عندما تتقيّأ مفوضة الاتحاد الأوروبي أورسولا فون ديرلاين لاسترضاء إسرائيل

للكاتب عوض سليمية

شهادة الزور التي ادلت بها ما تسمى بمفوضة الاتحاد الاوروبي أورسولا فون دير لاين في ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني أو ما اسمته صاحبة الشهادة الكاذبة “ذكرى إعلان قيام دولة إسرائيل”، جاء منسجماً تماماً مع سياسات بعض دول الكتلة الاوروبية التمييزية المنحازة لاسرائيل منذ إنشائها على انقاض الشعب الفلسطيني ونكبته حتى وأن حاولت إخفائه، وفي سياق ليس ببعيد عن وضعية الخضوع التام والتبعية للسياسات الامريكية، والتي اشار اليها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون منتصف شهر ابريل خلال زيارته لبكين. وتتشابه أيضاً مع التصريحات العنصرية لمسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزيف بوريل عندما وصف أوروبا بـ«الحديقة» ومعظم دول العالم بأنها «أدغال».

وفي رسالتها لتهنئة قادة اليمين المتطرف في دولة الاحتلال، تدعي المفوضة ان إسرائيل جعلت الصحراء تتفتح، تقول: “اليوم، نحتفل بمرور 75 عامًا على الديمقراطية النابضة بالحياة في قلب الشرق الأوسط، و75 عامًا من الديناميكية والإبداع والابتكارات الرائدة. لقد نجحت إسرائيل حرفياً في جعل الصحراء تتفتح”. هذا التصريح هو إشارة فاضحة للمستوى الرفيع من العنصرية وحجم الكراهية الذي يسكنها تجاه الفلسطينيين والعرب عموماً، وتجاهل لحقيقة ثابتة جوهرها، أن الاحتلال والديموقراطية لا يمكن أن يلتقيان، ولا يمكن ان يكون هناك حقوق للانسان ولا حياة كريمة في ظل الاحتلال، كما لا تتوافق تصريحاتها العنصرية هذه مع واقع اقتلاع مئات الاف الفلسطينيين من جذورهم .

وفي رسالتها الدعائية المجردة من الانسانية، تقول ديرلاين، “قبل 75 عامًا، تحقق حلم مع عيد استقلال إسرائيل”، “بعد أكبر مأساة في تاريخ البشرية، تمكن الشعب اليهودي أخيرًا من بناء منزل له في أرض الميعاد'”. وضمن هذا القيئ الكريه، والذي يتبنى الرواية الصهيونية كاملةً. تتغافل فون ديرلاين ان مأساة اليهود -في إشارة الى الهولوكوست، جاءت بسبب نزعة التطرف التي سادت إحدى دول اوروبا والتي تنطق بإسمها الان، المانيا الهتلرية النازية، ولم تكن هذه المأساة التي تدعيها بسبب الفلسطينيين، ولم يرتكب الفلسطينيون -الذين دفعوا الاثمان غالية منذ 75 عاماً من نكبتهم، أي خطيئة، كما لم يكن لهم أي علاقة أو إرتباط بهذه المحرقة.

وعلى النقيض من ذلك، فإن ابناء الشعب الفلسطيني كانوا ضحايا لاكبر عملية تزييف وموآمرة وثقها تاريخ البشرية ودعمتها دول اوروبا، وتفوقت في بشاعتها جريمة الهولوكوست اليتيمة، وما زال ابناء الشعب الفلسطيني يتعرضون يومياً وعلى طول مسار نكبتهم لعشرات الجرائم والمذابح التي تتخطى في فظاعتها جريمة الهولوكوست التي تتباكى عليها الناطقة بإسم اوروبا.وفي هذا الخطاب الاستعماري الشبيه بسلوك بلفور، تكشف العجوز عن وجهها الحقيقي المزدوج، فهي تتفاخر بما أسمته “القيم المشتركة” و”الصداقة”، التي تجمع اوروبا “الديمقراطية” ودولة الاحتلال التي قامت على جماجم شعب بأكمله.

وبالمقابل تدعي انها تبحث مع الطرفين عن مسارات ناجحة لحل الدولتين. وهذا السلوك الامبريالي السائد والساعي الى تبييض سجل قيادة يمينية متطرفة مُصنفة على قوائم العنصريين ومجرمي الحرب. كان محل استنكار شديد من قبل القيادة الفلسطينية واعتبرتها تصريحات “عنصرية وتمييزية كاذبة” وجزء من المجهود اليائس “لمحو النكبة” وطالبتها بسرعة التراجع عنها والاعتذار، وفقاً لبيان وزارة الخارجية الفلسطينية. وبالمثل، استنكر البرلمان العربي هذه التصريحات بشدة، وتجاهلها لحقيقة ممارسات الاحتلال الاسرائيلي المخالفة لحقوق الإنسان والقوانين الدولية. وهذا يستدعي ايضاً من المنظمات الاوروبية والعالمية المناصرة لحقوق الشعب الفلسطيني ان تتوقف عندها بحزم، وتصدر بياناً يوضح موقفها الحقيقي من هذه التزييف الفاضح للحقائق.

ولأن من شأن وصف دولة الاحتلال الاسرائيلي التي تنفذ سياسة الفصل العنصري وترتكب جرائم يومية بحق شعب اعزل، بأنها دولة “ديمقراطية نابضة بالحياة”، و”حولت الصحراء الى ورود متفتحة”، هي محاولة لاخفاء جرائم الاحتلال، ولا يمكن تصنيفها الا في سياق رسائل تطمين وتصريح مفتوح، يتعهد بإستمرار تغذية اوروبا لهذا الوحش ذو الميول المتطرفة والنزعة الهتلرية، نحو إرتكاب مزيداً من الجرائم، كما وتحمل هذه التصريحات العنصرية في طياتها رسائل تكشف الوجه الحقيقي لدول اوروبا الداعمة لاسرائيل وجرائمها مهما حاولت تجميل وجهها.

Facebook Comments

Comments are closed.