السوداني: مفهومَ العلاقةِ الخارجيةِ للعراقِ مع الدولِ هو المتنُ الأساسُ في خطابنا للعالم

قال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ، اليوم السبت ،ان انعقاد مؤتمر السفراء السابع في بغداد  جاء بعد انقطاعٍ دامَ لستِّ سنواتٍ وهو يكتسبُ من الأهميةِ الشيءَ الكثيرَ لما يضطلعُ به السفراءُ وممثلو البعثاتِ الدبلوماسيةِ العراقيةِ من مهماتٍ كبيرةٍ في التواصلِ والحوارِ مع بلدانِ العالمِ المتعددةِ والمتنوعة

وأشار  السوداني ان  هذا الحدثُ مناسبةً للتأكيدِ على الرؤى والأهدافِ التي تمثلُ مصالحَ العراقِ العليا في مختلفِ الملفاتِ والمجالات. وان وجهَ العراق، وخطابهُ الذي يسمعهُ العالم، وموقفهُ من القضايا الأساسية، ومصالحهُ وشراكاتهُ الاقتصادية تمثلُ عصبَ العملِ الخارجي الدبلوماسي

واضاف ان ” وزارةِ الخارجية ذراعِ العراقِ الدبلوماسية وانها تنقلُ صوتَ بلادنا وإرادتها في الوقتِ نفسه، تحيطُ الآخرَ علماً بنوايانا وآفكارنا، مثلما تزوّدهُ بصورةٍ صادقةٍ وواضحةٍ عن منهجيتِنا، وعن تقييمِنا للمواقف، وما يتفقُ مع مصلحةِ الشعبِ العراقي بمختلفِ مكوناتهِ وطوائفه، وما يقبلهُ هذا الشعب، وما لا يقبلهُ أيضاً

مبينا بان  مفهومَ العلاقةِ الخارجيةِ للعراقِ مع الأممِ والدولِ والأصدقاء، وكذلك المنظماتُ الدولية، هو المتنُ الأساسُ في خطابنا للعالم.

مؤكدُ اعلى حضورِ مفاهيمنا، للعدالةِ والسلامِ وحُسنِ الجوار، والعملِ البنّاء، والشراكةِ الاقتصاديةِ في هذه العلاقات وان  هذه المساراتُ الدبلوماسيةُ والخارجية وصفها دستورنا بدقّة، وحملها منهاجُنا الوزاري بوضوح

واشار الى ان  مفاهيمنا للشراكةِ البنّاءة هي مفاهيمُ توازنِ الكفّتين، والأمرُ ذاتهُ في معنى المصالحِ المشتركة، مصلحتنا ومصلحةُ الآخرين، بعيداً عن المحاور، وكذلك في العنوانِ الأبرز، وهو عدمُ التدخّلِ المتبادلِ في الشؤونِ الداخلية.

منوها الى ان  سياسةَ العراقِ الخارجية فيها من المبادئِ ما هو أقوى من كلِّ الظروفِ المتغيرةِ والميولِ الوقتيةِ

وان هذا الأمرُ تجسدَ في تعاطينا المبكرِ والحاسمِ مع قضايا المنطقة، وفي مقدمتها القضيةُ الفلسطينيةُ.

ويشان القضية الفلسطينية قال السوداني ان  القضيةُ الفلسطينيةُ تمثلُ المشهدَ الأبرز والمثابةَ الأكثرَ رسوخاً وثباتاً في مواقفنا لأنها الحقُّ الدائمُ في الأرضِ والمقدّساتِ المحتلّة.

مجددا التاكيد على ان موقف العراق  هو أكبرُ من مجرّدِ موقفٍ سياسي بل هو جزءٌ من وجدانِ الشعبِ العراقي وثقافتهِ ومتبناهُ التاريخي والاجتماعي والديني.

مستذكرا  مواقفَ المرجعياتِ الدينيةِ المختلفةِ وبمقدمتها موقفُ المرجعيةِ العليا في النجفِ الأشرفِ الذي يمثلُ امتداداً طبيعياً لمواقفِ النجفِ السابقةِ من القضيةِ الفلسطينيةِ وعلى مرِّ التاريخ، فضلاً عن المواقفِ الشعبيةِ التي تجسدت في التعاطي الأخلاقي والإنساني مع ما يحصلُ في غزة.

