنف المنزلي، ومع ذلك فإنه يبدو أن اردوغان يظل خيار ربات البيوت.

ونقل التقرير عن فريدي جور (55 عاما)، وهي ربة منزل وام لطفلين قولها إنها لن تغير ولائها السياسي على الرغم من الازمة المالية المستمرة في تركيا والتي أدت الى انخفاض قيمة الليرة وارتفاع التضخم، موضحة “لا أحد يتوقع مني التصويت لصالح حزب الشعب الجمهوري على الرغم من حقيقة أننا نتعامل مع الصعوبات الاقتصادية”.

واستعادت جور ما جرى معها عندما ذهبت لتسجل ابنتها في الجامعة في العام 2006، حيث منعها رجال الامن من الدخول لأنها محجبة، وهو وضع تحمل مسؤوليته لحزب الشعب الجمهوري. وتقول “الان، من يستطيع ان يضمن انهم لن يعودوا الى سياساتهم الأساسية؟”.

لكن التقرير اعتبر ان هذا الدعم القوي لأردوغان لا يتعلق فقط برفع الحظر المفروض على الحجاب منذ عقود، وإنما هو مرتبط بالخدمات الاجتماعية، حيث أن حزب العدالة والتنمية قدم العديد من برامج المساعدة الاجتماعية التي تستهدف بشكل خاص النساء غير العاملات، بالاضافة الى تقديم دعم مالي تتعلق بالاطفال ورواتب لمن يوفرون الرعاية لكبار السن.

ونقل التقرير عن الباحثة في جامعة بوغازيتشي فايزة اكينيردم، قولها “أن أي سياسة مفيدة في ميادين الصحة ورعاية الاطفال ورعاية المسنين او التعليم، تستقطب اصوات ربات البيوت”، مضيفة أن النساء يتحملن عبء الصحة والتعليم لافراد الاسرة”. واوضح الباحثة التركية ان ربات البيوت “لا تهمهن المفاهيم والخلافات السياسية، وهن ينظرن الى ما يمس حياتهم اليومية”.

واعربت ربة البيت بيتول يوريكلي، وهي ام لابنتين، عن تحفظاتها إزاء حزب الشعب الجمهوري بسبب دعمه سابقا لحظر الحجاب، وهو الموقف الذي غير الحزب موقفه منه في العام الماضي فقط. ونقل التقرير عن يوريكلي قولها “لم افكر ابدا في الالتحاق بالجامعة لانني لن اخلع حجابي. لكنني اعلم انه في حال بقي أردوغان في السلطة، فان ابنتي، اللواتي تتراوح اعمارهن بين 4 و 7 سنوات، سيكون بامكانهن الذهاب الى المدرسة الثانوية والثانوية والجامعة بحجابهما”.

 ونقل التقرير عن يوريكلي قولها ان حزب العدالة والتنمية ينظم على سبيل المثال، “رحلات مجانية الى المراكز الروحية في مدينتنا اسطنبول، كما يمكننا ان نطلب من البلدية منحنا غرفة في المباني المملوكة للبلدية لاجراء الاحتفالات الدينية مثل تلاوة القرآن يوم الجمعة، او يمكن لأحد الجيران الاتصال بمكتب الخدمة في بلدية الفاتح التي يديرها حزب العدالة والتنمية لمساعدتها في اصطحاب والدها إلى مركز غسيل الكلى”.

كما نقل التقرير عن الباحثة اكينيردم قولها ان وعود حزب الشعب الجمهوري قد تفشل في اقناع ربات البيوت لانهن “يشعرن بالراحة في حياتهن الحالية”، مضيفة “انهن يشعرن بالانتماء الى المكون الاجتماعي الذي يمثله حزب العدالة والتنمية وليس حزب الشعب الجمهوري، فحزب الشعب حزب ليس مثلنا. نحن أناس متدينون، نلتزم بتقاليدنا وعائلتنا”.

وحول الأزمة الاقتصادية، قالت اكينيردم ان ربات البيوت يشعرن بخيبة امل بسبب تناقص قوتهن الشرائية، لكنهن برغم ذلك، يعتبرن ان المشاكل الاقتصادية لا تغير بشكل اساسي خيارهم السياسي ما لم يتضررن بشكل مباشر من الفساد او الظلم. 

مقالات ذات صلة