لماذا يركع النظام الأردني هذا الرّكوع الاستثنائي؟

للكاتب فؤاد البطاينة

 بصدق وأمانة وبألم شديد، أن ما يقدمه النظام لأردني للكيان الصهيوني وعلى حساب المصلحة الأردنية والقضية الفلسطينية لا يقدمه نظام عاقل ولا أي نظام عربي في حالتي السلم والحرب على السواء. إنه عطاء بلا حساب والعياذ بالله. ومرده الى احتمالات كلها كريهة. فهل هو نظام مجند على وطنه وشعبه، أو نظام بمرتبة وكيل تنفيذي في مستعمرة غير معلنة، أو نظام يخضع لابتزاز شديد واستثنائي. أم أنه في وضع يُخرجه كنظام من موقعه كسلطة ومكون أساسي في دولة، إلى إقطاعي في مزرعة بحجم دولة أو لمدير شركة ربحية بحجم دولة ؟

لنتكلم عن خدمات استراتيجية يقدمها للكيان العدو الوجودي للأردن ولأمريكا لا تُقدم لأحد أو جهة لخطورتها وعن اتفاقيات قاتلة للأردن وشعبه، وكلها بدون مبرر وليست في صالح الأردن وعبئ على الشعب الأردني وفيها خطورة الإبتزاز الواعد. ابرمت رغما عن نداءات أصحاب الاختصاص الفني والسياسي واعتراضات الشارع. وكذا اتفاقية الدفاع مع امريكا التي أبرمت دون استشارة أي جهة اردنية رسمية رغم ما تضمنته بنودها من طعنات في السيادة الأردنية وفتح ابواب الأردن لصهاينة الكيان للعبور بحمولاتهم والعبث فيه والخروج منه تحت العباءة الأمريكية.

و بصرف النظر عن طبيعة النظام الأردني وعن نظرته لنفسه وما يدعيه من قناعات فإن ما يهمنا هو أن يعرف إن لم يكن يعرف الحقائق السياسية والتاريخية التي ترسم خصوصية العلاقة بين الأردن وشعبه بالقضية الفلسطينية وشعبها والتي لا يمكن تجاوزها. وبأن الأردن بشعبه طرف أصيل ومباشر ومتأثر بما يجري في فلسطين سلباً أو إيجاباً وبالتالي أن ما يجري في غزة من إجرام وما سيتحقق من نتائج إيجابية تترتب على صمود غزة ومقاومتها أو أو سلبية تترتب على سقوط غزة والمقاومة الفلسطينية هي بالتأكيد ستكون مصيرية على الأردن في الإتجاهين وستنعكس بنفس نوعها على الأردنيين وتراب الاردن كوطن.

أما لماذا وكيف هذا، فلأنه علم وواقع منبثق عن وحدة وتكاملية الإستهداف في المشروع الصهيوني بين فلسطين والأردن كضرورة صهيونية راسخة وموثقة في وعد بلفو وصك الانتداب وسان ريمولعام 1920 التي قسمت سوريا الطبيعية الى ثلاث دول هي سوريا ولبنان وفلسطين، وجعلت شرق الاردن المساوي لخمسة أضعاف فلسطين ضمن فلسطين التاريخية المعلن عن اغتصابها في خارطة جغرافية واحدة واستثنائهما من توزيعة سايكس بيكو العربية على اعتبار انهما حصة سايكوسيبيكية لليهود. فالأردن الجديد ولد كدولة لأجل، تحت الحماية ومن رحم المشروع الصهيوني لحساب وعد بلفور ووديعة له.

 كفى جهلاً وخداعا، لقد أسموها تورية بالقضية الفلسطينية وما هي في الواقع إلّا القضية العربية، وبغير ذلك فإنها القضية الفلسطينية – الأردنية. ومن يسعى لتنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين فإنه يسعى لتنفيذه في الأردن. وعلى النظام الأردني الذي يصر على نهجه السياسي الهادف أو المؤدي لتمكين المشروع الصهيوني في فلسطين بأنه مُساق بذات الوقت إلى تمكين المشروع الصهيوني في الأردن. وكفى اعتداءً على الحقوق الأصيلة للشعب الأردني استقواء بالعدو وتعريض البلاد لخطر الضياع.

فلم تأت القيادة الهاشمية من الحجاز محتلة على ظهر دبابة بل شريكة ومُعينة. فسياسة الإقصاء لأصحاب الرأي الأخر ونبذ الرأي العام الأردني ومعاداة الشارع وكبح المشاعر الوطنية، والإحتكار غير المنقوص للسلطة والقرار،والتحالف مع الأعداء. كله ليس في صالح سلامة الأردن وشعبه ولا في صالح أي مكون من مكونات الدولة.

مقالات ذات صلة