تمثل الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى الصين، باعتباره اول رئيس عربي يلتقي الرئيس الصيني شي جين بينج بعد اعادة انتخابه لولاية ثالثة مطلع هذا العام، في سياق العلاقات التاريخية الممتدة بين منظمة التحرير الفلسطينية وجمهورية الصين الشعبية، والتي دشنها الراحلان ياسر عرفات وخليل الوزير “ابوجهاد” بتاريخ 15 اذار مارسمن العام 1964 ضمن نقاشات لجنة التضامن الافرو-اسيوية الداعمة لحركات التحرر العالمية، واسفرت الزيارة في حينه عن افتتاح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في بكين. ومع نهاية عقد الستينيات اعترفت الصين بمنظمة التحرير ممثلا شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني.
وضمن هذه السياسة الراسخة في دعم القضية الفلسطينية، والهادفة لانهاء الاحتلال الاسرائيلي، اعلن الرئيسان شي وابو مازن رفع مستوى العلاقة بين البلدين الى مستوى شراكة استراتيجية، وجدد الرئيس الصيني موقف بلاده الداعم للحق الفلسطيني، يقول شي: “الحل الأساسي للقضية الفلسطينية يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.” وخلال كلمته، استخدم الزعيم الصيني كلمة فلسطين في سياق ترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، يقول شي: “في مواجهة التغيرات غير المسبوقة في العالم والتطورات الجديدة في الشرق الأوسط، اليوم نعلن عن إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين وفلسطين، الأمر سيصبح معلما هاما يتابع عمل الماضي ويشق طريق المستقبل في تاريخ العلاقات بين البلدين”.
ومن جانبه، اثنى الرئيس ابو مازن على المواقف التاريخية لجمهورية الصين الشعبية الداعمة للحق الفلسطيني. وقال، “يعتز الشعب الفلسطيني كل الاعتزاز بعلاقات الصداقة مع الشعب الصيني”، مشيرا إلى أن الصين صديق مخلص وموثوق به لفلسطين، وهي تدعم بثبات الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني، وتقدم دعما شاملا دون قيد او شرط لفلسطين وفي كافة المجالات السياسية والاقتصادية. واصفا المواقف الصينية في الساحة الدولية بالعادلة والمنصفة، وجدد الرئيس ابو مازن موقف فلسطين الثابت والمؤمن بمبدأ الصين الواحدة، ودعم موقف الصين العادل من المسائل المتعلقة بتايوان وهونغ كونغ والتبت وغيرها بثبات.
فالزيارة التي استمرت اربعة ايام اثمرت عن إجراء اربعة عشر لقاءً رسمياً مع كبار رجال الدولة ومسؤولين صينيين رفيعي المستوى كان من بينهم، رئيس مجلس الوزراء الصيني لي تشيانغ.وفي البيان المشترك جدد الجانبان التأكيد على الدعم المتبادل في القضايا المتعلقة بالمصالح والشواغل الجوهرية لكل منهما. وشددت فلسطين على أنها تتمسك بمبدأ صين واحدة وتعارض تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية للصين. وفي المقابل أكدت الصين على دعمها لفلسطين كي تصبح عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة واستئناف محادثات السلام مع إسرائيل.
وأعرب الجانبان عن أنهما سيواصلان تعزيز التعاون في مبادرة الحزام والطريق والعمل بنشاط على تسهيل المفاوضات بشأن منطقة تجارة حرة ثنائية. من جانبه يهدف الرئيس محمود عباس من هذه الزيارة من بين امور اخرى، للاستفادة من علاقات الصين رفيعة المستوى مع باقي دول العالم لحثها على توفير الدعم اللازم للجهود الفلسطينية والعربية المبذولة لحشد الدعم الدولي، لضمان حصول دولة فلسطين على “العضوية الكاملة في الأمم المتحدة”، في توجهها الجديد، الى جانب توفير الدعم الصيني للاسراع في إصدار “رأي استشاري وفتوى” من محكمة العدل الدولية، حول قانونية وشكل وأهلية النظام الذي أقامته إسرائيل، دولة الاحتلال والأبارتهايد، على أرض فلسطين.
ويطلب الرئيس عباس من الصين زيادة الضغط على حكومة اسرائيل اليمينية المتطرفة لثنيها عن مواقفها المتعنتة واعادتها لطاولة المفاوضات، بعد أن لعبت الصين دور وساطة ناجح بين إيران والمملكة العربية السعودية. واستضافت الصين محادثات بين الخصمين الخليجيين أسفرت عن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في مارس آذار. مؤكدا تمسك فلسطين مبدأ صين واحدة ومعارضة تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية للصين. كما أعرب الجانبان عن مواصلة تعزيز التعاون في مبادرة الحزام والطريق والعمل بنشاط على تسهيل المفاوضات بشأن منطقة تجارة حرة ثنائية.