حصاد خمسة ايام من ”ثأر الاحرار“

للكاتب سفيان ابو زايدة

بعد خمسة ايام من المواجهة، انتهت جولة اخرى من جولات المواجهة بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة التي كان في صدارتها الجهاد الاسلامي استشهد خلالها ثلاثة و ثلاثين فلسطينيا من بينهم خمسة اطفال واربعه نساء، وستة من القيادات العسكرية البارزة ومئات الجرحى اضافة الى تدمير اكثر من عشرين منزل تدميرا كاملا. وخلال هذه الايام اطلق من غزة ما يزيد عن الف صاروخ وصل مدى بعضها  الى تل ابيب في الشمال وبئر السبع في الجنوب ومشارف القدس في الشرق مما عطل حياة  اكثر من اثنين مليون اسرائيلي بشكل كلي او جزئي .

اضافة الى كل هذا هناك الخسائر الاقتصادية التي تقدر بملايين الدولارات عدى عن الاضرار النفسية التي لم تستطع القبة الحديدية ان تشكل غطاء كافيا للتخفيف منها .فأستعانوا لاول مره بمقلاع داوود لحماية سماء تل ابيب والقدس التي تبلغ تكلفة الصاروخ  الواحد مليون دولار مقابل صاروخ القبة الحديدية التي تبلغ تكلفته خمسين الف دولار فقط. والسؤال هو من الذي خرج منتصرا او منكسرا في هذه المعركة؟ ـ اولا: اسرائيل التي بدأت العدوان بأغتيال القادة العسكريين الثلاثة حيث ارادت ان تعزز قوة الردع التي تآكلت  خلال السنوات الاخيرة  وتغيير المعادلة التي كانت قائمة طوال السنوات الماضية.

وارادت اسرائيل  ان تكون المعركة يومين او ثلاثة على اكثر تعديل  من خلال الاستفراد في الجهاد الاسلامي. من ضمن الاهداف ايضا تعزيز الجبهة الداخلية على اثر الشرخ الذي حدث في المجتمع والنظام السياسي الاسرائيلي. وكذلك اراد نتنياهو ان يستفيد من هذا العدوان لعمل صيانه على حساب الدم الفلسطيني لحكومته التي بدأت تظهر مؤشرات التفكك و كذلك صيانة لشعبيته التي تراجعت الى درجة الانهيار وفقا لاستطلاعات الرأي الاخيرة.

وبعد انتهاء الجولة، ما الذي حققته اسرائيل من كل هذه الاهداف، هل تعززت قدرة الردع لديها وهو الهدف الرئيسي من العملية؟ الاجابه بشكل قاطع لا، بل العكس تماما، قدرة الردع الاسرائيلي بعد هذا العدوان تآكلت اكثر رغم اغتيال ستة من قيادات الجهاد الاسلامي وتفاخرهم بسهولة الوصول الى كل من يريدون. في المرة القادمة عندما تفكر اسرائيل  بأغتيال اي قيادي سيحسبون الف حساب وان قالوا غير ذك. والانتقادات ستكون كثيرة وستعلوا الاصوات التي تقول لمتخذي القرار في اسرائيل ان غزة عصية على الكسر وان هذه المواجهة لم تغير من الواقع شيء ولا احد يستطيع ان يضمن ان لا تكون هناك جولة اخرى بعد شهر او اقل او اكثر. وان المطلوب ليس تكرار هذه السياسة الفاشلة في التعاطي مع غزة سياسيا وامنيا واقتصاديا وانسانيا، وان الفشل الحقيقي الذي سيتكرر في كل مره هو في غياب استراتيجية تقدم حلول جذرية للوضع الفلسطيني بشكل عام بما في ذلك غزة.

فالمعركة فُرضّت  على الجهاد الاسلامي  بعد اغتيال القادة الثلاثة  ولم يكن هناك خيار و لم يكن متوقعا غير ان يرد على عملية الاغتيال ردا  يتناسب مع حجم هذا الاعتداء وحجم هؤلاء القادة.ورغم خسارته لستة من خيرة قياداته العسكرية خلال ايام المواجهة الا ان الجهاد  خرج من هذه المعركة مرفوع الرأس، ليس فقط لم يرفع الراية البيضاء بل خرج على الاقل من الناحية العسكرية و المعنوية اكثر قوة، ليس فقط لم يتم ردعه رغم خسارته بل اصبح اكثر جرأة واكثر قدرة على توجيه صفعات مؤلمة اذا ما تعرض الى اعتداء في المستقبل.

  لقد حرصت اسرائيل منذ البداية على ان لا تدخل حماس هذه المعركة بشكل مباشر لان دخول حماس يعني ان المواجهة ستكون اكثر شراسة وان امدها سيطول وهي غير معنية بأن تدخل في مواجهة مفتوحة مع غزة تقودها حماس، على الاقل في هذه المرحله وفي هذه المعركة.و طوال ايام العدوان حرص الناطقين العسكريين والسياسيين ووسائل الاعلام على عدم التطرق لحماس او اتهامها بأنها جزء من المعركة على الرغم من ان كل البيانات التي صدرت كانت بأسم الغرفة المشتركة التي توجد فيها كل الفصائل و على رأسها حماس، وعلى الرغم من التصريحات لقيادات حماس وقيادات الجهاد التي يفهم منها بأن هناك تنسيق بين كل المكونات العسكرية في غرة بما في ذلك حماس.

مقالات ذات صلة