بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في اليمن السؤال الذي يطرح نفسة ماهي أهم أولويات هذا المجلس الجديد وهل يوجد خارطة طريق واضحة لعمله في المرحلة القادمة ؟ ولاشك أن هناك تحديات كبيرة ستكون ماثلة أمام المجلس الرئاسي الجديد سياسياً وعسكرياً وعلى رأسها كيفية تعامله مع أنصار الله سلطة الأمر الواقع التي تتمسك بمطالب وشروط يراها البعض عائقاً أمام أي مفاوضات سلام مقبله كما أن من المتوقع أنه سيكون لدى المجلس الرئاسي من جانبه شروطا لن تقبلها صنعاء وبالتالي فإن أي مفاوضات سلام لابد أن تكون شاقة وطويلة ومعقدة وغير مضمونة النتائج.
وبما أن المؤشرات تؤكد أن خيار المواجهة العسكرية أصبحت عديمة الجدوي بتوافق جميع الاطراف ووسط هذه الاجواء على الساحة السياسية اليمنية وخصوصا بعد ألتزام جميع الاطراف بالهدنة المؤقتة والتى يحوم حولها الغموض و تنذر بمستقبل وواقع جديد قد يصدم كثير من المتفائلين حيث تطرح اليوم الكثير من التوقعات والتنبؤات أولها هو تفجر الازمات داخل اليمن على أعتبار أنة سيكون من الصعب على جميع الاطراف التنازل عن بعض نفوذهم داخل اليمن وهذا يعطي مؤشر سئ على أن الحل السياسي لن يكون سهلا في الوقت الحالي وقد يستمر طويلا.
ويذكر أن تاريخ الصراعات اليمنية يفيد إلى أنها كانت تعالج بدفع خارجي نحو تسويات تحاول ضبط موازين القوى الداخلية وتهدئة الخوف المناطقي والمذهبي علما أن استخدام السلاح لتحقيق التوازن كان يؤدي إلى الفشل ذلك أن الاستقرار لا يمكن تحقيقه تحت ظل هيمنة أطراف معينة تستنفر المتضررين فضلا عن أن استعانة أي طرف بالقوى الخارجية تدفع بالآخرين للأمر نفسه مما يجعل اليمن ساحة صراعات للأطراف الاقليمية.لقد زادت في الفترة الاخيرة التحليلات السياسية حول الحرب والسلام والمناطقية والعنصرية والقبلية والشمال والجنوب وغيرها من المسميات والاسقاطات السياسية التي تخدم كل طرف بطريقة بائسة بعيدة عن الواقع.
في المقابل أدرك السعوديين أن اليمن أختبار صعب بالنسبة لهم وماحدث في مشاورات الرياض في أبريل 2022 يظهر أن هناك سياسة سعودية جديدة تبلورها طبيعة الأحداث ويبدو أن هناك أدراك أن الحرب في اليمن قدتجلب حالة من عدم الاستقرار في اليمن تصيب أثارها السعوديه فهل هذة الخطوة من قبل السعوديين بدايةللتركيز علي الحل السياسي الشامل والحد من تزايد وجود كيانات مستقلة داخل الجغرافيا اليمنية يمكن أستخدمها في العداء مع السعودية.ويبقي السؤال الأكثر تداولا ونقاشا هو مايتعلق بمدى بقاء اليمن موحدا وقدرة اليمنيين على تجاوز ما أحدثته الحرب من شقوق هائلة في النسيج الاجتماعي ومدى نجاح مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الرئيس رشاد العليمي وحكومته في تطبيع جميع الأوضاع .
بالمقابل فإن أفاق الحل تكمن في أن يعمل مجلس القيادة الرئاسي في الاستمرار في مهمة تطبيع الأوضاع وخلق ظروف تسمح بإجراء حوار سياسي حول شكل الدولة والنظام السياسي الدائم لليمن مستنيرين بنتائج الحوارات السابقة وتحديدًا مؤتمر الحوار الوطني ومفاوضات الكويت وغيرها .والواقع اليوم يؤكد أن أهم الاولويات بالنسبة للشعب اليمني هي وقف الحرب وتطبيع الاوضاع المعيشية وفتح الطرقات والموانيء والمطارات وتسهيل حركة انتقال الناس بين المدن أما مايتعلق بمواضيع بناء الدولة والدستور والوحدة وغيرها من القضايا الهامة فإنها ستأخذ وقت طويل خصوصا وأن الحديث عن مستقبل البلاد يحتاج إلى شكل من أشكال الاستقرار النسبي ولا يبدو أن مثل هذا الأمر ممكن التحقق في الوقت الحالي .
وهذا هو الواقع المعاش اليوم ورغم أن هذا السيناريو يبدو دون أفق وغير محتمل بقاؤه إلى ما لا نهاية إلا أن التاريخ يحدثنا بأن هناك دولًا ومجتمعات استمر الصراع في داخلها دون حسم أو نتيجة واضحة لفترات طويلة كما هي الحال في الصومال فمنذ 30 سنة تقريبًا انهارت الدولة هناك وحتى الآن لم تُسْتَعَدْ ولم يحدث انفصال قانوني ورسمي للمناطق التي هي عمليًّا مستقلة عن الدولة الأم ورغم أن موقع اليمن وكبر حجمه وكثرة عدد سكانه تجعله مختلفًا عن الصومال نسبيًّا إلا أنه ليس في الأفق ما يشير إلى أن اليمن ستخرج من دوامة الانقسام والفوضى دون خطط واضحة أو تغيرات كبيرة علي المستوي المحلي والاقليمي والدولي .