قتل ملايين السوريين بالعقوبات والحصار جريمة حرب

للكاتب كمال خلف

اقتحم محتجون مبنى محافظة السويداء جنوب سورية احتجاجا على تردي الوضع المعيشي والنقص الحاد في المواد الضرورية. واحرق المحتجون مبنى المحافظة بما فيه من اثاث وملفا .و الوضع المعيشي في عموم سورية يزداد سوء ووصل الى مرحلة لا يمكن ان يحتملها البشر. لكن لطالما سجلنا مرارا اعتراضا على حرق وتخريب مؤسسات الدولة، لانها تضر بشكل مباشر بحياة ومصالح المواطنين، وإعادة اعمارها سيكون من جيوب السوريين ومن لقمة عيشهم. وفضلا عن ان تخريب وحرق المنشآت العامة لا يحل الازمة المعيشية بل يعقدها سواء كان الأداء الحكومي مقبولا ام فاشلا، فان منشأ الازمة المعيشية الخانقة في سورية هو الحصار الظالم والعقوبات القاسية التي تفرضها الولايات المتحدة وشركاؤها الاوربيون .

وهذه العقوبات التي تقول تلك الدول انها تفرضها على النظام من اجل الشعب السوري، اقل ما يقال فيها انها “كاذبة”. ولان الشعب السوري هو الذي يئن اليوم من وطأة العقوبات الظالمة . وفرض عقوبات على ملايين البشر من اجل اهداف سياسية عمل غير أخلاقي وغير انساني، بل هو اجرام دولي وجريمة حرب بكل معنى الكلمة. والولايات المتحدة كانت المايسترو الذي وزع الأدوار في الحرب التي دمرت سورية وشردت شعبها، وسمحت بإدخال السلاح والجماعات الإرهابية العابرة للحدود من اجل هدف واحد هو اسقاط النظام. وعندما فشلت توجهت للانتقام والعقاب الجماعي ، والمؤسف ان الدول العربية التي من المؤكد انها تتعاطف مع الشعب السوري في محنته، لا تجرؤ على التمرد بسبب التهديدات الامريكية.

فقد قتلت الولايات المتحدة وشركاؤها اكثر من مليون عراقي  خلال الحصار والعقوبات عام 1990 قبل غزوها وتدميرها للعراق. فهل ننتظر موت مليون سوري اليوم من الجوع والمرض ، والى متى نظل تحت سيف القتل الأمريكي بالغزو المباشر او بدعم القتلة المحتلين لفلسطين او بالحصار والتجويع والموت البطيء. والقول اليوم  ان النظام هو المشكلة واذا رحل ينتهي القتل الامريكي عن طريق الخنق و الحصار، هو قول يخاصم الحقيقة ، لأننا جميعا نعرف ان النظام اذا رحل غدا وجاء نظام اخر يحتضن القضية الفلسطينية ويدعم المقاومة ويرفض التصالح مع إسرائيل ، فان سياسية العقاب الجماعي سوف تستمر.

فالولايات المتحدة تنتقم من الشعب السوري لان في وجدانه حب والتزام بالقضية  الفلسطينية ،ولان هذا الشعب وقيادته ترفض التطبيع و التنازل عن شبر واحد من ارض الجولان السوري المحتل، ولان هذا الشعب السوري مازال يؤمن بالعروبة. وأمريكا لن تسمح بان يعيش الشعب السوري حياة طبيعية الا اذا كان على رأسه نظام تابع وخاضع لها ومتسامح مع إسرائيل سارقة الأرض ومحتلة المقدسات والموغلة بدماء السوريين والفلسطينيين واللبنانيين والعرب.ولا يجب ان يسمح للقراصنة الدوليين ان يحرموا شعب من لقمة عيشه بذريعة ان النظام السياسي لا يعجبهم. هذه مسؤولية جماعية لكافة الدول المناهضة اليوم للهيمنة الامريكية على العالم.

وان ثمة قوى باتت شريكة في النظام الدولي ، وان تقوموا بشكل جماعي منسق بكسر الحصار والانطلاق لاعادة اعمار سورية وإعادة دورة الاقتصاد للبلاد رغما عن انف القرصان الساكن في البيت الأبيض، وماذا عساه فاعل ذاك الهارب بجيشه امس من أفغانستان. والمسؤولية الثانية تقع على عاتق الشعوب العربية  الشقيقة لشعب سورية والمنظمات والنقابات والهيئات المدنية العربية ، عليكم مسؤولية امام الله والتاريخ بالضغط على انظمتكم بكل الاشكال سواء بالاعتصامات او التظاهرات التضامنية او الندوات، وخيارات التحركات المدنية واشكالها كثيرة.

والمسؤولية الثالثة تقع على وسائل الاعلام العربية والعالمية ، هناك جريمة إبادة جماعية تحصل على ارض سورية ، هناك شعب محروم من ابسط مقومات الحياة لا يجد قوت عياله وهناك شعب يحاصر دون ذنب. وعلى كل وسائل الاعلام خاصة العربية تسليط الضوء حيال هذه الإجراءات الغير إنسانية.المسؤولية الرابعة على المنظمات الحقوقية الدولية، البائسة التي تعمل بازدواجية المعايير وهي أدوات في يد الولايات المتحدة،وهي تتحرك فقط في المكان الذي يخدم السياسات الامريكية .والمسؤولية الرابعة تقع في الداخل السوري، لا يجوز ان يبقى مسؤول فاسد او متقاعس او عاجز او فاشل في مكانه والشعب يعاني من الفقر والعوز.

Facebook Comments

Comments are closed.