ميدل ايست آي يكشف تفاصيل مدّوية عن “سرقة القرن” وتورط تاجران كويتيان

 كشف موقع ميدل ايست آي” البريطاني، يوم الثلاثاء، عن تفاصيل مدّوية حول فضيحة “سرقة القرن”، مشيراً إلى أن دور مكتب رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي كان مؤثرا في “المؤامرة” التي افضت الى اختلاس نحو 2.5 مليار دولار.

ولفت الموقع البريطاني في تقرير له الى ان “لجنة تقصي الحقائق البرلمانية تشكلت في اكتوبر/تشرين الاول الماضي بعد ظهور فضيحة “سرقة القرن”، وهي مشكلة من نواب يمثلون العديد من القوى السياسية، وتم تكليفها بالكشف عن كيفية حدوث السرقة ومن يقف وراءها”.

واشار الى ان “التقرير النهائي للجنة تم تسليمه خلال نهاية الاسبوع، وهو يخلص الى تورط عدد من اعضاء فريق الكاظمي ب”تسهيل السرقة” اثناء توليهم مناصبهم، وساعدوا في تسهيل اخراج الاموال من داخل العراق، مضيفا ان من بين مساعدي الكاظمي، رائد جوحي واحمد نجاتي ومشرق عباس، بالاضافة الى وزير المالية السابق علي علاوي، علما بانهم ينفون الشبهات التي تحوم حولهم، بينما صدرت مذكرات بحقهم يوم الجمعة الماضي من اجل توقيفهم وتجميد ممتلكاتهم حيث تحدثت لجنة النزاهة عن ظهور “ادلة جديدة” تطال شخصيات من الحكومة السابقة”.

ولفت التقرير الى ان “تاجرين كويتيين من اصول عراقية، ومن المقربين من علاوي، ملاحقان ايضا في اطار القضية ذاتها”، مشيراً الى ان “الكاظمي انتقد التحقيقات معتبرا انها تفتقر الى الاستقلالية وتشير الى استهداف ضد كل من عمل مع الحكومة السابقة، معتبرا ان التحقيق يستهدف بعض الاشخاص من اجل اخفاء “المجرمين الفعليين”.

واوضح “ميدل ايست اي” انه برغم ان بيان لجنة النزاهة الجمعة لم يكشف عن اي تفاصيل عن ادلة جديدة، الا ان تقرير لجنة التحقيق فعل ذلك، حيث وجدت اللجنة انه تم سحب ما مجموعه أربعة تريليونات دينار “حوالي 3 مليارات دولار” من مصرف الرافدين المملوك للدولة، وذلك من خلال 260 شيكا وتوزيعها على سبع شركات خاصة بين ايلول/سبتمبر 2021 وأغسطس/اب العام 2022. وبحسب التحقيقات فان هناك 5 من الشركات ال7 حديثة التأسيس وليس لديها سجلات ضريبية، اما الشركتان المتبقيتان فقد تم شراؤها من قبل المتهمين “لاغراض اتمام السرقة”.

كما يظهر انه لم يكن لدى اي من الشركات التفويض القانوني من المالكين الفعليين للودائع من اجل سحب هذه الاموال، على الرغم من ادعائهم للقيام بذلك”.

واوضح التقرير ان الاموال المسروقة كانت عبارة عن اموال دفعتها الشركات مقدما مقابل الالتزامات الضريبية المستقبلية. وذكر التقرير انه في السابق، كان المجلس الاتحادي للرقابة المالية والمحاسبة (FBSA) ، وهو جهاز مراقبة الانفاق العام في الدولة، يشرف على طلبات استرداد الودائع الضريبية. ومع ذلك، فانه قبل اسابيع قليلة من بدء السطو على الاموال، تم اجراء تغيير بما يسمح بسحب الاموال دون اذ مجلس الرقابة.

وفي هذا الاطار، ذكرت لجنة التحقيق ان “المراسلات الرسمية” المرتبطة بهذا التغيير، وصفت بانها بمثابة المفتاح للسرقة. وذكر التقرير في هذا الاطار اسماء شاركت في هذه المداولات، هي رئيس اللجنة المالية النيابية السابق والمستشار المالي الكاظمي هيثم الجبوري والمدير العام السابق للهيئة العامة للضرائب سامر عبد الهادي والمدير السابق لدائرة التحقيقات في الهيئة كريم بدر الغازي، بالاضافة الى جوحي وعلاوي.

واضاف التقرير ان استنتاجات لجنة التحقيق تتوافق مع تقرير لموقع “ميدل إيست آي” نشر في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي حول كيفية تنفيذ السرقة ومن هم المشتبه بانهم سهلوها.

