يبدو أنّ لعنة تشرين تلاحق بني إسرائيل ولن تدركهم كل رواياتهم حول الهولوكوست والاضطهاد وأنّ “هتلر عاد بصورة هنية” وكل تلك السيناريوات باتت مكشوفة و”مقززة” لمشاعر الغرب قبل الشرق، وربما الآن فهم الغرب ما كان يقصده هتلر عندما قال “كان باستطاعتي أن أقتل كل يهود العالم، ولكنني تركت البعض منهم لتعرفوا لماذا كنتُ أقتلهم”، ويبدو أنّ 75 عام من الإجرام الصهيوني ضدّ الشعب الفلسطيني أكبر دليل على إجرامهم الموجود في جيناتهم، ناهيك عن استحواذ اليهود – الصهاينة على معظم ثروات العالم وامتلاكهم لمعظم الشركات العالمية الكبرى وتحكمهم بالاقتصاد العالمي وابتزازهم للشعوب .
ولا نقول هنا بمعاداة السامية والشعار الذي يروج له بنو إسرائيل إنما معاداة التصرفات اللاإنسانية الصهيونية ضدّ الفلسطينيين خاصة والعرب عامة والإسلام بشمولية أوسع.فقد عادت فلسطين لتتصدر المشهد العالمي بعد تعتيم طال أحداثها منذ العام 1948 وبما أنّ “كارما” ترد عليك أفعالك فباتت النكبة اليوم نكبة “إسرائيل” ووعد بلفور سقط اليوم أمام وعد نصر الله، ونرى العالم بأسره ينتظر اليوم خطاب الأمين العام ليرسم المسار وينعى هذا الكيان الذي يسير بقدميه نحو الزوال.
فقد بات 7 تشرين يوماً مفصلياً في تاريخ الشرق والغرب وإعلاناً لسقوط المملكة “اليهودية – الصهيونية” ومن ورائها “الأميركية – الغربية الليبرالية” ولمعرفة تأثير هذا اليوم على هذه المملكة التي أرادها الغرب حامية لمصالحهم في الشرق، ما علينا سوى النظر إلى التخبط الغربي منذ بداية الطوفان والحجيج المتواصل لقادة الغرب “الديمقراطي”، إلى “إسرائيل” بدءاً من الاتصالات والزيارات المكوكية للرئيس الأميركي جو بايدن، ووزيري الخارجية والدفاع، وتحريك حاملتي طائرات ونحو خمسين سفينة غربية و2000 جندي من مشاة البحرية الأميركية لسواحل الأراضي المحتلة والبحر المتوسط، وانخراطهم في العمليات ضدّ الفلسطينيين وتقديم دعم مادي بقيمة 10 مليارات دولار، ووعد الرئيس الأميركي لقادة الكيان بتقديم دعم إضافي يقدر بنحو 13 مليار دولار.
إضافة الى ذلك كانت هناك زيارات متعدد لمسؤولين غربيين الى اسرائيل منهم رئيس وزراء بريطانيا، والمستشار الألماني، ورئيس وزراء اليونان، والرئيس الفرنسي، وغيرهم من كبار المسؤولين الغربيين لتؤكد هذه الزيارات أن بقاء الكيان الغاصب مرتبط ومرهون بالدعم الغربي، وهذا ما سبق وأكده ديفيد بن غوريون رئيس وزراء “إسرائيل” ووزير حربها الأول بأنّ “المجتمع الإسرائيلي” قائم على دعامتين أساسيتين الأولى “الجيش” وبالتالي المجتمع الإسرائيلي “مجتمع حربي”، والدعامة الثانية هي الدعم الغربي والأميركي لهذا المجتمع، وقد سقطت الدعامة الأولى في هذا الطوفان، ما جعل الغرب يتسابق في الدعامة الثانية أمام هذا الانهيار.
لا شك أنّ تداعيات عملية “طوفان الأقصى” لا تزال مستمرة، والمقاومة تراكم بانتصاراتها رغم التضحيات الجسيمة التي يقدمها الفلسطينيون في غزة وجباليا وجنين والضفة، غير أنّ الثمن الذي دفعه ويدفعه الاحتلال كبير جداً حيث فقدَ توازنه وتكبد خسائر فادحة، فقد قُتل وجرح الآلاف وتم أسر المئات من جنود الاحتلال، وأُجبر الاحتلال على إجلاء عشرات الآلاف من سكان المستعمرات، إضافة إلى خسائر اقتصادية تقدّر بمليارات الدولارات، ربما تصل إلى 100 مليار دولار، نتيجة تدهور قيمة الشيكل وخسائر تجارية تقدر بنحو 45 مليار، وتوقف حركة الطيران، والشلل التام في القطاع السياحي وخسائر تقدر بنحو 4 مليار دولار، والخسائر الجسيمة في البورصة التي تقدر بحوالي 30 مليار.
ما يعني أنّ إسرائيل ستصبح عبئاً اقتصادياً على الولايات المتحدة وعلى الغرب المنهك اقتصادياً من خلال دعمه لأوكرانيا وعبئاً على دافعي الضرائب الأميركيين والأوروبيين الذين أنهكتهم سياسات حكوماتهم الداعمة للحروب حول العالم.. وعلى الصعيد السياسي تعرضت حكومة نتنياهو وبايدن لضربة موجعة ستؤثر حتماً على مستقبلهما السياسي وما يقومان به حالياً هو انتحار سياسي في غزة. وعسكرياً، تعرض جيش الاحتلال لهزيمة عسكرية مذلة، وعملية طوفان الأقصى أجبرت حكومة الاحتلال على إعلان حالة الحرب واستدعاء جميع الاحتياط، وجعلت قادة الاحتلال عاجزين عن اتخاذ قرار بالاجتياح البري.