للكاتب فاطمة عواد الجبوري
إن الواقع الوحشي الذي يواجهه المعتقلون الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية يشكل جانباً مقلقاً للغاية وغير مذكور في التقارير الأممية أو التقارير الصحفية. إن روايات التعذيب والاعتداءات، كما وثقتها منظمات حقوق الإنسان، ترسم صورة مدمرة للعنف المنهجي والمؤسسي الإسرائيلي. إن هذه الممارسات، التي تستخدم لكسر إرادة السجناء الفلسطينيين، تكشف عن واقع مؤلم وغير إنساني يتناقض مع مبادئ الكرامة الإنسانية والقانون الدولي.
وأصبح التعذيب الجسدي أداة شاملة تستخدم داخل نظام السجون الإسرائيلي، مصممة لانتزاع الاعترافات، وجمع المعلومات الاستخباراتية، أو ببساطة معاقبة المعتقلين. إن أساليب التعذيب الجسدي متنوعة ومحسوبة بدقة لإلحاق أقصى قدر من الألم والمعاناة. وكثيراً ما يتعرض المعتقلون للضرب المبرح، بالقبضات أو الهراوات أو غيرها من الأشياء، مستهدفين مناطق حساسة من الجسم لتضخيم الألم. والصدمات الكهربائية، وخاصة للأعضاء التناسلية، وهي شكل آخر من أشكال التعذيب الذي يترك الضحايا في عذاب لا يطاق.
كما وإن وضعيات الإجهاد المطولة، حيث يضطر المعتقلون إلى الحفاظ على أوضاع غير طبيعية ومؤلمة لساعات أو حتى أيام، هي من بين الأساليب الشائعة. وتتسبب هذه الأوضاع في آلام مبرحه، وتلف العضلات، وإعاقة جسدية طويلة الأمد. وقد أفاد بعض المعتقلين أنهم قيدوا في أوضاع ملتوية تجهد مفاصلهم وعضلاتهم إلى حد الإصابة وكسر الأعضاء. وكثيراً ما يقترن التعذيب الجسدي بالإساءة اللفظية، حيث يتعرض المعتقلون للإذلال والتهديد والإهانة.
كمات تلجئ سلطات الاحتلال الى اسلوب الحرمان من النوم الذي يعد تكتيك آخر يتم الإبلاغ عنه على نطاق واسع في السجون الإسرائلية. حيث يتم إبقاء السجناء مستيقظين لأيام متواصلة، مشوشين وضعفاء جسدياً. ولا يؤدي هذا الأسلوب إلى إرهاق المعتقل جسدياً فحسب، بل إنه يؤدي أيضاً إلى انهيار مقاومته النفسية، مما يجعله أكثر عرضة للإكراه. كما أن استخدام الأضواء الساطعة والضوضاء الصاخبة والاعتداءات الحسية الأخرى يزيد من آثار الحرمان من النوم، مما يخلق بيئة من التعذيب المستمر.
كما تستخدم سلطكات الاحتلال التهديدات الموجهة ضد أسرة المعتقل هي شكل آخر من أشكال الإساءة النفسية. إن المعتقلات كثيراً ما يُقال لهن إن أحباءهن سوف يتعرضون للأذى أو السجن إذا لم يتعاونوا. وتستغل هذه التهديدات الروابط العميقة بين الأسرة والمجتمع، مما يدفع المعتقلين إلى حالة من الخوف والقلق الدائمين. ويثقل العبء النفسي لمثل هذه التهديدات كاهل المعتقلين، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى الاعترافات القسرية أو كسر إرادتهم.
فكل انواع التعذيب والاعتداءات ضد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وصمة عار على ضمير العالم.و إن هذه الممارسات، التي تتجذر في نظام الاحتلال والسيطرة، تمثل انتهاكاً عميقاً لحقوق الإنسان وكرامته. ويتعين على المجتمع الدولي أن يتحرك لإنهاء هذه الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عنها، ودعم الضحايا في سعيهم إلى تحقيق العدالة والشفاء. فقدرة الشعب الفلسطيني على الصمود، على الرغم من المعاناة التي لا يمكن تصورها والتي تحملها، هي شهادة على قوتهم وعزيمتهم. ويتعين على العالم أن يقف متضامناً معهم، ويضمن سماع أصواتهم والحفاظ على حقوقهم. ومن خلال العدالة والمساءلة فقط يمكن كسر دائرة العنف والإساءة، مما يمهد الطريق لمستقبل حيث يمكن لجميع الناس، بغض النظر عن جنسيتهم أو عرقهم، أن يعيشوا بكرامة وسلام