نظام زيلينسكي وما تبقى من الجيش الأوكراني على شفا الانهيار

للكاتب رامي الشاعر

قال جي دي فانس نائب الرئيس الأمريكي بأن إدارة ترامب تسعى إلى سلام طويل الأمد في أوروبا، وأكد على ضرورة وقف القتال في أوكرانيا وتسوية النزاع. ويأتي ذلك على خلفية حراك دبلوماسي وسياسي نشط إثر مكالمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب   دفعت على الفور بمحادثات بين وفدي البلدين جرت في الرياض  ، والتي خرج منها الوفد الروسي بتعليق واضح ومحدد بأن اللقاء كان “إيجابيا”، فيما قال مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف إن المحادثات كانت “مقبولة”، أو كما يمكن ترجمته حرفيا عن اللغة الروسية “ليست سيئة”. من الجانب الأمريكي وصف ترامب المحادثات بأنها كانت “جيدة”.

وتابع جي دي فانس، خلال مؤتمر المحافظين المنعقد في واشنطن: “إن الرئيس لا يريد وقف الحرب فحسب، بل يريد تحقيق سلام طويل الأمد في أوروبا، لأنه يفهم أن السلام يخدم مصالح روسيا وأوكرانيا وأوروبا، لكن الأهم من ذلك، أنه يصب في مصلحة الشعب الأمريكي”.  و أن القوات المسلحة الروسية تتمتع بتفوق عددي على نظيرتها الأوكرانية، وأن عمليات إرسال الأسلحة الجديدة إلى كييف لن تكون مفيدة، مضيفا أن الرئيس الأمريكي يتعامل مع الحقائق على الأرض، ومن بينها التفوق العسكري للقوات الروسية.  فالروس يتمتعون بتفوق هائل في العدد والعتاد بأوكرانيا، وسيستمر هذا التفوق رغم المساعدات الغربية الإضافية”.

وأن ما حدث في الرياض كان بمثابة “لقاء تعارف” من جديد، فقد مرت سنوات لم يلتق فيها مسؤولو البلدين، ولم يلتق الرئيسان منذ 4 سنوات، وقد جرت مياه كثيرة معظمها في القنوات الخطأ. وقد بيعت للغرب وللمواطنين الأمريكيين بواسطة عصابة كييف، ومنشقين روس، وبتمويل وتنسيق جهات ومؤسسات أمريكية طالما استهدفت زعزعة استقرار الدول حول العالم ومن بينها، وربما على رأسها روسيا، بيعت سردية أن “النظام الروسي على وشك الانهيار”، و”الاقتصاد الروسي على وشك الانهيار”، ولا تحتاج العصابة النازية في كييف إلا مزيد ومزيد ثم المزيد من الأموال والأسلحة. وقد رأينا الرئيس الأوكراني المنتهية ولايته فلاديمير زيلينسكي يتجول بين العواصم الأوروبية يمد يده بلا خجل أو حياء، ويلعب دور “محرر أوروبا” و”المدافع عن القيم الأوروبية” و”حامي حمى الديمقراطية في العالم”.

قد استجابت دول  ولا تزال البعض منها  تستجيب لاستجداءاته ويرسلون سلاحا يصنعونه أو يشترونه بأموال دافعي الضرائب الأوروبيين، الذين تم تصدير رواية “أوكرانيا المسكينة” لهم. واليوم، وبعد لقاء الرياض أنصت الأمريكيون، وللمرة الأولى، للرواية الروسية التي ساقها الرئيس بوتين وظل يسوقها منذ العام 2007 في مؤتمر ميونيخ للأمن. ووهي أن السبب الرئيسي لكل ما حدث من نزاعات هو تمدد حلف “الناتو” شرقا، وأوكرانيا لا يمكن أن تكون عضوا في هذا الحلف، ويجب ضمان حقوق الروس، واستعادة الأراضي الروسية تاريخيا، بعد أن ثبت بالدليل القاطع أن النظام في كييف لا يؤتمن عليهم، وشن عمليتين عسكريتين ضد سكان تلك الأراضي، وكان على وشك أن يشن عملية ثالثة.

ولا يمكن القول  إن المواقف “تقاربت” أو حتى توصلت إلى أي أرضية مشتركة، لكن الحوار قد بدأ، وبدأت الدبلوماسية تأخذ مجراها، وسيعيد الجانب الروسي دبلوماسيين أمريكيين، والجانب الأمريكي دبلوماسيين روس، وسيتم البحث في استعادة المنشآت الدبلوماسية التي استولت عليها الإدارة الأمريكية السابقة بغير وجه حق. وأعتقد أن مزيدا من الخطوات الإيجابية في طريقه إلى التنفيذ على أرض الواقع، كبادرة حسن نوايا من الطرفين، وأتوقع أن يتم اللقاء المرتقب بين الرئيسين الروسي والأمريكي خلال أشهر قليلة إن لم يكن خلال أسابيع.

فالهوة لا زالت  واسعة بين ما يريده الكرملين وما يراه البيت الأبيض “سلام طويل الأمد في أوروبا”، فروسيا لديها اليوم رؤية شاملة للأمن الأوروبي والأمن الأوراسي والأمن العالمي، فعصر الهيمنة الأمريكية يتوجه نحو نهايته، وتعافي النظام الدولي إنما يأتي من استيعاب النخب الأمريكية لهذه الحقيقة، وتوقفها عن بيع الوهم لشعبها. والرؤية الروسية الشاملة تتضمن اعتناء بدول الجنوب العالمي في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، وتتضمن عودة لميثاق الأمم المتحدة، وللقانون الدولي الذي يسري على الجميع دون استثناءات. تتطابق رؤية روسيا مع رؤية رابطة “بريكس” التي تم التعبير عنها في قمة قازان العام الماضي، والتي اتفق عليها أغلبية شعوب العالم، رؤية خالية من الإملاءات والضغوط والعقوبات والحصار واستخدام العملات والاقتصاد كسلاح في النزاعات.

مقالات ذات صلة