قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الامريكية، إن الصين تستعد للصراع مع الولايات المتحدة والغرب، بعد أن قام الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بإطلاق العنان لمجموعة من الحملات العسكرية والاقتصادية والسياسية لتهيئة البلاد لاحتمال المواجهة.
ومنذ صعوده إلى السلطة قبل نحو عقد من الزمان، أطلق شي جين بينغ هذه الحملات “للمساعدة في ضمان أن تنتصر الصين، أو على الأقل تتحمل، أي مواجهة مع الغرب.
وقد عزز الجيش الصيني، وأعاد تنظيم الاقتصاد، وأعاد تشكيل المجتمع حول حزب شيوعي أكثر التزاما أيديولوجيا”، وفقا لتقرير للصحيفة.
ويقول التقرير إن “الرئيس الصيني أوضح أن هدفه الأسمى هو إعادة الصين إلى ما يعتقد أنه مكانها الصحيح كلاعب عالمي ومنافس للولايات المتحدة”.
ونتيجة لذلك، “أصبح شي جين بينغ يرى احتمال المواجهة مع الغرب أمرا مرجحا بشكل متزايد، وفقا لأشخاص مطلعين على تفكيره”.
وتشير الصحيفة إلى أن الرئيس الصيني يقترب الآن من الحصول على ولاية ثالثة مدتها خمس سنوات في السلطة، خلال اجتماع الحزب الشيوعي، الذي يبدأ الأحد، وهو ما قد يشكل سابقة بعد ولايتين متتاليتين في السلطة.
ومن المرجح أن يضمن ذلك أن رؤيته، الحازمة والدفاعية في نفس الوقت، ستوجه الصين لسنوات مقبلة. ومن الناحية السياسية، قام شي جين بينغ “بتعيين مساعدين موثوقين على كل مستوى من مستويات الحزب الشيوعي الحاكم، وقمع المعارضة في أماكن مثل هونغ كونغ وشينجيانغ، للمساعدة في تعزيز سلطته والقضاء على التأثيرات الأجنبية”، وفقا للصحيفة.
عسكريا، أعاد الرئيس الصيني تنظيم جيش التحرير الشعبي، وضاعف ميزانيته، وبدأ العمل على تعزيز ترسانة الصين النووية. كما أطلق حملة على مستوى المجتمع للترويج للصلابة ومعاقبة تحقير الجيش ومنع الشباب من إضاعة الوقت في لعب ألعاب الفيديو. وتهدف جميع هذه التدابير إلى ضمان استعداد الصين للانخراط في القتال، إذا لزم الأمر.
ومن الناحية الاقتصادية، أعاد شي توجيه مليارات الدولارات لتطوير تقنيات محلية، بما في ذلك أشباه الموصلات المتقدمة التي اشتراها منذ فترة طويلة من الخارج. لقد كبح جماح القطاع الخاص وأعاد تشكيل الشركات العملاقة المملوكة للدولة للمنافسة على المسرح العالمي.
وقد تساعد هذه التحركات الصين على تحمل المزيد من الضغوط من واشنطن لتقييد التجارة أو محاولة إبطاء صعود البلاد.
في الأسبوع الماضي، زادت وزارة التجارة الأميركية من الضغط بفرض قيود جديدة على الصادرات على أشباه الموصلات المتقدمة ومعدات تصنيع الرقائق (المعالجات الرقمية)، في محاولة لمنع بكين من تعزيز القوة العسكرية، وفقا للصحيفة.
وتلفت الصحيفة إلى أن الرئيس الصيني “قام بتوسيع التدريبات القتالية وزيادة الإنفاق العسكري إلى 200 مليار دولار العام الماضي، أي أكثر من ضعف المبلغ الذي أنفقته الصين قبل عقد من الزمان.
وتركزت الكثير من الجهود في الصين على تطوير وصناعة الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والأسلحة النووية وحاملات الطائرات التي تعزز قدرات الصين في صراع محتمل مع قوى مثل الولايات المتحدة”.
وتقول إنه “في إطار جهوده لإعادة التشكيل الاقتصادي، وجه الرئيس شي الشركات الصينية للاستثمار بشكل أكبر في الصناعات الاستراتيجية.
