هل تتوجه أمريكا بأتجاه صوملة لبنان ؟

للكاتب فؤاد البطاينة

الدخول في التفاصيل لما يجري في بلدان العرب يضع جميع المسؤولين فيها في قفص الاتهام بخيانة أمانة المسؤولية وخيانة الأوطان والشعوب لحسابات شخصية. فكيف لأنظمة هذه الدول أن تصل لمستوى تتسابق فيه على شراكة دول الغرب الإستعمارية في نهب مقدرات أوطانها وإفقار وإذلال شعوبها وفي استعمار دولها وجعلها مناجم أو مزارع أو مجالات جغرافية للأوروبيين والأمريكان. وكيف يُقدِّم حكامها أنفسهم للغرب المتصهين بخيانة القضية الفلسطينية والإتجار بها. وكيف تُصبح الجيوش العربية أداة استعمارية مُسخرة بالإرتزاق على أوطانها وشعوبها وقضاياها، ولا يوجه سلاحها إلّا للداخل أو لحساب الأعداء المُفترضين. .

فرغم تحالف أنظمة العرب الخيانية مع الصهيو أمريكي وتواطؤ الغرب فإن مشروعهم الذي يلاقي النجاحات السلسة والناعمة في بلإد العرب والنيل منها نراه مُتعثراً في فلسطين بصمود شعبها ومقاومته، ومتعثراً بنسخته الإقليمية ككل، وفاشل الخيارات، بفضل أصلب مقاومة عرفها التاريخ وأكثرها إعصاء وإعجازاً لأقوى وأثرى تحالف دولي إستعماري ظهر لتاريخه، وهي المقاومة الاسلامية الممثلة بحزب الله، والتي بوجودها يتعزز الصمود العربي والفلسطيني. فبرامجهم ومخططاتهم وجهودهم كلها اليوم منصبة على إنهاء المقاومة الفلسطينية وفكرتها وعلى النيل من حزب الله وسلاحه وتسليحه. وبهذا أقول في الساحتين الفلسطينية واللبنانية.

وإن غياب السلامة عن الصف الفلسطيني يُفقد الفلسطينيين بكل اتجاهاتهم ثقلهم وتأثيرهم. ولا يمكن لهذه السلامة أن تكون دون وحدة الهدف والوسيلة السليمة لتحقيقه.ولا يُمكن الحديث بهذا بمعزل عن وقف مسيرة سلطة أوسلو كأكبر وأعمق اختراق للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني والأكثر إيذاء بالقضية على المستويات العربية والإسلامية الدولية. فقد أدت لأول مرة لانقسام فلسطيني في هدف التحرير وفي نهج المقاومة كوسيلة استراتيجية التحقيق الهدف. لقد نالت السلطة بفشلها المتراكم من القضية وعدالتها ومن منجزات كفاح الشعب الفلسطيني حين تبنت باسم الفلسطينيين ثنائية متناقضة هدّامة تقوم على خدعة استرداد المحتل عام 67 بالمفاوضات والدبلوماسية،ونبذ ومحاربة المقاومة بذات الوقت.

 وهي بهذا جعلت من المقاومة الفلسطينية أمراً جدلياً على المستوى الدولي بينما مكنت الكيان من ابتلاع المزيد من الأراضي والقضاء على أية فرصة على الارض لقيام دولة فلسطينية. وكانت صفقة القرن نتاجاً طبيعيا لسياسة سلطة أوسلو. فالشعب الفلسطيني مطالب بالانتفاضة على الإحتلال وسلطة أوسلو وعلى كل فصيل يساوم على المقاومة أو يتاجر بها بدءا بفتح وحماس وفي المحصلة الرهيبة، استطاع كيان الإحتلال من تحويل سلطة أوسلو الى لا مركزية في القرار. فالرئيس عباس وصل سقفه،وظهر لذلك المنافسون له من رجال السلطة.مما حدا بالكيان إلى صنع مراكز قوة داخل جهاز السلطة يتنافسون على كسب وده بعرض خدماتهم المختلفة عليه بالمهمات القذرة داخل الأراضي المحتلة في مواجهة المقاومين والرافضين وأخذ دور الشرطي الأكثر خدمة للإحتلال.

لكن هذا التنافس شجع كيان الاحتلال للتوسع في استخدام السلطة ورجالها خارج حدود فلسطين. فالدول العربية ذات الاهتمام وليس لبنان وحده، مطالبة اليوم بأخذ حذرها من امتدادات رجال السلطة، وكذا الفصائل الفلسطينية والشعب الفلسطيني كله معني بالحذر من أي تحرك للسلطة ورجالها فهي اليوم تتحول لمخلب صهيوني متحرك. وهذا ينقلنا إلى لبنان. فما يجري في مخيم عين الحلوة في لبنان لا يُمكن أن نحسبه عملاً معزولا عن الأزمة اللبنانية وأصابعها، ولا عن مخططات ومصالح  اسرائيلية تخص مستقبل لبنان ولا بالتالي والأهم معزولة عن استهداف المقاومة اللبنانية (حزب الله) على حساب استهداف لبنان كله ولا معزولة عن تكرار مذابح صبرا وشاتيلا في باقي المخيمات إذا نُزع سلاح الفلسطيننين في لبنان.

وأن أمريكا التي تفرض على لبنان عقوبات اقتصادية قاصمة وضغوطات مالية، يرعبها الإعلان عن قرب استثمار الطاقة في المياه اللبنانية وتعافيه اقتصادياً. فلا شك بأن كل هذه المقدمات محل دراسة واستخدام وتبييت لمؤامرة كبرى على لبنان وحزب الله والمخيمات الفلسطينية، وليس مستبعد في المحصلة استدراج واستجلاب للجيش اللبناني الى داخل المخيمات توطئة لتجريدها من السلاح الذي يدافع الفلسطينيون به عن أنفسهم والهدف ترحيلهم بالإرهاب، ولتوسيع الفوضى والفتنة في انحاء لبنان.

مقالات ذات صلة