كشفت دراسة عالمية حديثة، أن الشباب أصبحوا أقل سعادة مقارنة بالأجيال الأكبر سناً ويعانون من حالة مشابهة لأزمة منتصف العمر، بسبب الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي.
ونقلت صحيفة “الغارديان” البريطانية، عن طبيب الجراحة الأمريكي فيفيك مورثي، قوله إن السماح للأطفال باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي يشبه إعطاءهم دواءً لم يثبت أنه آمن.
وأضاف أن فشل الحكومات بتنظيم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أفضل، في السنوات الأخيرة، هو ضرب من الجنون.
حديث مورثي جاء في الوقت الذي كشفت فيه بيانات جديدة أن الشباب في جميع أنحاء أمريكا الشمالية أصبحوا الآن، أقل سعادة من كبار السن، مع توقع حدوث نفس هذا التحول في أوروبا الغربية.
وفي حين كشف تقرير السعادة العالمي لعام 2024، أن تراجع الرفاهية بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً أدى إلى خروج الولايات المتحدة من قائمة الدول العشرين الأكثر سعادة في العالم.
من جانبه، قال مدير مركز أبحاث الرفاهية ومحرر الدراسة، البروفيسور جان إيمانويل دي نيفي، إن تقرير السعادة العالمية، وهو مقياس سنوي للرفاهية في 140 دولة ينسقه مركز أبحاث الرفاهية بجامعة أكسفورد، ومؤسسة غالوب، وشبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، أظهر انخفاضات مثيرة للقلق (في سعادة الشباب)، خاصة في أمريكا الشمالية، وأوروبا الغربية.
وعلى سبيل المثال، احتل البريطانيون تحت سن 30 عاماً المرتبة 32 في تصنيف السعادة، خلف دول مثل مولدوفا وكوسوفو وحتى السلفادور، التي لديها أحد أعلى معدلات جرائم القتل في العالم، وهو ما يحتم اتخاذ إجراءات فورية من جانب صُنّاع السياسات، على حد قوله.
ويشير دي نيفي إلى أن انخفاض درجات الرفاهية في أمريكا الشمالية، والتي تشمل أيضاً أستراليا ونيوزيلندا، يتعارض مع الاعتقاد السائد بأن الأفراد يبدأون بسعادة أكبر في شبابهم، ويعانون من انخفاض في السعادة خلال منتصف العمر، ثم يستعيدون السعادة مع تقدمهم في السن.
وبدلاً من ذلك، تشير البيانات إلى أن الشباب في هذه المناطق يعانون من مستويات أقل من الرفاهية، وهو ما يتناقض مع هذا النمط المعتاد.
وهذا التحول باتجاهات السعادة بين الأجيال الشابة يثير المخاوف ويسلط الضوء على الحاجة إلى مزيد من التحقيق والعمل لمعالجة العوامل التي تسهم بانخفاض سعادتهم.
ولا يحدد التقرير الأسباب الدقيقة لهذا الانخفاض في السعادة بين الشباب، لكنه يتزامن مع المخاوف المتزايدة بشأن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم المساواة في الدخل، وأزمات الإسكان، والمخاوف المرتبطة بالحروب، وتغير المناخ.
وسلط الدكتور مورثي الضوء على الإحصائيات المثيرة للقلق بشأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بين المراهقين الأمريكيين، داعياً إلى سن تشريعات عاجلة للتخفيف من آثارها الضارة.
وفي الأثناء، حافظت فنلندا، والدنمارك، وآيسلندا، على مراكزها كالدول الثلاث الأكثر سعادة في العالم، ويعزى ذلك إلى عوامل، مثل: المستويات العالية من الثقة، والأمن، والدخل المتساوي.
من جهته، قال سفير فنلندا في لندن، إن بلاده دشنت أساساً للسعادة من خلال عوامل مجتمعية مختلفة، تشتمل على ضمان بيئة آمنة، وتوفير فرص معقولة للتعبير الثقافي، والحفاظ على دخل متساوٍ نسبياً بين المواطنين.
وكانت كوستاريكا والكويت من الوافدين الجدد إلى المراكز العشرين الأولى، بينما تراجعت ألمانيا من المركز السادس عشر إلى المركز الرابع والعشرين. وظلت أفغانستان ولبنان الدولتين الأقل سعادة.
ومن بين الدول التي تمتعت بسعادة متزايدة، العديد من الدول الأفريقية، وكمبوديا، وروسيا، والصين، في حين سجلت صربيا الزيادة الأكبر في منسوب السعادة.
كما نوهت الدراسة إلى أن رفاهية الطفولة، والصحة العاطفية، تلعبان دوراً حاسماً في التنبؤ بالرضا عن الحياة عند البالغين؛ فالأفراد الذين يتمتعون بمستوى أعلى من الرضا عن الحياة خلال فترة المراهقة ومرحلة الشباب يميلون إلى كسب مستويات أعلى من الدخل في وقت لاحق من حياتهم، حتى بعد مراعاة عوامل، مثل: التعليم، والذكاء، والصحة البدنية، واحترام الذات، ما يؤكد التأثير طويل المدى للرفاهية العاطفية على مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك النجاح المالي.