وتابع التقرير ان مسؤولا كبيرا في وزارة المالية قال ان ديوان الرقابة المالية سبق ان افاد بان هذه الودائع الضريبية الموجودة في الحساب البنكية، كانت مكشوفة محاولا التحذير من ان هناك من قد يحاول سحب هذه الاموال بطريقة غير مشروعة. وبرغم ذلك، لا يبدو ان احدا قد اخذ هذه التحذيرات على محمل الجد. وبدلاً من ذلك، اصبحت تقارير ديوان الرقابة “المفتاح الرئيسي” الذي سمح للمخطط بالتطور “من الالف الى الياء” ، على حد قول المسؤول.

ونقل التقرير عن المسؤول قوله ان “الوحيدين الذين استجابوا للتحذيرات هم اللصوص الذين وجهتهم اجراس الانذار هذه الى موقع الاموال والى اليات الوصول اليها وسرقتها”.

تبديل حسابات

وذكر التقرير انه في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، ارسل ديوان الرقابة نتائج التدقيق المالي الذي اجراه على الودائع الضريبية لعام 2015 و 2016 والاشهر الاربعة الاولى من العام 2017 الى مكتب رئيس الوزراء والهيئة العامة للضرائب. وتضمنت المراجعة العديد من الملاحظات، اهمها يتعلق بكيفية تراكم عدد كبير من الودائع الضريبية في حساب بنكي واحد، وان اجراءات رد الودائع كانت منقوصة وبالامكان التلاعب بها.

وذكر التقرير ديوان الرقابة وجد اكثر من 4.9 تريليون دينار (حوالي 4 مليارات دولار) من الودائع الضريبية المتراكمة في حساب مصرفي مملوك لهيئة الضرائب في فرع لبنك الرافدين في منطقة الاحرار.

واضاف ان ديوان الرقابة طلب من دائرة المحاسبة بوزارة المالية بمعالجة نقاط النقص. وافاد التقرير بانه في ايلول/سبتمبر 2018 ، بدا ان هناك محاولة لحل المشكلة، حيث فتحت هيئة الضرائب حسابا مصرفيا جديدا في فرع الضرائب في مصرف الرافدين من اجل “إيداع المبالغ المستلمة كايداعات ضريبية”. وتم اطلاق على الحساب الجديد تحت اسم “ادارة كبار دافعي الضرائب”.

وكشف التقرير ان الخطة كانت تتمثل في تجميد الحساب القديم بالتمهيد لاغلاقه نهائيا بعد 6 شهور “وهو امر لم يتم الالتزام به خلافا لما حددته توجيهات دائرة المحاسبة”.

وتابع ان الذي جرى هو ان هيئة الضرائب قامت بتحويل اكثر من 4 تريليونات دينار من الحساب القديم الى الحساب الجديد، والذي كان يديره سامر عبد الهادي.

وتابع انه جرى التحويل من خلال مدفوعات بدأت في اغسطس/اب 2018 وانتهت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وذكر التقرير ان اللجنة اشارت الى ان الاموال تراكمت مرة اخرى في هذا الحساب الجديد حيث تمت سرقتها. ونقل التقرير عن مسؤول عراقي كبير ومطلع على التحقيقات ان “جميع المعلومات التي كشفت عنها التحقيقات تشير حتى الان الى ان التخطيط للسرقة بدأ في وقت ما بين عامي 2018 و 2020”.

وأضاف المسؤول ان “شبكة المتورطين متسعة، وهي تضم قادة سياسيين وقادة فصائل مسلحة ومسؤولين كبار سابقين وحاليين. لكن الاسم الذي تكرر في كل مرحلة من مراحل التحقيق هو رائد (جوحي)”.

وتابع قائلا انه امر “مستغرب ان جميع الاسماء الاخرى اما تقود اليه او ترتبط به بطريقة او باخرى”.

سلطة واسعة

وذكر الموقع البريطاني ان تقرير لجنة التحقيق يحدد بالضبط الدور الذي يفترض ان جوحي لعبه في هذه العملية، لكنه وصف مكتب رئاسة الحكومة بانه احد الاطراف الرئيسية المتورطة في السرقة.

وتقول لجنة التحقيق ان مكتب رئيس الوزراء اتصل بمسؤولي وزارة المالية ومديري هيئة الضرائب وفروع البنوك المرتبطة بالقضية من دون الرجوع الى وزير المالية علاوي، واصدر تعليمات “للجهات المعنية بازاحة ديوان الرقابة المالية من طلبات التدقيق الخاصة برد الودائع الضريبية”. وتابع ان اسم جوحي ورد في التقرير خلال عدة مراحل.

