عبارتان نسمعهما دائماً في مقررات الجامعة العربية، عندما كان الاحتلال الإسرائيلي يوغل في عدوانه على الشعب العربي في فلسطين ولبنان وسوريا، ويقتل الأطفال والشيوخ ويدمر كل شيء ينبض بالحياة، خاصة في غزة الصامدة، فكنا نحن العرب لا نملك إلا هاتين الكلمتين “نشجب ونستنكر” لأننا نعلم أن وراء هذه الدولة العنصرية كيان عالمي يدافع عن هذا المجرم مهما تجاوز في إجرامه، فكان لابد من استبدالهما بفعل على الأرض يردع هذا الإجرام الصهيوني، فكانت معادلة الردع العسكري في فلسطين ولبنان، حيث اسستها قوى المقاومة الوطنية ونتائجها ظهرت في ساحات القتال يذكرها العدو الصهيوني ويدركها جيداً قبل غيره
وهذه النظرية العسكرية بنيت بسواعد رجال المقاومة الفلسطينية واللبنانية ضد غطرسة الكيان الصهيوني، وأصبح للسياسيين أدبياتهم المعروفة ومنها “نشجب ونستنكر”، ولرجال الميدان أفعالهم التي تجبر الإسرائيلي بالتفكير ألف مرة في الإقدام على أي عمل إجرامي ضد الشعب الفلسطيني أو اللبناني، وإذا فعل ذلك يقدم الوساطات للتهدئة كما هو حاصل في غزة. وعبارة “نشجب ونستنكر” نسمعها اليوم مجتمعة من دول عربية وإسلامية إزاء فعل عنصري إجرامي متطرف من لاجئ عراقي الأصل في السويد قام بتدنيس المصحف الشريف لمرتين، وأهان أقدس المقدسات لأكثر من مليار مسلم في العالم، فكيف نستبدل شعارنا “نشجب ونستنكر” كلما دنس دستور المسلمين.
ومن هنا فأن التحرك في إجرام من يحتضن المتطرفين والعنصريين اتجاه القران الكريم لابد أن يكون رده بالأفعال وليس بالكلام فقط، فمثل هذه العبارات تعبت ألسنتنا من التحدث بها، وتعود من يفعل هذه الأفعال أن تكون ردودنا “نشجب ونستنكر” كما كان في الماضي مع الكيان الصهيوني، وكل ميدان له أدواته، فأدوات عدوان الكيان الصهيوني قوبلت بالقوة ونفعت في تأسيس قاعدة الردع العسكري، وفي قضية تدنيس المصحف الشريف لابد من تأسيس قاعدة يجتمع عليها كل المسلمين، كما يفعل الغرب تجاه أي شخص يتحدث بسوء إزاء ما حدث لليهود إبان الحرب العالمية الثانية.
والعرب والمسلمون يمتلكون من المقومات التي نتجاوز بها كلمات الإدانة والاستنكار في أي فعل ضد قيمنا الدينية وفي مقدمتها القرآن الكريم ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهناك سلاح الاقتصاد والعلاقات السياسية وغيرها، تؤلم من يجرؤ على التعدي على مقدساتنا الإسلامية وعندنا دول إسلامية ذات ثقل إقليمي وعالمي تستطيع التأثير في حجم الرد على من يحتضن من يهين القرآن الكريم، وكلما كان العقاب مؤثراً وفعالاً سيفكر ألف مرة من أقدم على حماية من قام بهذا الفعل بتكرار ذلك ، والإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية كثيرة، وهي التي لابد أن نستبدلها بدل كلمتي “نشجب ونستنكر” فقط كما فعل رجال المقاومة مع العدو الصهيوني.
هنالك استبدلت كلمة “نشجب ونستنكر” بالسلاح، وأمام فعل من دنس القرآن الكريم دستور المسلمين نستبدل هذه الكلمة بفعل مؤثر على الأرض ميدانه الاقتصاد والسياسة، ولو كان تأثيره بسيط فهو سيبلور في الفكر الغربي مسالة اتفاق جميع المسلمين على أن مقدساتهم خط أحمر، وما نفعله اليوم سيؤثر في المستقبل خاصة عندما تتفق جميع الدول الإسلامية بفعل سياسي اقتصادي واحد يكون مؤثراً، ويبني قاعدة جديدة في التعامل مع الغرب الذي يؤي مثل هؤلاء المتطرفين ويدعمهم تحت دعوى حماية حرية الكلمة ، بأن الرد ليس كلاماً فقط ولكن يتبعه فعلاً على الأرض، والغريب بأن الحرية تقف عندهم عندما يتم التعدي على رموزهم السياسية والدينية ، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على حقد دفين على الإسلام والمسلمين.
فالقران الكريم هو الذي يوحد المسلمين وقضية الإساءة له ليست قضية سياسية تختص جماعة عن غيرها، ولكنه مرجعية إسلامية لكافة المسلمين على وجه هذه البسيطة بكل تنوعاتهم السياسية والطائفية ، من هنا لابد أن يأتي الرد مجتمعاً بقرار واحد عبر المؤتمر الإسلامي بإجماع الدول المنضوية تحت هذا التجمع، يؤسس لقاعدة عدم المساس بقيمنا الدينية تثبت في العقل الغربي، وتساوي معادلة الردع العسكري عند الكيان الصهيوني، وتبقى كلمة “نشجب ونستنكر” ولكن تغلف بقرارات سياسية واقتصادية يدرك فيها من يسمح لهؤلاء المتطرفين في السويد، والدنمارك وغيرها من الدول أن لدستور المسلمين رجال يدافعون عنه وهو خط أحمر لا يمكن تجاوزه والعبث فيه بداعي حرية الكلمة.