مشيرا الى ان الموقف الرسمي، فقد عبرنا عنهُ بكلِّ وضوحٍ منذُ اليومِ الأولِ للعدوان، وثبتناهُ في قمةِ القاهرة، بالإضافةِ إلى ما نكررهُ في اتصالاتنا المستمرةِ مع المسؤولين من الدولِ الأخرى بضرورةِ وقفِ العدوان، ومنعِ انزلاقِ المنطقةِ نحو حربٍ تتسعُ ولن تتوقف.

وزاد بأن  من يحرصْ على عدمِ حدوث ذلك عليه أن يعملَ من أجلِ إيقافٍ فوري لإطلاقِ النار و الأهمُّ طبعاً هو العملُ على فتحِ ممراتٍ إنسانيةٍ عاجلةٍ وبمساهمةٍ من جميعِ الدولِ من أجلِ إنقاذِ أهلِ غزة.

موضحا بان دعوات العراق كانت لتأسيسِ صندوقِ دعمِ الفلسطينيين تصبُّ في هذا الاتجاه، لأن ما يحصلُ في غزةَ هو اختبارٌ أخلاقيٌّ وإنسانيٌّ لجميعِ الأحرارِ في العالم.

مجددا التأكيد على ان  المجازر التي تُرتكبُ بحقِّ الأطفالِ والنساءِ في غزةَ تؤكدُ وللأسفِ تقاعسَ المجتمعِ الدولي عن أداءِ دورهِ وحالةٍ من الاستسلامِ لشريعةِ الغاب، التي يريدُ أن يكرسَها الاحتلالُ في الأراضي الفلسطينية.

موضحا بأن استقلال قرارنا الوطني يقعُ في طليعةِ المبادئِ التي نتحدثُ عنها وان  الدولة هي المسؤولة عن اتخاذِ القراراتِ الكبيرةِ وفقاً للدستورِ وانطلاقاً من المصلحةِ العليا للعراقيين، التي يجبُ أن تكونَ حاضرةً أمامنا في كل ِّخطوةٍ وفي كلِّ حدث.

واشار الى ان  هذه الصورُ والمواقفُ والمفاهيمُ المبدئية، المبنيةُ على إدراكِ المصلحةِ والحقوقِ المشروعةِ سوية، هي في صُلبِ خطابِ الدبلوماسيةِ العراقية، وفي صُلبِ واجباتكم؛ كي تصلَ الى أهمِّ دوائرِ صنعِ القرار، حيث تمثلون العراق.

مبينا بأنه  عندما نؤكدُ قناعتنا عن حلِّ الخلافاتِ بالطرقِ الدبلوماسية، فإننا نعني خلافاتنا وخلافاتِ المنطقة  فمن مصلحةِ العراقِ المباشرةِ أن تنخرطَ دولُ الجوارِ في حوارٍ مدعوم يفتحُ البابَ تلوَ الآخرِ على تمتينِ روابطِ الشعوب فتغدو الحلولُ السياسيةُ ممكنةً وقريبةَ المنال.

منوها الى  أيّ خلافٍ حدودي أو إجرائي مع الأشقاءِ والأصدقاء، سيجدُ لدى العراقيين السعةَ ورحابةَ الصدرِ للنقاشِ وتبادلِ وجهاتِ النظر، والنيّةِ والإرادةِ القويةِ للحل.

مضيفا بأن العراق ماض في إيجادِ حلولٍ تناسبُ تاريخَ العلاقاتِ والأواصرِ القوية، بين الشعبِ العراقي وشعوبِ الجوارِ التأريخي، حلولٌ تؤكدُ الاحترامَ المتبادلَ للسيادة، وتحفظُ للعراقِ وحدةَ وسلامةَ أراضيهِ وتنسجمُ بذاتِ الوقتِ مع القانونِ الدولي والقراراتِ الأممية.و في هذهِ الأيام أكملتِ الحكومةُ عامَها الأول وقد وضعت ضمن منهاجِها وبرنامجِها الذي صوت عليه مجلسُ النوابِ خمسَ أولوياتٍ.

