اعتزل الرسام أندريس إنييستا، لتواصل لوحاته الحديث في تاريخ كرة القدم بدلا منه.
أسطورة برشلونة وصاحب أشهر هدف في تاريخ إسبانيا، قرر تعليق الحذاء، بعد سنوات طويلة من النجاحات والإنجازات التي ستظل عالقة في أذهان عشاقه ومحبيه وحتى خصومه.
ويعد إنييستا أحد أفضل لاعبي خط الوسط في تاريخ كرة القدم، فرغم تواضعه الشديد خارج الملعب، إلا أنه كان قائدا صامتا وأسطورة حقيقية داخل المستطيل الأخضر.
وتعتبر مسيرته نموذجا للاعب الذي يجمع بين المهارة والروح الرياضية والقيادة، وسيظل رمزا خالدا للعب الجميل والأداء الراقي.
البداية
ولد إنييستا في 11 مايو/ أيار 1984 في فوينتيالبيا، مقاطعة البسيط، بإسبانيا.
وانضم إلى أكاديمية “لا ماسيا” التابعة لبرشلونة في 1996 بعمر 12 عاما، حيث سرعان ما لفت الأنظار بمهاراته الاستثائية.
وظهر لأول مرة مع الفريق الأول لبرشلونة في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2002، في مباراة بدوري أبطال أوروبا ضد كلوب بروج، عندما كان عمره 18 عاما.
تاريخ استثنائي
أندريس إنييستا كان جزءا لا يتجزأ من الجيل الذهبي لبرشلونة، الذي هيمن على كرة القدم الإسبانية والأوروبية خلال العقد الأول من الألفية الثالثة.
وبتواجده في خط الوسط بجانب تشافي، شكل إنييستا أحد أعمدة “التيكي تاكا”، النظام الذي أعاد تعريف أسلوب اللعب القائم على الاستحواذ والتمرير السريع.
ولعب إنييستا دورا محوريا في تحقيق 4 ألقاب دوري أبطال أوروبا إلى جانب العديد من الألقاب المحلية والدولية، فبأناقته الفنية وهدوئه تحت الضغط، ساهم بشكل كبير في النجاحات التاريخية لهذا الجيل.
وقضى إنييستا 16 موسما مع الفريق الأول لبرشلونة، لعب خلالها 674 مباراة رسمية مع برشلونة في جميع المسابقات، وسجل 57 هدفا وصنع 135.
الألقاب مع برشلونة:
الدوري الإسباني (9 مرات): 2004–05، 2005–06، 2008–09، 2009–10، 2010–11، 2012–13، 2014–15، 2015–16، 2017–18.
دوري أبطال أوروبا (4 مرات): 2005–06، 2008–09، 2010–11، 2014–15.
كأس الملك (6 مرات): 2008–09، 2011–12، 2014–15، 2015–16، 2016–17، 2017–18.
كأس العالم للأندية (3 مرات): 2009، 2011، 2015.
كأس السوبر الإسباني (7 مرات): 2005، 2006، 2009، 2010، 2011، 2013، 2016.
كأس السوبر الأوروبي (3 مرات): 2009، 2011، 2015.
وأنهى أندريس إنييستا مسيرته المميزة مع برشلونة وإسبانيا في عام 2018، لينتقل بعدها إلى فيسيل كوبي الياباني، حيث حقق معه 3 ألقاب، وفي العام الماضي، انتقل إلى نادي الإمارات الإماراتي ليواصل رحلته الاحترافية.
الهدف الذهبي
إنييستا يعتبر من أبرز اللاعبين في تاريخ المنتخب الإسباني، حيث لعب دورا محوريا في الحقبة الذهبية للمنتخب بين عامي 2006 و2018.
وشارك لأول مرة مع “لاروخا” في 27 مايو/ أيار 2006 في مباراة ودية ضد روسيا، ومنذ ذلك الحين أصبح لاعبا أساسيا في الفريق.
لعب إنييستا مع إسبانيا 131 مباراة دولية وسجل 14 هدفا، لكنه اشتهر بشكل أكبر بتمريراته الحاسمة ومهاراته الفائقة في خط الوسط.
أبرز لحظات إنييستا مع المنتخب جاءت في كأس العالم 2010، حين قاد إسبانيا للفوز بأول لقب عالمي في تاريخها.
ففي المباراة النهائية ضد هولندا، سجل إنييستا هدفا في الدقيقة 116 خلال الشوط الإضافي، ليمنح بلاده تتويجا تاريخيا.
هدفه في تلك المباراة جعله بطلا قوميا، وكان لحظة مفصلية في مسيرته الدولية.
ولم يقتصر تألق إنييستا على كأس العالم فحسب، بل كان أيضا جزءا لا يتجزأ من الفريق الذي فاز ببطولتي أمم أوروبا 2008 و2012.
في بطولة 2008، أظهر قدراته في السيطرة على وسط الملعب، وكان عنصرا حاسما في نظام “التيكي تاكا” الذي سيطر على أوروبا.
وفي 2012، تم اختيار إنييستا أفضل لاعب في البطولة بعد أن قاد إسبانيا إلى الفوز بلقبها الثاني على التوالي، ليكون الفريق الوحيد الذي يحقق هذا الإنجاز.
وتميز إنييستا دائما بأدائه الهادئ والذكي، واعتبره النقاد أحد أعظم لاعبي خط الوسط في التاريخ.
مسيرته مع المنتخب الإسباني اختتمت بعد كأس العالم 2018، لكن إرثه مع “لاروخا” سيظل خالدا بفضل مساهماته الكبيرة في تحقيق أمجاد المنتخب.
محبة كبيرة
ظهرت قيمة أندريس إنييستا في عالم كرة القدم، بمشاركة كل زملائه في وداعه برسائل عاطفية على جميع وسائل التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية.
ولم يكن وداعه من زملائه فقط في الأندية التي لعب لها ومنتخب إسبانيا، بل من خصومه، ومن الغريم التقليدي ريال مدريد.
ولعلنا نتذكر عام 2015، حين وقف جمهور “سانتياجو برنابيو” للتصفيق للرسام خلال لقاء الكلاسيكو، رغم تقدم برشلونة في النتيجة برباعية نظيفة.
وحاليا جاء التقدير من ريال مدريد، بإصدار بيان رسمي لوداع الأسطورة، بعد إعلانه الاعتزال، وهو أمر نادر الحدوث.