وتابع التقرير ان جوحي، مدير مكتب الكاظمي، والذي كانت شهرته بانه كان رئيس قضاة التحقيق خلال محاكمة صدام حسين، جرى تعيينه مفتشا عاما لوزارة المالية في ايار/مايو 2019 من قبل رئيس الوزراء انذاك عادل عبد المهدي. وقد شغل جوحي المنصب حتى الغى البرلمان العراقي المنصب في اكتوبر/تشرين الاول، الا ان الكاظمي اعاده الى الواجهة بعد 9 شهور من خلال تعيينه مديرا لمكتبه.

ونقل التقرير ان عضو سابق في فريق الكاظمي، ان جوحي جرى منحه صلاحيات “واسعة جدا”. في جزء اخر من تقرير لجنة التحقيق، يجري التناول بالتفصيل التحقيقات التي تظهر كيف ان علاء خلف مران، وهو السكرتير الخاص ل جوحي، كان يرافق بانتظام رجل الاعمال نور زهير جاسم، المشتبه به الرئيسي بالسرقة، خلال سفراته الخارجية على متن طائرة زهير الخاصة طوال العامين الماضيين.

واضاف التقرير ان سجلات هيئة الطيران المدني، التي استخدمتها لجنة تقصي الحقائق، كشفت ان مران وزهير كانا في الغالب برفقة شخص ثالث، وهو اللواء ضياء الموسوي، مدير العمليات في جهاز المخابرات.

وتابع التقرير ان الكاظمي الذي ظل رئيسا للمخابرات خلال العامين الاولين من رئاسته للوزراء، عيّن جوحي خلفا له في الوكالة في تموز/يوليو 2022. ولم يكن لدى جوحي خلفية معروفة في المخابرات. ووجدت اللجنة ان مران كان ايضا صديقا لكريم بدر الغازي، مدير مكتب تحقيقات في هيئة الضرائب. وقال غازي للجنة ان مران دعاه وزهير في عدة سفرات الى الخارج.

وافاد التقرير ان مذكرة توقيف بحق الموسوي صدرت في تشرين الثاني/نوفمبر بسبب “تورطه في تسهيل تهريب اموال مسروقة الى خارج العراق”. ولم يتمكن المحققون من الوصول الى الموسوي او جوحي ، وابلغهم جهاز المخابرات الوطني ان الاول “هرب من العراق” وان الاخير قد “نقل”

وقالت لجنة التحقيق انه على الرغم من مطالبتها المتكررة بالحصول على اي تفاصيل عن جوحي، فان المخابرات لم تكشف عن مكان “نقله” او سبب صدور امر اداري بنقله. نكتة القرن وذكر التقرير بان لجنة تقصي الحقائق وجدت ان زهير كان بحوزته جواز سفر دبلوماسي صادر عن وزارة الخارجية العراقية يحمل فيه لقب رجل اعمال.كما قالت انه تم إصدار مذكرتي توقيف وحظر سفر بحقه في اكتوبر/ تشرين الاول 2019 وديسمبر/ كانون الاول 2020 بشبهة اصدار شيكات لحسابات لا تحتوي على الاموال اللازمة فيها.

وتابع التقرير انه برغم ذلك، فان زهير “ليس مسجلا في قاعدة بيانات المطلوبين”، وهو ما اتاح له باجراء 21 رحلة جوية خارجية على طائرته الخاصة في عامي 2021 و 2022. واضاف التقرير انه قد تم القبض على زهير في مطار بغداد الدولي في تشرين الاول/اكتوبر وبحوزته نحو 182 مليار دينار (125 مليون دولار).

ونقل التقرير عن مسؤول عراقي بارز مطلع على التحقيق قوله إن قاضي التحقيق افرج عن زهير بكفالة بعد ابرام صفقة لاعادة الاموال التي بحوزته وتسمية مشتبه بهم اخرين.

وفي الختام نقل التقرير عن المسؤول العراقي قوله “لقد صدمت عندما قرأت نتائج التحقيقات. هذه نكتة القرن وليست سرقة القرن”.

وأضاف ان “زهير كان مطلوبا ويحمل جواز سفر دبلوماسيا ويرافقه ضابط مخابرات رفيع المستوى او مسؤول من مكتب رئيس الوزراء في كل رحلة”.

وتابع قائلا إن “التفسير الوحيد لذلك هو انه حول الاموال بهذه الطريقة باستخدام طائرته الخاصة. ما من تفسير آخر”.

مقالات ذات صلة