الظلم ينذر بخراب العمران

للكاتب نادية حرحش

تتكاثف الأحداث كغيمة تنذر بعاصفة عاتية وسط شتاء لا يوحي بالانتهاء. وباتت غزة موضوعا وسط مواضيع حاسمة أخرى، ليس تهديد حرب إقليمية تحاول اسرائيل ان تكون عرابتها فقط من خلال جر تحالف امريكي غربي عربي ضد إيران، ولكن مشروع قرار عضوية فلسطين بالأمم المتحدة الذي اسقطته أمريكا ليلة أمس بفيتو جديد. وما هو مقلق ومرعب ان تستمر الحرب على غزة لسنوات قادمة، ان تتوسع دائرة البطش بالضفة من تدمير لبضعة مخيمات كما يحدث في جنين وطولكرم، وابتلاع لقرى في قلوب المستوطنات المستعرة بحقد وكراهية وعنف مسلح من قبل المستوطنين.

ويبدو وسط هذا التبجح والتعنت والالتفاف المطلق من قبل معظم دول الغرب وامريكا وكذلك الدعم العربي من قبل بعض دول الجوار لإسرائيل، ان نتانياهو يحقق طموحه بأن يكون “ملك إسرائيل” (المسيح) التوراتي المنتظر. كما ستستمر الحرب على غزة ليصبح القتل والدمار اعتياديا للناظرين، تصبح مسألة الأسرى الإسرائيليين في غزة كذلك. ما الذي تعنيه خسارة بضع عشرات او مئات مقابل تحقيق ما انتظره نتانياهو دائما؟

فهذه الحرب الشاملة التي قررتها إسرائيل على غزة بأهداف واسعة لا يمكن ان تنتهي بتحقيق اهداف بعينها، لأنه لا يمكن التخلص من حماس ولا اجتثاثها حتى ولو قلبت إسرائيل الأرض ومن عليها رأسا على عقب كما حصل ويحصل. هذا يعني ان هذه الحرب لن تنتهي، وهذا ما يريده نتانياهو بالضبط.اذ لم تعد مسألة اليوم التالي للحرب حتى مهمة، فلا يوجد سيناريو ممكن الا بتوكيل غزة لحكام على غرار الضفة مع استمرار تواجدها العسكري كما نراه اليوم. خسائر إسرائيل الحربية تدفعها أمريكا بالمليارات بلا تردد، وكذلك الغرب كما نشهد.

فغزة صارت ساحة استعراض للأسلحة الثقيلة وغيرها ويتسابق أصحاب المصانع لعرض بضاعتهم التي تجربها إسرائيل على الشعب الفلسطيني ليستمر مزاد البيع والشراء على دماء البشر الذي لا يرقى لونه في هذا العالم العنصري الظالم لرتبة الإنسانية التي قررها الغرب وإسرائيل

فخلال السبعة أشهر الأخيرة رأينا تأرجح العالم بمواقفه الركيكة الكثيرة. فهمنا وعرفنا اين تقف الحكومات والهوة الكبيرة بينها وبين شعوبها المنقسمة كذلك في مواقفها بفجوة أكبر. رأينا المواقف العربية وفهمنا جيدا اين يقف الجيران والاخوة وأبناء العمومة. كما وان الشأن الفلسطيني لا يختلف في انقساماته المعهودة، وتيقنّا أنّ الانقسام دائم ومطلوب لا خطّة الّا ديمومته بنظام فاسد راضخ للإملاءات يصدر بعض الأصوات في الفراغ أحياناً. ولقد شهدنا ما جرى بالفيتو الأمريكي الجديد بالأمس.

وأمام هذا التجبّر الإسرائيلي والجبروت الأمريكي الغربي المنحاز رسميّاً وبلا هوادة لإسرائيل، الا يتفكّر العرب للحظة بجدوى الاستمرار في هذا الخنوع المخزي والخضوع للإملاءات الإسرائيليّة الامريكيّة الغربيّة كالخصيان في حرم “الحاكم بأمر نتانياهو”؟ ووسط كل هذا السواد الحالك نعرف ان هناك نجوم امل تسطع من بعيد، شعوب حية لا ترضى بهذا الظلم الكبير تحارب بقوة امام طغيان القمع والقتل والابادة.

مقالات ذات صلة