أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، السبت، ان أبواب الحكومة مفتوحةٌ أمامَ كلِّ أفكارِ ومقترحات الشباب، فيما شدد على ضرورة النهوضَ بالقطاعِ الخاص.
وفي ما يلي نص كلمة رئيس الوزراء:
يُسعدُني كثيراً أن ألتقيكم في هذا اليومِ المميزِ الذي تلوّنَ وأزهرَ بحضورِكم فيه، هذا اليومُ الذي تنبعثُ منه طاقةُ الأملِ والتفاؤلِ بشبابِ العراقِ الذين يمثلون حاضرَ ومستقبلَ وطنِنا الحبيب، وأباركُ لكم جهودَكم في عقدِ هذا المؤتمرِ الذي يمثلُ خلاصةَ أفكارٍ شبابيةٍ لفريقٍ مثابرٍ من الشباب، عملَ طيلةَ شهرينِ متتاليينِ على بلورةِ مقترحاتٍ شاركَ فيها أبناؤنا من خمسَ عشرةَ محافظة.
وإنَّهُ من فضلِ اللهِ علينا وكرمهِ أنَّ العراقَ يُصنفُ من بينِ الدولِ الشابةِ في العالم، إذ تشيرُ الإحصائياتُ إلى أنَّ أكثرَ من ستينَ بالمئةِ من شعبِ العراقِ هم دونَ الخمسةِ والعشرينَ عاماً، بما يجعلهُ واحداً من أكثرِ الشعوبِ شباباً، وهذا بلاشك، يدفعُنا لأنْ نطمئنَّ على مستقبلِنا الذي سيكونُ بين أيديكم؛ لأنَّ الكثيرَ من الدول، بما فيها الدولُ الأكثرُ تقدماً وتحضراً، تعاني اليومَ من مشكلةِ شيخوخةِ مجتمعاتِها، لذلك، فبلدُكم اليومَ محظوظٌ بطاقاتِكم وعقولِكم اللامعة، هذه العقولُ التي أثبتت جدارتَها سواءٌ داخلَ البلدَ أم خارجه، فمؤشراتُ ابتعاثِ الطلبةِ في الجامعاتِ الأجنبيةِ المتقدمة، تؤكدُ أنَّ الطالبَ العراقيَّ يحصلُ دوماً على أعلى المراتب، ويتميزُ عن باقي أقرانهِ بالاجتهادِ والتفوق.
ورغمَ كلِّ ما يتمتعُ بهِ شبابُنا من طاقاتٍ عظيمة، لكنَّ ما يُؤسفُ له، أنَّ البلدَ كانَ يفتقدُ للبرامجِ الحقيقيةِ الناضجةِ والواضحةِ الأهدافِ في توظيفِ طاقاتِ الشبابِ بالاتجاهِ الصحيح، بل أكثرُ من هذا، فإنَّ شبابَنا تعرضوا لظلمٍ كبيرٍ لم يتعرضْ له غيرُهم؛ ففي زمنِ النظامِ الدكتاتوري، فقدَ العراقُ الكثيرَ من أبنائهِ الشبابِ في الحروبِ العبثية، ثم لاحقاً بعدَ تعرضِ البلدُ للحصار، هاجرَ الكثيرُ من شبابِنا بحثاً عنِ الكرامةِ والحريةِ والعيشِ المحترم، لنفقدَ بهذا طاقاتٍ عظيمةً احتضنتها دولُ المهجر.
وبعد تغيير النظام، وغادرت الدولةِ النمطِ العدائي الذي سارت عليهِ طوالَ مدةِ حكمِ الدكتاتورية، ومع الانفتاحِ على العالم، ظلتِ الفلسفةُ الإداريةُ التقليديةُ الموروثةُ من الأنظمةِ السابقةِ هي المتحكمةُ بالخططِ العامةِ للدولة، إذ كانت هذه الفلسفةُ تقومُ على فكرةِ التوظيفِ الحكومي، وتتجاهلُ التثقيفَ والتشجيعَ على العملِ في القطاعِ الخاصِ الذي يمثلُ في جميعَ البلدانِ المتقدمةِ اليومَ الركنَ الأساسَ في إدارةِ الاقتصاد، بل إن الكثيرَ من الدولِ النفطيةِ التي تتشابهُ معنا في الاقتصادِ الريعي، أحسّت بخطورةِ الاعتمادِ على فكرةِ النمطِ الاقتصادي الأحادي، واتجهت نحوَ فتحِ آفاقِ استثمارِ خبراتِ وطاقاتِ وإبداعاتِ وابتكاراتِ الشبابِ في القطاعِ الخاص؛ لأنَّ الدولَ التي تعتمدُ على هذا النمطِ من التفكيرِ الإداري سيكونُ مصيرُها الفشل، وتبقى رهينةً بيدِ تقلباتِ السوقِ الذي تعتمدُ عليهِ في سلعتِها الأحادية، ونحنُ قد رأينا كيفَ أنّ ارتباكَ أسعارِ النفطِ وانخفاضِها قبل سنواتٍ قريبةٍ قد جعلنا نتلكأَ حتى في دفعِ مرتباتِ الموظفين، فضلاً عن توقفِ معظمِ المشاريعِ الخدمية؛ لهذا فالمطلوبُ من الشبابِ أنْ يتشجعوا ولا يترددوا في الدخولِ للعملِ في القطاعِ الخاص، سواءٌ أكانوا مستثمرينَ أم موظفينَ بخبراتِهم، أم عاملين.
