دائما ما تفرز لنا كرة القدم ما يصعب تصديقه، وما لم يخطر على العقول، وكان أشبه بالخيال، فمن كان يتصور أن يحقق الألماني توماس توخيل لقبه الأول في دوري أبطال أوروبا، بعد إقالته من باريس سان جيرمان ب6 أشهر فقط؟
فربما يقول الكثيرون إن زمن المعجزات قد ولى، ولكن رغم ذلك فإن معجزات كرة القدم تتوالى وتستمر، وما يجعلها أكثر إثارة حينما تتحقق عبر سيناريوهات درامية لا يمكن أن تتصورها العقول.
وعبر الخطط البديلة، لطالما تحققت بطولات وإنجازات مدهشة وغير متوقعة، حينما يفكر من حققها أو كان جزءا منها، قد يقول لنفسه متعجبا: “ربما لم تكن تتحقق هذه المعجزات من خلال الخطط الأساسية!”.. لذلك تركت لنا “الخطة ب” دائما القصص والنوادر ليحكيها ويتحاكى بها عشاق الساحرة المستديرة.
ومن أجمل وأغرب قصص المستطيل الأخضر، التي تحققت عبر خطة بديلة، كانت رحلة توخيل نحو لقب دوري أبطال أوروبا في موسم 2020/ 2021 مع تشيلسي، والتي كان عمرها 5 أشهر فقط.
البداية في باريس
بدأت أولى فصول القصة في 29 ديسمبر/ كانون الأول، حينما أعلن باريس سان جيرمان إقالة توخيل من تدريب الفريق، وذكر النادي في بيان :”بعد التحليل العميق للوضع الرياضي، قرر باريس سان جيرمان فسخ عقد توماس توخيل”.
وجاءت إقالة توخيل رغم تحقيق المدرب لنتائج جيدة مع الفريق الباريسي، وبعد أقل من 7 أشهر من قيادة مبابي وزملائه لنهائي دوري أبطال أوروبا في الموم السابق، وخسارة اللقب أمام بايرن ميونخ.
ولكن تصاعد الخلافات بين توخيل وإدارة النادي، وتحديدا مع المدير الرياضي البرازيلي ليوناردو، قادت الطرفان إلى قرار فسخ التعاقد، خاصة بعدما صرح الألماني للصحافة بشكل واضح، بأنه متفاجئ من حجم التوقعات الكثيرة والكبيرة في النادي والبيئة المحيطة.
لامبارد يفتح المجال
وبعد أقل شهر من إقالة توخيل، جاءت إقالة أخرى ولكن في لندن هذه المرة، حينما أعلن نادي تشيلسي الإنجليزي، أن المدرب فرانك لامبارد لن يستمر في منصبه، بعد سلسلة من النتائج السيئة للفريق.
ورغم فوز الفريق على لوتون تاون في كأس الاتحاد الإنجليزي، فإن الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش، مالك تشيلسي السابق، قال إن النادي اتخذ هذا القرار الصعب بسبب الظروف الحالية التي تحتم على الفريق تغيير المدرب.
وعانى لامبارد من تذبذب كبير في المستوى مع تشيلسي، وتعرض الفريق لسلسلة من الهزائم والنتائج السلبية، أدت إلى تراجعه للمركز التاسع بالدوري الإنجليزي الممتاز، وكان من ضمن أبرز أسباب رحيله فشله في إخراج أفضل أداء من نجمي الفريق الجدد، الألمانيين تيمو فيرنر وكاي هافيتز.
رحلة ذات الأذنين
وكانت “الخطة ب” لدى أبراموفيتش هي التعاقد مع مدرب ألماني، ليجيد التعامل مع هافيرتز وفيرنر، ولذلك لم يتردد النادي في التعاقد مع أفضل مدرب ألماني متاح في السوق ولا يعمل مع أي ناد، وهو بالتأكيد توماس توخيل.
وبالفعل كانت 5 أشهر فقط كافية ليحقق توخيل، النجاح الذي يطمح إليه أي مدرب، وينضم بذلك إلى قائمة النخبة بين مدربي العالم، بعد قيادة تشيلسي لتحقيق لقب دوري أبطال أوروبا.
وأثبت توخيل جدارته، عبر رحلة لم تكن أبدا سهلة، حيث أطاح تشيلسي بأتلتيكو مدريد في دور الستة عشر، ثم عبر بورتو في ربع النهائي، ليقصي بعد ذلك ريال مدريد بقيادة زين الدين زيدان، في نصف النهائي، ويقود الفريق في المباراة النهائية لانتزاع اللقب من مانشستر سيتي ومدربه بيب جوارديولا.