صعوبات شكلية أمام تشكيل حلف العار.. ومحاذير أمام الحرب على إيران

للكاتب فؤاد البطاينة

في ظل أحادية القطبية، مارسَ المعسكر الغربي نهجه الإستعماري بغزوات عسكرية على خلفيات اقتصادية – ثقافية، أطاح فيها بدول وأنظمة ومقدرات شعوب، ثم توجه للسيطرة على دول الاتحاد السوفيتي المنحل، وهدد مصالح روسيا الاستراتيجية. ومع تفعيل التوازنات الردعية، اتخذ الصراع شكله الإقتصادي المعلن. وبينما تعاظمت الصين اقتصادياً بصمت في أكثر من عقدين دون طلقة واحدة وتصدرت المشهد الإقتصادي، كان المعسكر الغربي يتوغل باستخدام سلاح العقوبات الإقتصادية ليستيقظ العالم على حالة يختلط فيها التهديد العسكري مع الإقتصادي.

 ولا غرابة في ظل توريط روسيا في الدفاع عن مجالها الحيوي أن تسارع الولايات المتحدة كزعيمة الإمبريالية لمواجهة المد الصيني الإقتصادي بما يعنيه ذلك ويتطلبه من إجراءات عسكريه استباقية تعرف أمريكا بأنها ستُحفز لتشكيل حلف شرقي عصبه في المنطقة إيران، لتدخل إسرائيل اللعبة من أوسع أبوابها. حيث تتقاطع  المصالح الإسرائيلية الصهيونية على الساحة الدولية أكثر مما تتطابق مع مصالح الولايات المتحدة ومن هنا جاء التحالف الاستراتيجي بين الطرفين في إدارة ريغان ليوثق منح اسرائيل حق تطويع القرار الأمريكي للقرار الإسرائيلي فيما يخص الصراع العربي الإسرائيلي. فأمريكا لا تنظر لإيران وملفها النووي وقوتها العسكرية بذات النظرة الإسرائيلية من التطرف، ولم تكن تحبذ مواجهة أيران عسكرياً، بل ترنو لصداقتها أو احتوائها، وبالمقابل فإن إسرائيل لا تشارك الولايات المتحدة في مواجهة روسيا والصين.

إلّا أن الجديد في السياسة الأمريكيه على صعيد المواجهة مع الصين كما ورد في أعلاه يغير النظرة الأمريكية نحو إيران. ففي حساباتها أن جبهة الصراع التي تزمع على فتحها مع الصين إضافة للمفتوحة مع روسيا بالوكالة، سيؤدي الى تقنين تحالف شرقي تكون إيران في قلبه لتصبح خطراً قادماً ووشيكاً وربما حاسما على أمريكا. وهنا تتطابق مصلحتها هذه المرة مع مصلحة اسرائيل بدون تحفظات. إنها فرصة ثمينة لإسرائيل للتخلص من خطر إيران العسكري والسياسي، وعلى مشروع هيمنتها على الوطن العربي، وبما يمهد الطريق أمام إقليم تحت إدارتها.

 ومن هنا أيضاً نشط الكونغرس الأمريكي ليلتقي مع نداءات المجلس الصهيوني اليهودي العالمي في مشروع التحالف العسكري الدفاعي بين اسرائيل والدول العربية المطبعة ذات المجال الجغرافي الحيوي والغطاء السياسي. حيث أصبح هذا المشروع حيويا لأمريكا ومطلباً لها بنفس الدرجة لإسرائيل. إذاً، نحن الآن أمام مشروع عربي – صهيوني عسكري سياسي تصنعه وتتبناه أمريكا وتقوده إسرائيل في منطقتنا العربية الأسيوية المكشوفة عسكرياً والراضخة سياسيا من مصر إلى حدود إيران، لحرب تخصهما، تستأثران فيها باستخدام مشين لأراضينا ولجيوشنا وكمجال حيوي لحماية اسرائيل، وتمتص فيها شعوبنا ومقدراتنا الضربات المفترض أن تصل لعدونا الوجودي. وحيث أن إيران ستكون في الحلف المحتمل مركز الثقل واليد الممتدة في الإقليم المُستهدف، فإن حرباً استباقية محتملة حسب الظرف قد تكون عليها بزخم أمريكي أعنف من الزخم الروسي في أكرانيا.

 وإذا لم يحدث هذا السيناريو لسبب جوهري أو لصفقة أو بزوغ حكمة لدرء حرب عالمية، فإن إسرائيل التي لا تستطيع الدخول بحرب على ايران دون مشاركة أمريكية ودون حل لمعضلة حزب الله، ستكون محتاطة لذلك وستستبقه للتعجيل في بناء الحلف العربي الاسرائيلي الدفاعي لتكون جاهزة لوضع أمريكا أمام أمر واقع في سيناريو الحرب على سورية بواسطة هذا الحلف. والخلاصة أمام إسرائيل وأمريكا معضلة حزب الله الكأداء قائمة، وهناك صعوبات ومحاذير أمام أمريكا والأنظمة العربية تقف أمام تشكيل هذا الحلف على المقاس الصهيو أمريكي على الأقل.

فمعضلة حزب الله نلاحظ غيابها عن حديث بعض المحللين في سيناريو الحرب على أيران مما يفسد الحديث نفسه. وربما يكون هذا ناشئا عن صعوبة وتعقيد الفتوى العسكرية بشأنها. ولا أرى إسرائيل قادرة على حساب نتائجها إذا اندلعت الحرب. فحزب الله رابض على أرض متصلة ومفتوحة مع الداخل الإسرائيلي مما يجعل من العمق الجغرافي الذي تتمتع به اسرائيل وأمريكا من نهر الأردن لشواطئ الخليج بفضل خيانة الحكام العرب، يَسقط ويفقد قيمته أمام صفرية العمق بين حزب الله وفلسطين. فأي حرب مع حزب الله وبالتكنولوجيا الأمريكية يكون فيها الخطأ في صد واحد بالألف من صواريخه، كافياً لفعل ما لا تتحمل نتائجه إسرائيل سكانياً.

مقالات ذات صلة