عام مليء بالمتغيرات والأحداث في تركيا، حيث فاز الرئيس أردوغان بولاية ثانية في انتخابات رئاسية اعتبرت منعطفاً مفصلياً في الحياة السياسية للأتراك، فقد نال الرئيس التركي أصوات نحو 52.14 % من الناخبين الأتراك، في انتخابات بلغت نسبة المشاركة فيها نحو 99.43 %، وفقا لما أعلنته هيئة الانتخابات التركية.وفي إطار ذلك يمكنني التساؤل، بعد إعلان الرئيس التركي إردوغان فوزه بولاية جديدة، كيف ستبدو الصورة في داخل تركيا وخارجها؟ وما احتمال عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق ؟
فاصل
وإن حساسية الإنتخابات بالنسبة الى حزب العدالة والتنمية أنها جرت في ظل ظروف بالغة الصعوبة، فأجواء فضائح الفساد تهيمن على المشهد التركي، والصراع مع المعارضة ولا سيما حزب الشعب الجمهوري بلغ مرحلة غير مسبوقة، والإقتصاد يشهد مرحلة من التضخم وسط تراجع قيمة الليرة التركي، وفي الخارج فإن سياسة أردوغان أمام تحديات كثيرة بفعل التطورات الإقليمية والدولية، حيث فشلت سياسة عدم خلق خلافات مع دول الجوار إذ تعاني تركيا من نوع من العزلة الإقليمية .
فاصل
ومن خلال متابعهة للأحداث لم تكن هذه الانتخابات عادية فنتائجها هى تأييد لتدابير الرئيس المتزايدة والتي ستثير أجراس الانذار فى أروقة القوى الغربية،كما ستكون لها نتائج كبيرة وستقلب الموازين بالنسبة لتركيا وعلاقاتها من الغرب والشرق الأوسط. واليوم لم يعد يخفى على أحد إشتعال الخلافات بين الإدارة الأمريكية وتركيا، ومن بين تلك القضايا حقوق الإنسان في تركيا، والتي انتقدها الديمقراطيون على وجه الخصوص، واعتراف واشنطن بالإبادة الجماعية التي تعرّض لها 1.5 مليون أرمني في عهد السلطنة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، بالإضافة الى شراء تركيا لنظام الصواريخ الروسي “إس-400” الذي أغضب حلفاءها في الناتو وأدى إلى عقوبات أميركية، وكذلك عملها العسكري ضد حلفاء أمريكا الأكراد في شمال سورية.
فاصل
وفضلاً عن تحركات أردوغان العدوانية ضد اليونان وقبرص بسبب موارد الغاز في شرق البحر المتوسط، لتتبعها المزيد من الخلافات بشأن التصريحات التركية المعادية لأمريكا، الأمر الذي وصل بالعلاقات الأمريكية التركية إلى حالة غير مسبوقة من التوتر، وفي هذا التطور الجديد أعلنت الرئاسة التركية عزمها على إعادة تقييم ومراجعة العلاقات التركية مع أمريكا في حال استمرار اتخاذ قرارات ضد تركيا، بمعنى أن العلاقات بين أنقرة وواشنطن وباقي العواصم الغربية، ستكون “خاليةً من المرونة، وعرضةً للأزمات الظرفية”.
فاصل
وأن الرئيس أردوغان سيستمر في إقرار التماهي التركي مع المحور الشرقي، مع استمرار الانعطافة التركية تجاه روسيا، والتهدئة في ملفات الشرق الأوسط وتعزيز العلاقات مع محيط تركيا الإقليمي، واستكمال التطور في العلاقات مع عدد من الدول بينها مصر والسعودية والإمارات.و في سياق مواز، إن العلاقات العربية-التركية ستمضي قدماً الى الامام، خاصة بعد محطات التقارب التي أقدم عليها الرئيس التركي قبل نحو عامين لإعادة صياغة السياسة الخارجية مع دول الإقليم كما أن العلاقات الخليجية-التركية يمكن أن تشهد المزيد من التقدم في الفترة المقبلة، فضلا عن التقدم على مستوى الملف السوري والتي يمكن أن تكلل بتطبيع كامل للعلاقات برعاية روسية.
فاصل
واليوم يرى المهتمين بالسياسة التركية بأن أنقرة ضبطت ساعتها على توقيت فوز أردوغان بالانتخابات، بما يمنح أنقرة القدرة على التقليل من حدة الخلافات التي باتت تربطها بأغلب جوارها الجغرافي، ويدعم التوجهات الخاصة بإعادة ضبط وتيرة علاقاتها الإقليمية، خصوصاً مع طهران، وبالتالي مع دمشق.وفي المرحلة الراهنة، يحظى الرئيس أردوغان كل الدعم من الدول الحليفة لدمشق (روسيا وايران) على خلفية معلومات تؤكد بأن المعارضة التركية والتي ستقدم مرشحها لمواجهة أردوغان تميل بشكل كلي لأمريكا والدول الغربية، ومن هذا المنطلق فإن المصلحة الروسية الإيرانية دعم بقاء اردوغان بالسلطة.