اثارت نسب ارتفاع معدلات الطلاق حالة من الجدل بين العراقيين، بالتزامن مع تصاعد حدّة الجدال الشعبي وكذلك السياسي في العراق بشأن قانون الأحوال الشخصية الذي أرجأ البرلمان العراقي التصويت عليه مرّات عدّة بسبب الخلافات الحادة حوله.
وبحسب ما أفاد به “المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان” بأنّ الطلاق في العراق سجّل 357 ألفاً و887 حالة في السنوات الأربع الماضية.
وتسجّل البلاد، منذ سنوات طويلة، ارتفاعاً كبيراً في معدّلات الطلاق، تخطّت شهرياً 7 آلاف حالة.
ووفقاً لما جاء في بيان نشره المركز، فإنّ “حالات الطلاق في العراق خلال السنوات الأربع الأخيرة سجّلت ارتفاعاً مخيفاً يهدّد استقرار الأسرة والمجتمع”.
وأوضح رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي أنّ إحصاءات مجلس القضاء تبيّن أنّ عام 2021 شهد تسجيل 73 ألفاً و155 حالة طلاق، في حين سُجّلت 68 ألفاً و410 حالات طلاق في عام 2022، ثمّ 71 ألفاً و16 حالة طلاق في عام 2023، مع العلم أنّ الأشهر السبعة الأولى من عام 2024 سجّلت 45 ألفاً و306 حالات طلاق.
الغراوي أضاف ” خلال العقد الممتدّ بين 2004 و2014، انتهى زواج واحد من بين كلّ خمس زيجات بالطلاق”، مع تسجيل “516 ألفاً و784 حالة طلاق من بين 2.6 مليون زواج عدا إقليم كردستان”.
وأعاد الغراوي، بحسب ما جاء في بيان مركزه الحقوقي، أبرز أسباب ارتفاع حالات الطلاق في العراق إلى “عدم التفاهم والتقارب بين الأزواج في المستوى الفكري”، وكذلك “الثقافي والعمري، والتدخّل من عائلة الزوج أو الزوجة أو الأصدقاء، وارتفاع المشكلات الأسريّة والعنف الأسري ومعدلات الخيانة الزوجية، والاستخدام السيّئ للاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي وضعف الوازع الديني والمشكلات الاقتصادية”. يُذكر أنّ خبراء آخرين يضيفون الزواج المبكّر إلى أبرز أسباب الطلاق.
وطالب الغراوي الحكومة والبرلمان بإجراء “تعديلات حاسمة في قانون الأحوال الشخصية لمعالجة جزء من الأسباب التي أدّت إلى ارتفاع حالات الطلاق”، داعياً إلى “إطلاق حملة توعوية حول أخطار الطلاق وتأثيرها على الأسرة والمجتمع، وإعداد دراسة وطنية تساهم فيها كلّ الفعاليات للوقوف على أسباب الطلاق ومعالجتها”.
ومن المتوقّع أن يسبّب نشر الأرقام الجديدة بشأن معدّلات الطلاق في العراق، مزيداً من حدّة الجدل بشأن قانون الأحوال الشخصية المطروح للتصويت في البرلمان، الذي منح دوراً لرجال الدين السنّة والشيعة في عقود الزواج أو التفريق بين الزوجَين، الأمر الذي يُعَدّ من بين أحد أبرز الأسباب الرافضة للقانون من قبل القوى المدنية والحقوقية التي تعدّه ترسيخاً للطائفية وسلباً لحقوق المرأة، ولا سيّما أنّه يتضمّن فقرات ذات صلة بحجب النفقة عن المرأة المطلقة وسحب كفالة الأبناء منها في حالات كثيرة، من بينها في حال زواجها من جديد.
في سياق متصل، كانت “منظمة حمورابي لحقوق الإنسان” قد طالبت بسحب القانون. وأوضحت، في بيان سابق لها نشرتها على موقعها الإلكتروني، أنّ “الغرض التصدّي للمحاولات الرامية إلى إخضاع العلاقات الأسريّة لقوانين وتشريعات ذات أسس طائفية ، نرفض شرعنة الطائفية في قانون الأحوال الشخصية”.
أضافت المنظمة ، أنّ “التعديل المقترح يضرب في الصميم مبدأ المساواة بين المواطنين الذي نصّت عليه المادة 14 من الدستور (العراقي)، ويشرعن للطائفية الممزِّقة للنسيج الاجتماعي القائم على علاقات المصاهرة الأسريّة المختلطة، ويهدّد وحدة واستقلال القضاء الذي نصّت عليه المواد 19 و87 و88 من الدستور، من خلال ربط محكمة الأحوال الشخصية بالمجلسَين العلميَّين الإفتائيَّين السني والشيعي”. وتابعت منظمة حمورابي لحقوق الإنسان ، أنّ “مشروع القانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية التي نصّت عليها المادة 2 البند ب، ويتناقض مع التزامات العراق الدولية بالمواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان”.