وقد اتخذ إجراءات صارمة ضد شركات التكنولوجيا الخاصة التي تركز على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الخدمات الاستهلاكية، لفشلها في خدمة مصالح الدولة بشكل مناسب، أو فرض قيود كافية على بيانات المستخدم الحساسة التي تخشى بكين من إمكانية مشاركتها مع المنظمين الأميركيين”.
وتضيف “تحاول الصين تطوير شبكة المدفوعات الخاصة بها، وطرح عملة رقمية مدعومة من الحكومة، وهي أدوات يمكن أن تساعد بكين في النهاية على تجنب استخدام الدولار الأمريكي، والالتفاف على النظام المالي العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة”.
وذكرت أن هناك عدة مواضيع وملفات خلافية بين واشنطن وبكين، ومنها ملف شركة “هواوي” والمخاوف على الأمن القومي الأميركي، وملف تايوان، وحقوق الإنسان في شينجيانغ (ملف الإيغور).
كما نظمت الولايات المتحدة تحالفا غير رسمي مع جيران الصين، الهند وأستراليا واليابان، المعروف باسم الرباعي، وهناك اتفاقية عسكرية مع المملكة المتحدة وأستراليا تُعرف باسم Aukus، وكلاهما أثار تنديدات من بكين.
التفوق على الصين
ومن جانب آخر، أكدت الولايات المتحدة، الأربعاء، أنها ستعطي الأولوية للتفوق على الصين التي تعتبرها منافسها العالمي الوحيد، في وقت تعمل أيضا على كبح جماح روسيا “الخطرة”.
وتم كشف النقاب عن وثائق استراتيجية الأمن القومي، التي تمتد على 48 صفحة، وجاء فيها أن عشرينيات القرن الحادي والعشرين ستكون “عقدا حاسما لأميركا والعالم” من أجل الحد من الصراعات ومواجهة التهديد الرئيسي المشترك المتمثل في تغير المناخ.
وأكدت الاستراتيجية “سنعطي الأولوية للحفاظ على أفضلية تنافسية دائمة على جمهورية الصين الشعبية مع تقييد روسيا التي لا تزال شديدة الخطورة”. وأوردت أن “التحدي الاستراتيجي الأكثر إلحاحا الذي يواجه رؤيتنا مصدره القوى التي تجمع بين الحكم الاستبدادي وسياسة خارجية تحريفية”.
وأضافت أن روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين “تشكل تهديدا مباشرا للنظام الدولي الحر والمفتوح، وتنتهك اليوم بشكل متهور القوانين الأساسية للنظام الدولي، كما أظهرت حربها العدوانية الوحشية ضد أوكرانيا”.
أما الصين “في المقابل، فهي المنافس الوحيد الذي لديه نية لإعادة تشكيل النظام الدولي و(تملك) بشكل متزايد القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية لتحقيق هذا الهدف”.
وتأخر نشر الاستراتيجية نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا وتركيز واشنطن في معظم هذا العام على حشد الحلفاء ومد كييف بأسلحة بمليارات الدولارات، لكنها تتماشى إلى حد كبير مع التوجيهات المؤقتة التي وضعتها الإدارة الأميركية بعيد تولي بايدن منصبه في يناير 2021، وفقا لفرانس برس.
وتبدي الاستراتيجية استعداد الولايات المتحدة للعمل حتى مع المنافسين لتحقيق المصالح المشتركة، وسط محادثات بشأن تغير المناخ تجريها إدارة بايدن مع الصين أكبر مصدر لانبعاثات الكربون.
ووصفت تغير المناخ بأنه “التحدي الوجودي في هذا العصر”. لكن البيت الأبيض شدد على المخاطر من الصين، محذرا من أن تقدمها التكنولوجي السريع يهدف إلى تشكيل النظام العالمي على نحو يدعم “نموذجها السلطوي”.
ورغم نفي بكين المتكرر أنها تسعى إلى الهيمنة، ترى وثائق الاستراتيجية الأميركية أن لدى الصين “طموحات لإنشاء مجال نفوذ معزّز في المحيطين الهندي والهادئ وأن تصبح القوة الرائدة في العالم”.