عنصرية أمريكا اتجاه مواطنيها العرب؟

للكاتب عميرة أيسر

لطالما روجت الولايات المتحدة الأمريكية لنفسها بأنها بلد الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية والقانون والحريات الفردية، وبأن كل مواطنيها سواسية أمام القانون الفيدرالي في بلاد العم سام، وبأن  واجبها السّياسي والأخلاقي والقانوني يحتم عليها الدفاع  كل مواطن يحمل الجنسية الأمريكية في أي مكان في العالم،  بالإضافة لتقديم كل أنواع الدعم والحماية الدبلوماسية وحتىّ العسكرية له إن لزم الأمر، وذلك حسبما جاء في وثيقة دستور الولايات المتحدة الأمريكية لسنة 1789م، بجميع تعديلاته لغاية سنة 1992م، والتي بلغت 27 تعديلاً دستورياً.

 فقد  جاء في التعديل 14 الفقرة 1 ما يلي ” يعتبر جموع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة الأمريكية والحاملين لجنسيتها والخاضعين لسلطانها، من مواطنييى الولايات المتحدة الأمريكية، ومواطنيي الولاية التي يقيمون فيها، ولا يجوز لأي ولاية أن تضع أو تطبق أي قانون ينقص من امتيازات أو حصانة مواطنيي الولايات المتحدة الأمريكية، كما لا يجوز لأية ولاية أن تحرم أي شخص من الحياة أو الحرية أو الممتلكات دون مراعاة الإجراءات القانونية الأصولية، ولا أن تحرم أي شخص خاضع لسلطانها من المساواة في حماية القوانين.

ولكن يبدو بأن الولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ أحداث 11سبتمبر/أيلول 2001م، تعرف تغييراً دراماتيكياً وغير مسبوق في التركيبة القانونية والثقافية والبيئة الاجتماعية، حيث أصبح هناك شرخ كبير وواضح، بين الخطاب السّياسي والقانوني في أمريكا وبين ممارساتها الواقعية، حيث منذ ذلك الوقت تمارس الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة في نخبها البيروقراطية تمييزاً عنصرياً ضد مواطنيها العرب الحاملين للجنسية الأمريكية، حيث ازدادت موجة الكراهية والاضطهاد ضدهم بشكل كبير مباشرة بعد تلك الأحداث التي يرى الكثير من الخبراء بأنها من صنع المخابرات الأمريكية والموساد الصهيوني، وذلك من أجل إيجاد الذرائع والمبررات الكافية من طرف اليمين المتطرف في تل أبيب، الذي كان ولا يزال في تحالف استراتيجي مع تيار المحافظين الجدد في أمريكا لغزو العراق.

وحسب ما  يقول المفكر إيميل أمين ” ان  العربوفوبيا هي الوجه الاخر للاسلاموفوبيا، وعلى الرغم من أن الغالبية من العرب مسلمون، فإن أي عربي بما في ذلك عرب أمريكا من المسيحيين، بات ينظر إليهم على أنه ارهابي”، ويرى بأن أزمة العربوفوبيا تتصاعد بشكل غير مسبوق، وأنه مع تصاعد المدد اليميني المتطرف الذي يستهدف ويسقط أمريكيين لاتينيين كما جرى في حوادث تكساس وأوهايو الاخيرة، يمكن القول أن  سيكونوا ضحايا في  جولات و صولات مقبلة”. ويضيف كذلك بأن  المنظرين والمفكرين  في الداخل الأمريكي ألهبوا  العربوفوبيا.

والملاحظ أن تعامل  المسؤولين في الولايات المتحدة الأمريكية مع العرب،  لا يختلف باختلاف الأحزاب الحاكمة أو الرؤساء فيها، فالجميع يعتبرهم مواطنين من الدرجة الثانية، والدليل على ذلك هو تعامل ادارة بايدن مع حادثة مقتل الصحفية شرين أبو عاقلة، حيث أنه وخلال زيارته الشرق أوسطية التي قادته إلى الكيان الصهيوني، والتي أكد فيها على أنه صهيوني أكثر من الصهاينة أنفسهم، تجاهل  بايدن كل المطالبات الأمريكية والدولية بضرورة فتح هذا الموضوع مع الجانب الصهيوني، حيث أن الجيش الاسرائيلي الذي يعتبر المسؤول الأول عن استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة باعتبار أن كل الأدلة تشير لتورط أعضاء من وحدة ” دوفدوفان”، التابعة للجيش الاسرائيلي رفضت  تحمل المسؤولية.

والحقيقة التي لا يمكن لأحد انكارها بأن العرب مضطهدون في أمريكا، ويعاملون بازدراء من طرف الإعلام الأمريكي، الذي يصور العربي حتى ولو كان مواطن أمريكي بأنه شخص عنصري وارهابي وعدواني وجاهل، وذلك في صورة نمطية كرستها أفلام هوليوود التي تحرص في كل أفلامها تقريباً على ربط العرب والمسلمين بالإرهاب، وبالرغم من الجهود التي تبذلها المنظمات العربية، والمنظمات المستقلة وغير الحكومية، التي تعنى بحقوق الإنسان داخل أمريكا، لتغيير هذه الصور النمطية،  إلا أنّ التشرذم والانقسام العربي الحاد في أمريكا، وغياب أليات وميكانيزمات دستورية وقانونية تضمن حقوقهم كأقليات في أمريكا، يفاقم من حجم معاناتهم في مجتمع يهيمن عليه العرق الأبيض الأوروبي، والذي يعتبر نفسه الأحق بحكم أمريكا وادارتها منذ عهد المؤسس جورج واشنطن.

مقالات ذات صلة