جريمة مناهضة التطبيع مع إسرائيل

للكاتب عبدالله الأشعل

تحاول الحركة الصهيونية أن تفسح المجال لإسرائيل لكى تحكم قبضتها على الوضع العربى ولكى تسهل لها اختراق العالم العربى وخلق بيئة حاضنة للمشروع الصهيونى عند العرب الذين كانوا أعداءه فى الماضى وكانت إسرائيل تجد صعوبة كبيرة فى الاقتراب من العرب ولولا أنور السادات لما تمكنت إسرائيل من العالم العربى مرورا  بفلسطين وانتهاءا بمصر أما أدوات المشروع فى حماية تصرفات إسرائيل وهى نفسها الجريمة الكبرى التى تم من خلالها اغتصاب اليهود لفلسطين فإسرائيل رأس الحربة وعنوانه الإقليمى ويؤمن المشروع عالميا كافة الفرص لكى تزدهر إسرائيل وسط الغابة العربية .

فقد كانت إسرائيل حتى وقت قريب تعتبر نفسها فى بيئة عربية متربصة بها وحتى  محمد البرادعى المدير العام لوكالة الطاقة الذرية أكد خلال زيارته لإسرائيل عام 2007 أن إسرائيل من حقها أن تتسلح بالقدرات النووية لكى تدافع عن نفسها ضد البيئة العربية المعادية لها وذلك قبل أن يقوم البرادعى بدور متقدم خلال ثورة 25 يناير فى مصر.وقد مرت أدوات المشروع الصهيونى لحماية إسرائيل بعدة مراحل:المرحلة الأولى  كانت إسرائيل ترفع شعارا بريئا تريد به مجرد أن يقبلها العرب بين ظهرانيهم ولذلك وجدت شعار السلام مغريا وظلت تلح على العرب بقبول قرار التقسيم فلما قبلوه لم تعد إسرائيل بحاجة إليه لأنها حصلت على ما تريد من أنور السادات.

 ثم فى مرحلة ثانية قالت إسرائيل أن رد الأرض العربية إلى أصحابها بعد أن أستولت إسرائيل عليها عام 1967 يقابله احلال السلام محل العداء لإسرائيل وتطبيع العلاقات بين الجانبين وبالطبع نسيان الملف الفلسطينى وتحول الصراع العربى الإسرائيلي إلى سلام عربى إسرائيلى ثم فى مرحلة ثالثة قضت على أهم ورقة للفلسطينيين وهى تحييد ثم استعداء الحاضنة العربية وانعكس ذلك كله على إضعاف الجانب الفلسطينى فى مواجهة إسرائيل فأضطر ياسر عرفات إلى ابرام اتفاق أوسلو وبعدها تحولت إسرائيل إلى المرحلة الرابعة وهى أمن العرب من العدوان الإسرائيلى مقابل التنازل عن فلسطين والأراضى العربية.

 وعيرت اسرائيل عن ذلك المفاوضات للمفاوضات ولذلك بدأ لبعض السفهاء فى العالم العربى ومصر أن أنور السادات كان وطنيا ورفض متطلبات هذه المرحلة علما بأن السادات كان قد رحل وأعطى مكانه لمن لديه الرغبة والتجدد لخدمة المشروع الصهيونى وهو حسنى مبارك الذى لقبته إسرائيل بالكنز الاستراتيجى لها وتمسكت إسرائيل بحسنى مبارك وتأمرت على ثورة الشعب المصرى فى يناير 2011 ولم تكن إسرائيل تدرى أن الأيام تحمل لها الحظ الكبير بعد زوال حسنى مبارك وغني عن البيان أن إسرائيل ابتدعت عقوبة رادعه لكل من ينتقد إسرائيل أو يسعى إلى الاضرار بها وهى جريمة معاداة السامية .

وطبيعى أن يصدر الكونجرس الأمريكى قانونا بهذا المعنى بحيث يخرس الألسنة العربية وغير العربية عن نقد إسرائيل كما يصف المقاومة ضدها بالإرهاب وأخر فصول أدوات حماية إسرائيل فى المشروع الصهيونى هو ذلك القانون الذى أشرنا إليه فى مقدمة المقالة مقترح من عضوين فى مجلس الشيوخ الأمريكى يعتبر أن مقاومة التطبيع العربى الإسرائيلى جريمة ومن المتوقع أن تأمر واشنطن صبيانها العرب بسن تشريعات تشيد بالتطبيع وتعاقب على مقاومته أو نقده .ومما يذكر أن أنور السادات بعد ابرام صفقة السلام مع إسرائيل عام 1979 استصدر من مجلس الشعب المصرى الذى يسيطر عليه قانونا يعاقب كل من ينتقد التطبيع مع إسرائيل.

 وأطلق على هذا القانون أسما لم يتحرج من أختراعه وهو قانون العيب وترتب على ذلك أن العيب فى مصر أصبح معكوسا فبعد أن كان العيب هو مجرد سماع إذاعة إسرائيل أيام عبدالناصر صار العيب عند السادات هو نقد إسرائيل أو التقارب معها وهذا القانون تمكن السادات به من سجن كل المعارضين وكانت تلك أحر خدمة قدمها السادات قبل الاستغناء عن خدماته باغتياله فكأن القانون المصرى سابق على القانون الأمريكى بحوالى نصف قرن لذلك نتوقع أن يتم تأكيد قانون العيب فى مصر وعند الدول العربية فى المرحلة التالية وخاصة وأن الرئيس بايدن قام بإعلان إسرائيل عاصمة المنطقة ومركز التفاعلات فيها فى اطار الشرق الأوسط الجديد الذى يراد له أن يقضى على عروبة المنطقة وعروبة فلسطين .

مقالات ذات صلة