مسار الانتخابات التركية عند الرئيس الأسد

للكاتب خيام الزعبي

تتهافت وسائل الإعلام العالمية على نشر تقارير ودراسات لتقييم الحرب على سورية وتأخذ تلك التقارير سمة واحدة ومشتركة تتعلق بفشل قوى التآمر في عدوانهم على سورية، إذ أصبح هناك تصوّر واضح عن نتائج هذه الحرب، يتمحور بمجمله حول الإخفاق التركي -الغربي في تحقيق أي مكاسب، وهي صفعة قوية لكل قوى الشر التي تكالبت على سورية من كل حدب وصوب لتدمير الإنسان السوري.ومن تابع تصريحات وتهديدات الرئيس أردوغان في بداية الأزمة السورية لا يمكن ان يتوقع تراجع نبرته تجاه سورية في هذه الفترة، لذلك يبدو ان تركيا اقتنعت أخيراً، على قبول الحل السلمي للأزمة السورية بالطرق الدبلوماسية دون التهديد باستخدام القوة ضد سورية.

فقد  أكد أردوغان إن هناك تطورات تبعث الأمل في الجهود التي تبذلها تركيا مع روسيا لإنهاء الأزمة السورية في أقرب وقت ممكن. واليوم يتساءل المراقبون والمحللون في الشأن التركي والدولي عما الذي يمكن توقعه في الإنتخابات التركية القادمة ؟ حيث يستعد الأتراك للإنتخابات الرئاسية، بحالة من الترقب والأمل في مستقبل أفضل، ويتوجس الجميع في أن يكون الرئيس القادم غير مرض لآمالهم في تحقيق أهدافهم، لذلك فأن حساسية الإنتخابات بالنسبة الى حزب العدالة والتنمية أنها تجرى في ظل ظروف بالغة الصعوبة، فأجواء فضيحة الفساد تهيمن على المشهد التركي، والصدام مع الحليف السابق المقيم في الولايات المتحدة الداعية فتح الله غولن دخل مرحلة كسر العظم.

 وان طريقة تعامل الحكومة مع التظاهرات في اسطنبول ، والصراع مع المعارضة ولا سيما حزب الشعب الجمهوري أثارت تنديدات وبلغت مرحلة غير مسبوقة، والإقتصاد يشهد مرحلة من التضخم وسط تراجع قيمة الليرة التركي،  وفي الخارج فإن سياسة أردوغان أمام تحديات كثيرة بفعل التطورات الإقليمية والدولية، حيث فشلت سياسة عدم خلق خلافات مع دول الجوار إذ تعاني تركيا من نوع من العزلة الإقليمية خصوصاً بعد سقوط حكم محمد مرسي في مصر، وخلافات مع العراق ومصر، ومشاركة فعالة في ضرب ليبيا وتخريبها، وتورط في تفاصيل الحرب السورية، والانفتاح الغربي على إيران وإن كان محدوداً.

وبالمقابل هناك صحف ومصادر مقربة من حزب العدالة والتنمية تؤكد بأن الحزب المعارض التركي أرسل رسائل قوية في غاية الأهمية للرئيس الأسد، تحمل في طياتها الكثير من الدلائل من أهمها التعهد في حال فوز الحزب المعارض في الانتخابات المقبلة، بالانسحاب الكامل من كافة الأراضي السورية بما فيها ادلب، ومنح تعويضات لدمشق، بالإضافة الى اعادة اعمار سورية، فضلاً عن إعادة النظر في خطط أردوغان التوسعية وإفشال المؤامرات الهادفة لضرب أمن وإستقرار سورية.وان الهدف الأساسي من رسائل المعارضة التركية هو اقناع الرئيس الأسد بعدم اللقاء مع أردوغان  لان هذا اللقاء سيمنح أردوغان أوراق قوة في الانتخابات القادمة.

وأمام هذا الواقع الجديد والظروف المستجدة، فلا غريب أن يسمع السوريون والأتراك في يومنا هذا أن الرئيس الأسد أصبح الناخب الأول في تركيا، وأن من يطمح بالفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة في تركيا عليه أن يتسابق منافسيه لطلب رضا وبركات الرئيس الأسد، أي ثمة حقيقة واضحة يجب على تركيا ان تعترف بها، هي  أن الانتخابات التركية رهن الرئيس الأسد، الأمر الذي شكل صدمة كبيرة لحلفاء تركيا من المعارضة المسلحة، التي كانت تتخذ من أنقرة قاعدة لإنطلاقها.ومن الطبيعي أن تفشل تركيا في سورية، و لعل أنقرة قد إكتشفت مؤخراً أن صعود الشجرة السورية ليس سهلاً، لذلك بدأت البحث عن مخرج من الوضع الصعب التي وجدت نفسها فيه خلال السنوات الأخيرة.

وفي إطار ذلك لم يبقى أمام أردوغان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلا أن يتراجع في سياساته الداعمة للجماعات المسلحة، والإنخراط في التسويات والترتيبات الإقليمية والدولية التي تهدف لمواجهة الإرهاب من خلال وقف الدعم اللامحدود الذي تقدمه للتنظيمات المسلحة و وقف تدخلها في الشؤون الداخلية السورية.وبإختصار شديد، اليوم وبعد كل ما جرى في المنطقة من تطورات عاصفة، ستكون الفترة القادمة حبلى بمفاجآت سياسية وتدخلات كبيرة وستظهر تحالفات جديدة وموازين قوى أخرى تفرض نوعاً جديداً من العملية السياسية قد لا يحسب البعض لها حساباً.

مقالات ذات صلة