فحكومتُنا الحاليةُ وضعت نَصبَ عينِها، منذُ بدايةِ عملِها، النهوضَ بالقطاعِ الخاصِ لِتوفِّرَ لهُ كلَّ سبلِ النجاح، فضلاً عن إقرارِ قانونِ الضمانِ الاجتماعي الذي ساوى في التعاملِ بين العاملين في القطاعِ الخاصِ مع العاملين في القطاعِ الحكومي.
بالإضافةِ الى هذا، فإننا أطلقنا العديدَ من المبادراتِ الخاصةِ بالشبابِ من أجلِ دفعِهم للدخولِ كمستثمرينَ ومبتكرينَ للأفكار، ومنها مبادرةُ (ريادة) التي وصلت إلى مراحلَ متقدمةٍ في التسجيلِ عليها، من قبلِ شبابِنا الواعدين والتدريب، فضلاً عن رفعِ رؤوسِ أموالِ المصارفِ الخاصةِ بالمشروعاتِ المدرة.
وبلا شكٍّ نحن ننتظرُ منكم أن تتقدموا نحوَ هذه الفرصِ المهمة، واضعين نَصبَ أعينِكم أنَّ العراقَ ينتظرُ منكم أن تتكاتفوا جميعاً بما تمتلكونهُ من روحٍ وطنيةٍ تستثمرونها لتكونَ طاقتَكم الخلاقةَ في بناءِ العراق؛ فأنتمُ العنصرُ الأساسُ الذي نعتمدُ عليهِ في بناءِ مستقبلِنا، لأنكم ستحملون الرايةَ بعدنا لقيادةِ البلدِ سياسياً واقتصادياً، وإننا لنْ نفرطَ بأيةِ خطةٍ أو برنامجَ لتمكينِكم، وهذا ما وضعنا لهُ الكثيرَ من الأساساتِ في برنامجِنا الحكومي، الذي يمثلُ الشباب، ورعايتُهم فيه واحدةٌ من أهمِّ الأولوياتِ التي نرجو أن نحصدَ ثمارَها قريباً، وإنَّ أبوابَنا مفتوحةٌ أمامَ كلِّ أفكارِكم ومقترحاتِكم، وستجدون مني اهتماماً شخصياً بكلِّ ما تقدمونهُ منها، لأنكمُ الاستثمارُ الأهمَّ الذي إن مهّدنا لهُ كلَّ أسبابِ النجاحِ سيكونُ الربحُ فيه مضموناً؛ فلا تترددوا أبداً، لأنكم مسؤوليتُنا، وستجدُ أفكارُكم ومقترحاتُكم طريقَها إلى التنفيذِ ما دمنا نجدُ فيها ما يدفعُ باتجاهِ تطبيقها؛ فنحن نعولُ عليكم في ارتقاءِ وسموِّ بلدِنا.
في ختامِ حديثي هذا، فإنني هنا أودُّ أنْ أنبهَ جميعَ أبنائي الشبابِ أنْ يحافظوا على أنفسِهم وذواتِهم من المخاطرِ التي باتت تهددُ، ليس مجتمعَنا فحسب، بل جميعُ المجتمعات، منَ الانحرافاتِ الفكريةِ أو من الآفاتِ والسمومِ الخطيرة، كالمخدراتِ وغيرِها، التي صارت تأتي بعناوينَ شتى؛ لأنّ الذهابَ في هذا الطريقِ سيجعلُنا نفقدُ أهمَّ شريحةٍ في المجتمع، فضلاً عنِ الآثارِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ الخطيرةِ لها، فأنفسُكم وأهلُكم ووطنُكم أولى بكم.