هل جاء  قرار المحكمة الدولية للتغطية على إسقاط روسيا لمسيرة أمريكية؟

للكاتب عمار براهمية

 تناقلت اغلب وسائل الاعلام خبر استصدار المحكمة الجنائية الدولية لقرارها المشبوه ضد الرئيس الروسي فلادمير بوتين بشكل واسع، يحدث ذلك تزامنا مع انتصارات روسية في مجالات الدفاع الجوي وفي ظل سيطرة روسية واضحة برا وجوا، خاصة ما وقع مع المسيرة الأمريكية الموسومة بالمتطورة والمرعبة التي اسقطت بطريقة مهينة أمام طائرات السوخوي الروسية هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان سقوط باخموت مدويا بالرغم من الامداد الغربي الكبير والتواجد العسكري المباشر لخبراء وجنود الناتو، فهل جاء قرار المحكمة الجنائية الدولية كردة فعل أمريكية للتغطية الاعلامية على إسقاط السوخوي لأقوى مسيرة أمريكية؟

ولأن تهم المحكمة الجنائية الدولية وعباراتها أصبحت معروفة لدى الجميع بالنمطية ولا تحتاج لجهود قانونية ولا لمبررات اثباتية ولا لمنطلقات سليمة بل هي على المقاس على غرار تهم جرائم ضد الانسانية والى غيرها من المفردات الاحادية في التقدير والمبتورة في التفسير، خاصة وأن العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا لا يمكن تفسير سببها من طرف القوى الغربية فقط لان روسيا ايضا لها مبرراتها المستندة لاتفاقات انتهكت، ولتهديدات حقيقية لأمنها القومي، مما عجل بتحركها دفاعا عن حقها في الوجود الطبيعي على جغرافيتها التي اصبحت مهددة على حدودها الغربية بسبب مشروع حلف الناتو التوسعي بقواعد الفكر النازي.

فهل يمكن اعتبار محاولات حلف الناتو محاصرة روسيا امرا مباحا؟ وهل تناست المحكمة الدولية ملايين الأرواح التي أزهقت في العراق وليبيا وفي غيرها من البقاع التي طالتها طائرات وصواريخ حلف الناتو؟ وهل يحق للشعب الاوكراني ان يحاكم حكومته وعلى راسها الرئيس الاوكراني زيلنسكي لتورطه في مشاريع عبثية بداية من مخابر انتاج الفيروسات مرورا بالنازية ووصولا الى التسبب في حرب اقليمية قد تتحول الى عالمية؟ أم ان المكاييل الغربية وميزان قراراتها في مختلف الهيئات يخضع بشكل مباشر لسياسة الهيمنة والغطرسة التي لم تقدم للعالم طيلة عقود الا حروبا ضد المستضعفين، واغلبها اشعلت لأجل نهب الثروات الباطنية وحتى السطحية؟

وللوقوف أكثر عل حالة هذه المؤسسات والهيئات المتحاملة ضد كل صوت للحق، ماذا قدمت في تاريخها للانسانية؟ وهل ساهمت في حل مشاكل الشعوب المستضعفة على غرار فلسطين وقضيته التي عطلتها مشاريع سلام فاشل وغير عادل بل وكاذب على العالم كون رعاته ودعواتهم لم تقدم شيئا ماعدا كونها مجرد برامج انتخابية، تحديدا في الولايات المتحدة الامريكية التي تترواح برامجها الانتخابية الخارجية بين الانتقام واثارة الحروبوبين العودة الى اليات الخروج والانسحاب العسكري من دول دمرت وانتهكت اراضيها واستبيحت خيراتها على غرار العراق وليبيا وافغانيستان …. وبين هذا وذاك لا حسيب ولا رقيب لقرارات الغزو الامريكي ولقصفه من البارجات وباساطيل البحرية تحمل طائرات تستقوي بها على الضعفاء من الدول المحاصرة بمسمى ارساء الديموقراطية او حمايتها.

إلا أن كل هذه الغطرسة تحولت إلى مظاهر ضعف غربي فضحته القوة الروسية الضاربة، لتتجه الأمور إلى استصدار بعض القوى الغربية لقرار من المحكمة الدولية ضد الرئيس الروسي، ولتعبر هذه الخطوة غير المحسوبة عن الفشل الذريع لسياسية التعاطي الغربية مع النجاحات الروسية التي لم تكن عسكرية فقط بل أيضا شملت على المجالات الاقتصادية، حيث كانت المفارقة في الاقتصاد الروسي المستقر رغم العقوبات وحزماتها المتجددة والمتنوعة، والارقام والمعطيات تأكد ان روسيا تتجه بثبات نحو النمو والانفتاح الاقتصادي أكثر على طرائق جديدة لتجاوز العبثية الغربية ضد حق العالم في الولوج الاقتصادي والتجاري بشكل آمن .

وان تعرض المنظومة المالية الاميكرية  لاخطار الافلاس المبكر على وقع هزائم اخرى لم تكن في الحسبان بداية من التكنولوجيا العسكرية الامريكية الحربية التي تحطمت امام الأسلحة الروسية المتطورة وقواتها المتأهبة والمدربة على مواجهة الخصوم على ارض المعركة دون تخفي ولا تنكر كما يفعل خبراء حلف الناتو بارتدائهم للزي العسكري الاوكراني وتخطيطهم لمعارك الانسحاب وجر اذيال الهزيمة في باخموت وغيرها من الاراضي المحررة من تجمعات النازية حسب الرواية الروسية، التي يمكن تصديقها لان العالم لم يشهد للجيش الروسي أي إعتداء من جانب واحد، لا لأجل النفط ولا للمواقع الاستراتيجية، بل لأن الحقوق التاريخية ونصاب وحدة الشعب في اوروبا الشرقية .

مقالات ذات صلة