لكي لا يفشل العرب مرة اخرى في اعادة إسرائيل إلى حجمها الطبيعي

للكاتب سعد ناجي جواد

الكل يعلم انه عندما اُعلِنَ عن قيام (دولة إسرائيل) اليهودية في قلب فلسطين العربية عام 1947، استنكرت الدول العربية القرار آنذاك (كانت سبعة فقط مصر والعراق وسوريا ولبنان وشرق الأردن والمملكة العربية السعودية واليمن)، وقررت رفضه ومحاربته. ومع ان جميع هذه الدول كانت خاضعة تماما للاستعمار الغربي (بريطانيا وفرنسا، والنفوذ الأمريكي)، إلا انها قررت ارسال جيوشها إلى فلسطين لمواجهة العصابات الصهيونية.

فقد (وصل تعداد هذه القوات إلى 63,500 مقاتل بعد ان بدأت ب 13,000 مقاتل)، اهم هذه الجيوش كانت الجيش العراقي والمصري والأردني والسوري مع وحدات مقاتلة سعودية ولبنانية ويمنية)، استطاعت من دحر العصابات الصهيونية في اكثر من موقع، ولكن بريطانيا ونفوذها، وكذلك الدعم الأمريكي، لعبا دورا كبيرا في دحر الجيوش العربية، اولا عن طريق السماح للعصابات الصهيونية من التضخم (بدأت ب 29,750 مقاتل ثم وصل تعدادها إلى 117,000 مقاتل)، وإمدادها بالسلاح والعتاد والأموال، والضغط على الحكومات العربية للقبول بالهدنة ومن ثم الانسحاب من فلسطين، ليتم إعلان (دولة إسرائيل) التي مارست منذ البداية أبشع جرائم الإبادة والتهجير بحق الشعب الفلسطيني.

وبذلك تم افشال اول عملية لوأد المشروع الصهيوني في مهده، وتم الإعلان عن قيام إسرائيل التي سارعت دول العالم الكبرى، وعلى راسها الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، للاعتراف بهذا الكيان، مع دول إقليمية اخرى وعلى راسها تركيا وايران وإثيوبيا.وان اخطر من القبول بالهدنة والانسحاب كان عدم إعلان قيام دولة فلسطينية فوق الأراضي المتبقية وحسب قرار الامم المتحدة، وتقسيم ما تبقى من فلسطين بين شرق الأردن (الصفة الغربية) ومصر (غزة). هذا الإجراء، الذي رافقه سحب الجيوش العربية، شكل ضربة كبيرة لإنجازات الجيوش العربية اولا وللمقاومة الفلسطينية ثانيا، و للحفاظ على اسم دولة فلسطين ثالثا. وكانت النتيجة ان اسم فلسطين ككيان وكدولة قد اختفى من المحافل الدولية منذ ذلك التاريخ. واستغلت إسرائيل ذلك أبشع استغلال حيث بدأت تتحدث عن عدم وجود شيء اسمه فلسطين.

فبعد ذلك التاريخ، ونتيجة لهذا المصاب الجلل حدثت انقلابات عسكرية أوصلت للحكم ضباطا شاركوا في حرب 1948 وذاقوا مرارة خذلان الأنظمة العربية وتعهدوا (بالقضاء على إسرائيل)، إلا ان الادعاءات لم تنسجم مع الأفعال. وتمكنت إسرائيل من الاستمرار في عملية قضم الأراضي العربية سواء الفلسطينية التي تقع خارج سيطرتها، او من الدول العربية المجاورة. واستمرت في التوسع حتى تمكنت من احتلال كل الأراضي الفلسطينية عام 1967، بعد ان هزمت ثلاث جيوش عربية، في حرب خاطفة خططت لها بصورة جيدة، وزادت على ذلك بان احتلت كل سيناء وهضبة الجولان السورية وجزء من جنوب لبنان. بالإضافة إلى ذلك حاولت إسرائيل احباط وافشال اي مشروع نهضوي، (تنمويا وصناعيا او عسكريا، بل وحتى سياسياً)، من خلال التآمر عليه بشتى الوسائل، سواء بالهجوم العسكري او بإذكاء المؤامرات والاضطرابات الداخلية والحروب الاهلية.

وبالنتيجة نجحت إسرائيل نجاحا كبيرا من وضع القضية الفلسطينية على الرفوف، على الرغم من استمرار الأنظمة بالادعاء انها القضية المركزية الاولى.واتيحت للعرب فرصة ذهبية في عام 1973 لهزيمة جيش الاحتلال في معركة تم الاعداد لها بشكل جيد بين مصر وسوريا، ونجحت في البداية في توجيه ضربة قاصمة للجيش الاسرائيلي على الجبهتين، وزادت فعالية الهجوم العربي بعد دخول القوات العراقية وبسرعة كبيرة الى ساحة المعركة على الجبهة السورية، ولكن رئيس مصر آنذاك انور السادات اتخذ قرارا أفشل الهجوم الأولي الناجح وجعله هجوما محدودا، مما سمح للقوات الاسرائيلية من الالتفاف على الجيش المصري والانفراد بالجيش السوري، الذي أضطر للتراجع بسبب التفوق الاسرائيلي الجوي، وكادت دمشق ان تسقط لولا تدخل القوات العراقية.

 وما يؤلم ايضا هو الإحساس بان هناك أنظمة وتنظيمات عربية متناغمة وراضية بالخطط الرامية لإنهاء المقاومة، وخاصة تلك المحسوبة على الخط الأمريكي – الغربي – الاسرائيلي، لأنها اولا تخشى رد فعل واشنطن وثانيا لأنها تشعر بانها ستخضع للمحاسبة الشعبية او سيطاح بها نتيجة لقبولها بوجود إسرائيل كواقع حال لا يمكن تغيره، (وهي لا تدرك ان ذلك سيحدث مهما كانت نتائج الحرب في غزة). وبكلمة مختصرة ان العرب اليوم مطالبون بالحفاظ على حركة المقاومة ودعمها والإصرار على اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعكس ذلك سوف لن تقوم للامة قائمة، وستبقى تحت رحمة المؤامرات والاجتياحات والاحتلالات الاسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة وبريطانيا وباقي الدول المتحالفة معها .

Facebook Comments

Comments are closed.