يبدو ان الحاجة الاميركية لأستئناف التفاوض مع ايران ، لم تنتف بعد وان امكانية التوصل الى اتفاق ماتزال قائمة .وهذا ما سربته مصادر مسؤولة في الخارجية الايرانية رأت بانه حان الوقت لكشف بعض مايجري في الظل . فالمصادر الايرانية بدأت تتحدث عن وجود إشارات حقيقية إقليمية ودولية حول امكانية تداول مسودة اتفاق ( مؤقت ) اجتمعت عليه مصالح كل من الولايات المتحدة والجمهورية الاسلامية .وهذه المصادر كشفت بأن زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق إلى طهران، كانت تاريخية ووضعت إيران والغرب على طريق اتفاق بشأن القضية النووية.
واشارت الى ان هنالك حقائق على الارض تدعم هذه الرؤية وتتجلى هذه الحقائق كمؤشرات تمتد من طهران إلى واشنطن ومرورا بفيينا وتل أبيب، حيث عبّر مسؤولون إسرائيليون عن قلقهم بشأن صفقة نووية مؤقتة بين الولايات المتحدة وإيران في الأيام والأسابيع المقبلة. وفي هذا السياق يجري في واشنطن الحديث عن إعادة طرح موضوع تبادل السجناء بين ايران والولايات المتحدة وهو باب فرعي يتبادل من خلاله الطرفان الحديث عن ( قضية التبادل) وبالضمن الحديث بهدوء عن موضوعات اخرى . وفي فيينا هنالك أنباء عن تقليص الخلافات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشأن القضايا المتنازع عليها.. وكدليل على صحة هذه الاشارات الايجابية هو مضمون التقرير الاخير للوكالة عن التعاون الايراني .
وبحسب التسريبات ،فان طهران تراجعت عن بعض المواقف الحادة التي تضمنتها ( المبادرة الاستراتجية ) لعام 2019 والتي اقصت دور الوكالة الدولية عن مراقبة المنشآت النووية الحيوية الايرانية .ووفق ما هو مفهوم بشان العقلية الايرانية في ادارة الملفات ، يبدو من هذه المؤشرات ان طهران والمجموعة الغربية قد قطعوا شوطا كبيرا في الاشهر القليلة الماضية باتجاه تنضيج مسودة الاتفاق المؤقت والذي اعتقد انه صيغ بطريقة لا غالب ولا مغلوب .وان ما صدر من تصريحات في الحقيقة هو الجزء الطافي من عمق المفاوضات غير المعلن عنها .
وهذه الاتصالات التي تجري بصورة مباشرة مع الاوروبيين وغير المباشرة مع الاميركيين ، علمت بها الدوائر الاسرائيلية ( متأخرة ) حيث اعربت عن قلقها من ان ادارة الرئيس جو بايدن بلغت مرحلة من اللهاث خلف ( اي اتفاق ) مع ايران .. الى حد انها ارسلت مبعوثين الى كل من مسقط وبغداد لمتابعة تبادل الرسائل التي ترد من طهران عبر الوسطاء ومواكبتها أول باول وعبر دائرة اتصال مفتوحة مع طاولة مجلس الامن القومي في واشنطن .ف تل ابيب ( عريس الغفلة ) سارعت الى ارسال وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي لتقصي الحقائق في اروقة البيت الابيض …فهل ستتمكن اسرائيل من اجهاض الاتفاق المحتمل كما كانت تفعل في اكثر من مناسبة ؟
واظن ان اسرائيل في موقفها المتراجع في هذه المرحلة ،تبدو عاجزة ولا تملك اوراق القوة اللازمة لاجهاض المفاوضات .وان نقطة اخرى وهي ان التفاوض بين الغرب وطهران يدور حول اتفاق تراضي مؤقت يحقق مصالح جميع الاطراف ،وان هذه المصالح اضحت ضرورة ملحة تتخطى المخاوف الاسرائيلية وتتعداها الى القلق من تراجع نمو الاقتصاد الاوروبي في ظل الحرب الاوكرانية وايضا ارتفاع اسعار الوقود .وهناك اعتقاد كبير سائد هو ان ايران اثبتت للغرب بانها لاعب اقليمي وآسيوي فعال ومؤثر.
وان طهران باتت تمتلك لوحة ازرار امنية واقتصادية وسياسية مهمة وان هذه السيطرة قد ظهرت بشكل واضح في مروحة الاتفاقيات التي ابرمتها طهران مع دول الخليج ودول في جنوب شرق آسيا وفي محيط بحر قزوين بالاضافة الى اتفاقيات هامة مع دول كبيرة في وسط اسيا وجنوب افريقيا واميركا اللاتينية .ما يعني ان الجمهورية الاسلامية ، ليس فقط انها خرجت من خانق العقوبات وانما اصبحت تؤثر في عجلة الاقتصاد في هذا الجزء من العالم ومنه الى التأثير في الاقتصادي العالمي وبالتالي فان اعادة تفعيل الدور الايراني اقليميا ودوليا من شانه المساعدة في حلحلة العديد من الازمات بصورة مباشرة او غير مباشرة .