واوضح بأن الأوليات الخمس تمثلُ قاعدةً أساسيةً لعمل الحكومة التنفيذي والإداري وان  الأوليات الخمس تمثلت بمكافحةِ الفسادِ وتقليلِ نسبِ الفقرِ والبطالةِ وتقديمِ الخدماتِ ورفعِ المستوى المعيشي والإصلاحِ الإداري والاقتصادي.و نأملُ الاستثمارَ الأمثلَ لهذا المؤتمرِ للاطلاعِ على خططِ وبرامجِ الوزاراتِ والهيئاتِ والتي تتكاملُ وخططَ الدبلوماسيةِ العراقيةِ والعملِ الخارجي.

مشيرا الى انه لقد تحققَ الكثيرُ مما خططنا له ُخلالَ عامنا الأولِ في الحكومة، ونعملُ على الاستمرارِ في رفعِ مستوى الإنجاز وجعلنا قضيةَ مكافحةِ الفسادِ في صلبِ علاقاتنا مع الآخرين. فكيفَ يمكنُ أن نصوغَ علاقةً متوازنةً وقابلةً للنموِّ والتعزيزِ إذا كان الطرفُ الآخرُ يحمي سارقي الأموال، ويمنحهم جنسياتٍ أخرى، ويوفرُ لأموالهم مخابئَ ومنافذ، لإعادة إطلاقها وكأنها أموالٌ شرعية؟، بينما هي قد سُرقت من الشعبِ العراقي.

منوها الى انه  على المستوى الخارجي، تحركنا ضمنَ فكرةِ (الدبلوماسيةِ المنتجة) والتي تنطلقُ من ثنائيةِ المبادئِ والواقعيةِ السياسية؛ لتكونَ أساساً في علاقاتنا مع الدول، وبما يضمنُ مصالحنا الوطنيةَ المبنيةَ على أساسِ قراراتنا الخاصة .فقد  عملنا على أهميةِ استعادةِ العراقِ لدورهِ المركزي والمحوري في المنطقة، بوصفهِ فاعلاً وصانعاً للحدث، ومنطقةً تلتقي عندها المصالحُ بدلاً من أن يكونَ ساحةً لتفريغِ الصراعاتِ والشُّحناتِ السلبيةِ لخصوماتِ وتقاطعاتِ المحاورِ السياسية.

وقال بأن العراقُ صارَ مفتاحَ الحلِّ وليس جزءاً من المشكلة و أطلقنا مشروعَ طريقِ التنميةِ الذي تتجسدُ فيه أفكارُنا للتكاملِ الاقتصادي بين شعوبِ المنطقة.وان  العراقُ يتحوّلُ بثباتِ الاستقرارِ الراسخ، وبات يلعبُ دورهُ في تجسيرِ العلاقاتِ والتبادلِ والتعاطي الإيجابي بين الشرقِ والغرب، وبين الشمالِ والجنوب.

مضيفا بأن  العراقُ اصبح حلقةُ وصلٍ اقتصادية وثقافية لا يستغني العالمُ عنها وان  هذا الدور ليس وليدَ اللحظة، إنما هو إرثٌ عراقيٌّ عميق، اختفى لعقودٍ تحت رمادِ الدكتاتورية، وتراجعَ بسببِ تحدياتِ الطائفيةِ والإرهاب، التي تجاوزها العراقيون بكلِّ ثباتٍ وإصرارٍ في ملاحمَ بطوليةٍ قل نظيرها، تضعنا جميعا أمامَ مسؤوليةِ الحفاظِ على الأمنِ والاستقرار؛ كونهما الضمانةَ الوحيدةَ ليواصلَ العراقُ دورهُ في دعمِ وإسنادِ القضايا العادلةِ وبمقدمتها القضيةُ الفلسطينية.

مقالات ذات صلة