حملت الأيام القليلة الماضية تصعيداً اسرائيلياً خطيرا لناحية تنفيذها سلسلة من الاغتيالات التي استهدفت قيادات كبيرة لدى محور المقاومة ، وهذه الاغتيالات بالرغم من وقعها المؤلم والخسارة الكبيرة لها والتي لا يمكن لأحد أن ينكرها او أن يقلل من أثرها الا أنها جاءت بالدرجة الأولى نتيجة فشل الكيان بتحقيق أهدافه من عدوانه على غزة وارغام قيادات المقاومة الفلسطينية على رفع راية الاستسلام وتسليم رهائن الصهاينة والقبول بشروط الكيان بما يمكنه من إعادة احتلاله لغزة وحكمها بما يتماشى مع مصالحه .
هذا الفشل دفع بالكيان الاسرائيلي للتهديد والوعيد لجبهات الإسناد فكانت جبهة الإسناد اللبنانية ومعها كل لبنان على جدول أعمال قادة الكيان السياسيين والأمنيين والعسكريين وبدأت هذه المؤسسات من خلال قادتها ترسل رسائل التهديد والوعيد للبنان وإعادته للعصر الحجري وكأن هناك حراكاً دبلوماسياً أمريكياً غربياً لتحييد جبهة الإسناد اللبنانية وعندما فشلت كل هذه المحاولات رأت إسرائيل ومن خلفها أمريكا التوجه لجبهة الإسناد اليمنية والتي أخطأت خطئاً كبيرا في تقدير القدرات اليمنية وتقديم قراءة واقعية عن هذه الجبهة التي تمتلك العقيدة والإصرار والثبات على الموقف وما تمتلكه من تطور على المستوى العسكري على مستوى امتلاكها للسلاح الهجومي والدفاعي المتطور الذي اصاب الكيان في قلبه فكان الهجوم على ميناء الحديدة وعلى موانئ أخرى يمنية.
فقد كانت هذه الاعتداءات بقيادة أمريكية بريطانية وهذا دليل عجز إسرائيل عن الرد على القوات المسلحة اليمنية التي أصابت الكيان في مقتل على المستوى الاقتصادي وتحكمها في حركة مرور السفن المتجهة إلى موانئ إسرائيل ، الا أن الفشل كان النتيجة الحلمية لكل هذه الاعتداءات لتذهب إسرائيل المفلسة على المستوى الداخلي والمستويات الأخرى لمسلسل الاغتيالات واستهداف قيادات في عدة عواصم بدءا من سورية ومرورا بالعراق وبيروت وانتهاء باغتيال القائد إسماعيل هنية في قلب العاصمة طهران.
فقد اعتقد قادة الكيان بعد عودة نتنياهو من زيارة واشنطن والضوء الأخضر الذي حصل عليه من أمريكا وعلمهم المسبق بأن أمريكا ستتدخل لحماية الكيان من خلال الاستمرار في تقديم كل أنواع المساعدات السياسية والدولية والعسكرية والاستخباراتية بأن هذه الاغتيالات ستكون دون رد أو أن تتدخل أمريكا والغرب من خلال الضغوطات الدبلوماسية لجعل الرد محدود التأثير وهذا ما تسعى هذه الدول لتحقيقه، الا أن فصل الخطاب جاء من خلال كلمات وتصريحات لقيادات جبهات الإسناد التي أكدت على حتمية الرد العسكري من محور المقاومة وفي كلمة ألقاها السيد حسن نصر الله في حفل تأبين الشهيد القائد فؤاد شكر أكد فيها أن المقاومة الإسلامية اللبنانية ستثأر لدماء الشهداء وان الرد آتٍ لا محالة .
ومن خلال التصريحات الايرانية يمكن أن نستقرأ طبيعة الرد على هذه الاغتيالات على الكيان الاسرائيلي ومن خلفه أمريكا المتمثل بالرد التكاملي المدروس من خلال مشاركة كل جبهات الإسناد ولن يكون رداً يقرأ على تكريس المعادلات السابقة ضربة بضربة المعمول فيها سابقا او ما يعرف بالتعادل الايجابي بل سيكون ردا سيكون له تبعاته و أثره على منطقة الشرق الأوسط برمتها ونتائج هذا الرد بدأت تتضح معالمها من خلال من تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية عن انخفاض البورصة نتيجة التوتر الأمني عوضا عن ارتفاع أسعار النفط نتيجة الذهاب للتصعيد في منطقة الشرق الأوسط وهذه التداعيات ستترك اثرها على مستوى العالم وليس فقط على مستوى دول الشرق الأوسط.
و لابد من الإشارة إلى الحراك الأمريكي في منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر والمتوسط من خلال تحرك السفن الأمريكية استعدادا للردود الحتمية التكاملية للدفاع عن الكيان كما فعلت في مراحل سابقة وآخرها كان من خلال تدخلها المباشر ومعها بريطانيا وبعض دول المنطقة اثناء الرد الإيراني على اعتداء إسرائيل على القنصلية الإيرانية في دمشق ، وهذا يعني أن سيناريو ١٣ نيسان سيتكرر وان أمريكا وكل من معها سيعملون جاهدين للتقليل من خسائر الكيان ومنعه من السقوط وهذا ما يدرسه أيضا محور المقاومة الذي يدرس إيضا هذا التدخل الأمريكي الغربي لمنع المحور من الرد على الكيان او التخفيف من حدة الرد وأثره على إسرائيل.