منذ اندلاع ثورات الربيع العربي أصبحت الإمارات تلعب أدواراً مهمة ومؤثرة في تبني محور الثورة المضادة مما أسهم بشكل فاعل في إجهاض الثورات ، ولم تتوقف التدخلات عند هذا الحد وانما امتد تورطها في دعم جماعات انفصالية في كلٍ من اليمن وليبيا ، ووقتها أصبح الدور الإماراتي واضحاً في السودان حيث كان نظام الرئيس السابق (عمر البشير) يعاني من إشكالات وتحديات اقتصادية بعد انفصال جنوب السودان الذي كان يضم الكميات الأكبر من آبار النفط ،مع الأخذ في الاعتبار أيضاً العقوبات الأمريكية على نظام المؤتمر الوطني لذا اعتقد نظام الرئيس السابق (عمر البشير) بأن التقارب مع الإمارات العربية المتحدة سيكون مدخلاً مهماً للتطبيع مع الغرب .
فعندما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض القوى والمنظمات الدولية عقوبات على النظام الحاكم في السودان وجد النظام نفسه أمام تحدي حقيقي في مسائل الاستيراد والتصدير لاسيما بأن السودان دولة بحاجة إلى استيراد قدر كبير من الاحتياجات اليومية فضلاً عن تصدير الموارد الخام ومن أهمها الذهب بحيث تراجعت صادرات النفط بعد انفصال جنوب السودان ، حيث كان الاعتماد على نافذة دبي في الإمارات بشكل مستمر في تصدير الذهب والحصول عوائد مالية بالعملات الحرة ، فالسودان من أهم الدول المصدرة للذهب فوجود نظام سياسي مستقر يعبر عن إرادة الشعب السوداني سيكون عائق أمام حصول الإمارات على الذهب السوداني بطرق شرعية أو غير شرعية لان النظام قادر على تسويق الذهب السوداني بالقنوات الرسمية ، وسيؤثر على دور دبي بشكل سلبي في تجارة وصناعة الذهب عالمياً.
و تعتبر قضية الموانئ من أهم الدوافع التي دفعت الإمارات للانخراط بشكل فاعل في حرب السودان ، فقبل اندلاع المواجهات المسلحة بين الجيش السوداني والدعم السريع ظلت الامارات تحاول الحصول على إطلالة بحرية على شاطئ البحر الأحمر وذلك منذ عهد نظام الرئيس السابق عمر البشير حيث كان الاهتمام الإماراتي بميناء أبو عمامة ، أعتقد بأن طموح الامارات في الحصول على أكبر قدر ممكن من الموانئ في كل من السودان ، إريتريا ، جيبوتي ، الصومال واليمن يسهم في استمرار الدور الإماراتي المهم في الملاحة الدولية عبر بوابة ميناء جبل علي.
فالبعد الإيديولوجي أيضا يُعتبر من أهم الدوافع التي دفعت الامارات في التورط في حرب السودان ، حيث أن نظام الرئيس السابق عمر البشير يعتمد على الأيديولوجية الإسلامية في الحكم وذلك يعتبر مهددا لكثير من أنظمة الحكم في المنطقة وعلى رأسهم إسرائيل ، ورغم سقوط النظام إلا أن الأثر العقدي ظل حاضراً ومؤثرا في بعض القضايا المهمة كقضية التطبيع والاعتراف بإسرائيل ، فضلا عن القوانين والأبعاد الثقافية ذات الصبغة الإسلامية ، فصياغة المجتمع السوداني حتى يتماهى مع القيم الجديدة واجهته بعض العقبات لاسيما من المؤسسة العسكرية التي تعتبر الأكثر تنظيماً لذا تفكيكها أو تشكيلها بأبعاد جديدة يُسهم في ترسيخ القيم الجديدة ، أو إضعاف الدولة والزج بها في أتون حرب مفتوحة تجعلها دولة فاشلة لا تشكل اي تهديد للقوى الإقليمية.
وان الخوف من عدوى الثورة والحرية : من أهم العوامل التي جعلت الامارات تتورط في حرب السودان أعتقد بأن إجهاض الثورة محرك فاعل منذ الأيام الأولى للحراك الجماهيري ورغبتهم في السيطرة على الشارع من خلال التواصل بشكل مع القوى السياسية والقوى العسكرية لكن في تقديري كان مخطط أبوظبي توظيف كل التناقضات في الساحة السياسية السودانية لإجهاض الثورة وربما يكون ذلك مشروع كل الأنظمة الملكية. لأن انتصار الثورات في المنطقة سيكون مدخل لإعادة تشكيل النظم الملكية عبر ثورات أو احتجاجات وبالتالي تهديد وجودي لعروش الأسر الحاكمة .
فقد نشأت وتطورت العلاقات بين الدعم السريع والإمارات إبان الغزو الخليجي على اليمن بهدف استعادة النظام كما تزعم الأطراف المشاركة في (عاصفة الحزم) ، حيث شارك السودان بقوات من الجيش السوداني والدعم السريع في تلك العملية في تقديري، وجدت السلطات الإماراتية ضالتها في الدعم السريع باعتباره فصيل عسكري يقوده (محمد حمدان دقلو) وشقيقه بالتالي منظومة أسرية فضلاً على أن قدراتهم وإمكانيتهم محدودة ويمكن توظيفهم بسهولة لخدمة المشروع الإماراتي في السودان الرامي إلى إعادة تشكيل السودان وفقاً لأجندتهم أو محاولة لاستنساخ النموذج الليبي اليمني في تقسيم السودان مناطق نفوذ بين الحكومة السودانية والدعم السريع وهذا يعني بأن السودان سيكون دولة فاشلة. وبالتالي يسهل أن تحقق الإمارات مصالحها وأهدافها بدون أي صعوبات ومن أجل ذلك دعمت الإمارات العربية المتحدة الدعم السريع بالمعدات العسكرية و الآليات