شهدت الأسواق المحلية العراقية ارتفاعا جديدا في سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، إذ بلغت قيمة الدولار الواحد 1500 دينار عراقي، بفارق واضح عن السعر المقرر من البنك المركزي وهو 1450 دينارا للدولار الواحد.
وسجلت قيمة الارتفاع الجديدة في بورصة بغداد للعملات الصعبة وشركات الصرافة في منطقتي الكفاح والحارثية ببغداد فضلا عن أربيل، وفي حال استمرار الارتفاع حتى نهاية اليوم فهذا يعني أن السعر سيبقى على حاله لغاية الأحد المقبل وهو موعد استئناف الدوام الرسمي وطرح البنك المركزي كميات جديدة من العملة الصعبة ضمن سياسة الحفاظ على قيمة الدينار.
ولم تقدم السلطات المختصة حتى الآن أي تفسيرات على هذا الارتفاع لكن خبراء ومختصين يعزون ذلك إلى مضاربات داخل السوق يفتعله تجار ورجال أعمال وبنوك خاصة.
ولا يعتبر الارتفاع هو الأول من نوعه، لكنه الأعلى، إذ سجلت الأيام الماضية ارتفاعا طفيفا عند 1460 و1470 دينارا للدولار الواحد.
وسبب ارتفاع سعر صرف الدولار في العراق خلال الفترة الماضية ارتفاعا في أسعار البضائع، وخصوصا المواد الغذائية، وتكاد الأسواق والمراكز التجارية في العراق تخلو من المتبضعين، منذ عدة أيام، بسبب الإرباك الاقتصادي من ارتفاع سعر صرف الدولار والارتفاع الجديد في أسعار المواد الغذائية وغيرها.
وأكدت وزارة التخطيط العراقية، في وقت سابق، ارتفاع مؤشرات الفقر في البلاد إلى 27%، بسبب الزيادة في ارتفاع الأسعار، على خلفية إجراءات حكومية عدة لتجاوز الأزمة المالية، من بينها رفع سعر صرف الدولار، حيث رفعت حكومة الكاظمي سعر الصرف من 1200 دينار إلى 1450، لكل دولار.
ويقول عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي سالم الطفيلي، إن “السبب الرئيسي لاستمرار ارتفاع سعر صرف الدولار عدم وجود رقابة حكومية حقيقة على السوق العراقي، وكذلك عمل المصارف الأهلية والصيرفات، التي تتلاعب بالأسعار حسب مصلحتها دون أي رقابة أو محاسبة”.
وبين الطفيلي أن “ارتفاع سعر صرف الدولار وكذلك المواد الغذائية وغيرها من المواد يقف خلفه بعض التجار الجشعين وأصحاب المصارف وشركات التحويل المالي، من الشخصيات المتنفذة، ذات العلاقات مع بعض الأطراف والشخصيات السياسية، التي تتحكم بالسوق كما تشاء وفق صمت حكومي”.
وأضاف أن “السوق العراقي يشهد منذ أيام إرباكا كبيرا بسبب عدم استقرار سعر صرف الدولار وزيادة أسعار المواد من جديد، وهذا الأمر يتطلب تدخل الجهات الحكومية المختصة، للسيطرة على الوضع، وبخلاف ذلك فإن الشارع العراقي سوف ينفجر من جديد بوجه الحكومة وكل الطبقة السياسية، بسبب ما يمر من ظروف اقتصادية صعبة”.
وقال عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي محمد الشبكي، إن “الأيام القليلة المقبلة سوف تشهد استضافة الجهات المختصة في وزارة المالية والبنك المركزي، لمناقشة تداعيات ارتفاع سعر صرف الدولار، فوق المبلغ المقرر في موازنة سنة 2021”.
وبين الشبكي أن “اللجنة المالية في البرلمان العراقي سوف تقدم مقترحات كثيرة من أجل سيطرة الجهات الحكومية المختصة على سعر صرف الدولار وكذلك منع التجار من التلاعب في اسعار المواد الغذائية وغيرها، فهذا الأمر سيدفع إلى كوارث إنسانية في المجتمع العراقي، خصوصاً مع ارتفاع نسبة الفقر ونسبة العاطلين عن العمل بنسب كبير”.
وحذر النائب العراقي من أن “الوضع الاقتصادي في العراق لا يسمح باستمرار ارتفاع سعر صرف الدولار والمواد الغذائية، فهذا الأمر سيكون له تداعيات كبيرة وخطيرة منها انفجار التظاهرات الشعبية وكذلك زيادة نسب الجرائم في المجتمع العراقي، خصوصاً عدم توفر فرص العمل في القطاع الحكومي والخاص، واستمرار نسبة البطالة بين صفوف الشباب بشكل كبير”.
في المقابل، قال الخبير الاقتصادي يونس الكعبي، في تصريحات صحافية، إن “مزاد العملة لم يتناقص في مبيعاته ولا الطبقة الفقيرة تحسنت أوضاعها المعيشية والأهم من ذلك ترك شريحة مهمة من المجتمع تحت وطأة الفقر وهم طبقة الموظفين والمتقاعدين”.
وأوضح الكعبي أن “تراجع دخل الموظفين والمتقاعدين الشهري نتيجة تغير سعر الصرف من جهة ومن جهة أخرى ارتفاع أسعار البضائع والأدوية والسلع الأساسية في الأسواق المحلية”.
وكشف الخبير العراقي أن “بيانات وزارة التخطيط تشير الى ارتفاع نسبة الفقر في العراق من 25% إلى 28% وهذا أكبر مؤشر على فشل السياسة المالية والنقدية في العراق”.