الوجه الأخر للسدود… هل يأخذ أردوغان العبرة؟

للكاتب خيام الزعبي

بسبب التعنت العربي فشل رهان الاكتفاء الذاتي من المياه بمشروع أنابيب السلام الذي تبناه الرئيس التركي السابق “تورجوت أوزال” عام 1993م، لنقل وبيع المياه للحكومة العبرية بالرغم من الضغط على العرب بشعار ” العرب يبيعون النفط  فلماذا لا تبيع تركيا المياه”  ويعتبر هذا المشروع واحد من أبرز وأخطر القضايا الحساسة لدى الدول العربية، الأمر الذي يلوح بمدى أهمية هذه المنطقة بالنسبة لإسرائيل، ويطرح تساؤلاً حول ما الدور الذي تلعبه إسرائيل هناك؟ ومن هذا المنطلق تعتبر إسرائيل عامل مدمّر لتطلعات أمتنا العربية من محيطها إلى خليجها.

وبعد فشل مشروع أنابيب السلام وصعوبة تنفيذه وتحقيقه تغير مصطلح المشروع  واتخذ اسم آخر هو “مشروع شرق الاناضول” فالهدف من وراء تلك الخطوة غير المسبوقة في المنطقة هو انشاء سد على الحدود السورية العراقية على نهري الفرات ودجلة بقروض أمريكية –إسرائيلية-غربية  لاستصلاح أراضي زراعية في الداخل التركي والمملوكة لإسرائيل بموجب اتفاقيات تعاون تم بموجبها تغيير القانون التركي للسماح بحق التملك للأجانب.ومن أجل تحقيق حلم تسيّد اسرائيل في المنطقة كان لا بد من اسقاط وتدمير سورية والعراق من خلال نشر الفوضى الخلاقة والارهاب وذلك لسهولة انشاء السدود والتي نتج عنها انخفاض منسوب المياه وتهجير من تبقى من الأهالي في الشمال السوري، وقتل استراتيجية الامن الغذائي السوري.

و بعد إعتماد دمشق على زراعة المحاصيل الاستراتيجية ومنها القمح في مناطق شمال البلاد، والتي يمر منها نهر الفرات، بالإضافة الى الاضرار البيئية، وتوسع كارثة التصحر من تدمير الأراضي الزراعية، والجفاف، وانقطاع التيار الكهربائي نتيجة عدم القدرة على توليد الكهرباء من السدود السورية، ونفوق الأسماك والثروة الحيوانية.كما وأن السدود هي واحدة من أهم العوامل البشرية التي تسبب  الزلازل كالتفجيرات النووية في اعماق البحار لاستخراج النفط والغاز أو حفر المناجم لاستخراج المعادن المختلفة، في هذا السياق تجمع تركيا المياه أكثر من احتياجاتها ثلاثة أو أربع مرات، حيث تجمع أكثر من 190 مليون متر مكعب، في وقت هي بحاجة الى 80 الى 85 مليون متر مكعب.

وإنطلاقاً من ذلك يسبب تخزين المياه بهذه الكميات الكبيرة عامل مباشر على مضاعفة تأثير الزلازل وموجاتها الارتدادية.وفي السياق نفسه لو انهار أحد السدود التي أقامتها تركيا لأدى ذلك الى كارثة بشرية  للمناطق القريبة من الحدود التركية سواء في شرق سورية أو غرب العراق، ومن هذا المنطلق اضطرت تركيا لفتح بعض السدود لمواجهة أي طارئ قد يعزز نشوء الزلازل، وبالتالي فإن المرحلة الراهنة تتطلب من تركيا إعادة تصحيح رؤيتها لتكون قائمة على أساس التوافق في الرؤى مع التأكيد على المصير المشترك وتغليب المصلحة الجماعية ليعم الخير والأمن والسلام على الجميع.

وهنا نرى ونسمع عن قيام تركيا باستغلال مياه الفرات كسلاح في حربها على سورية من جهة، وكأداة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية وأطماع اقتصادية من جهة أخرى لتقوية سلطتها هناك، فالحرب لم تعد حرباً على سورية الوطن فقط، بل تحولت الى حرب للنيل من شعبها وتاريخها وعراقتها وهو أغلى ما تملك.وإن حرب المياه تكتيك تركي رهيب حاولت استخدامه كورقة ضغط على دمشق، وهي جزء من الحرب على سورية، وبهذه المرحلة تستغل تركيا الوضع الدولي الهش، لتستمر بخرقها للقانون الدولي الإنساني، وتعمل على تكرار جرائمها من قطع المياه عن السوريين ان كان عبر مياه الفرات ودجلة، او عن طريق المجموعات المسلحة المدعومة منها.

وعليه… لم يبقى أمام القوى التي تتآمر على سورية، سوى الإذعان لكونهم أدوات لتقسيم الوطن العربي وتمزيقه وتجزئته، طبعاً بقيادة “إسرائيل”،  وذلك بعد وصولهم إلى قناعة نهائية بفشل مشروعهم في سورية. ومن هنا نتمنى من كافة الدول أن ترفع يدها عن سورية وأن تتوقف عن التدخل في شؤونها الداخلية، وإني على يقين تام إن السلام سينعاد إلى أرض السلام “سورية” التي حوّلوها الغرب وحلفاؤه أرضاً للحديد والنار والقتل والدمار، باسم الحرية وهم أبعد الناس عنها.

مقالات ذات صلة