إن ما تم الكشف عنه مؤخرا بشأن ما يسمى “خطة سموتريتش” يشكل تهديدا خطيرا لآفاق قيام دولة فلسطينية لأن ذك المخطط سيؤثر سلبا على الأردن والسلطة الفلسطينية. وباختصار فإن هذه الخطة، التي أقرها رئيس الوزراء الإسرائيلي والتي قدمت إلى الكنيست، تسعى إلى تحويل غالبية المنطقة (ب) في الضفة الغربية إلى المنطقة (ج) بالمعنى القانوني والاجرائي والمالي وليس فقط المعنى الأمني. وهذا بحد ذاته يمثل شرعنة المشاريع الاستيطانية لحرمان السلطة الفلسطينية من الحق القانوني في إدارة المناطق (ب).
وإن هذا التطور مثير للقلق بشكل خاص نظرا لافتقار السلطة الفلسطينية الواضح إلى استراتيجية شاملة لمواجهة هذا التعدي على حقوقها القانونية المتفق عليها. وإن نقل المنطقة (ب) إلى المنطقة (ج) من شأنه أن يحرم السلطة الفلسطينية من قدرتها على إدارة هذه الأراضي، مما يؤدي إلى تآكل أسس الدولة الفلسطينية المستقبلية وهذا بحد ذاته خطر على مستقبل الدولة الفلسطينية وله تأثير سلبي على الأردن ومستقبله السياسي.
وإن آثار هذه الخطة تمتد إلى ما هو أبعد من حدود الضفة الغربية. ولا شك أن الأردن، بصفته طرفا رئيسا في المنطقة وشريكا مهما في عملية السلام، سوف يتأثر بهذه التطورات. وإن زعزعة استقرار السلطة الفلسطينية وتراجع احتمالات حل الدولتين قد يكون لها عواقب بعيدة المدى على أمن الأردن ومصالحه الاقتصادية ونفوذه الإقليمي خصوصا في ظل رئاسة دونالد ترامب الذي تتوقع الكثير من مراكز الدراسات فوزه في الانتخابات الرئاسية ضد منافسته كايلا هاريس.
فاستقرار الأردن مرتبط بشكل وثيق بفلسطين ومع حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وان تدفق اللاجئين الفلسطينيين واحتمال زيادة الاضطرابات على طول الحدود الأردنية الفلسطينية (الإسرائيلية) من شأنه أن يرهق موارد الأردن ويزيد من تفاقم التحديات الاجتماعية والاقتصادية القائمة. وعلاوة على ذلك، فإن الدور الضعيف للسلطة الفلسطينية وتآكل شرعيتها من شأنه أن يقوض قدرة الأردن على لعب دور بناء في عملية السلام. وإن خطة سموتريتش تمثل انحرافا كبيرا عن اتفاقيات أوسلو والإطار الراسخ للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ومن خلال السعي إلى إعادة رسم حدود المنطقة (ب) من جانب واحد، تعمل الخطة على تقويض الاتفاقيات التي تم التفاوض عليها بدقة والتي كانت الأساس لعملية السلام لعقود من الزمن. وإن تحويل المنطقة (ب) إلى المنطقة (ج) لن يقوض السلامة الإقليمية للدولة الفلسطينية المستقبلية فحسب، بل سيعمل أيضا على إدامة الاحتلال وترسيخ التفاوت في القوة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وهذا انتهاك واضح للقانون الدولي ومبادئ حق تقرير المصير.
لذلك فإن خطة سموتريتش هي جزء من تحول أوسع في المشهد السياسي الإسرائيلي، مع صعود الفصائل اليمينية المتطرفة والضم العلني للأراضي الفلسطينية. ولا ينبغي للمجتمع الدولي أن يظل صامتا في مواجهة هذه التطورات. وهناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع التآكل الكامل لحل الدولتين وآفاق إقامة دولة فلسطينية. إن الفشل في القيام بذلك من شأنه أن يخلف عواقب بعيدة المدى على الاستقرار الإقليمي، وحقوق الشعب الفلسطيني، ومصداقية النظام الدولي. ومن الضروري أن تعمل السلطة الفلسطينية، بالتنسيق مع الأردن والمجتمع الدولي، على تطوير استراتيجية قوية وشاملة لمواجهة هذا التهديد.