ميشيغان ومقاطعة الانتخابات الأمريكية..الشرط هو وقف إطلاق النار في غزة ولبنان

للكاتب فاطمة عواد الجبوري

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024، يحدث تحول كبير في سلوك التصويت لدى الأميركيين العرب والمسلمين، وهو المجتمع الذي كانت قوته الانتخابية مؤثرة بهدوء ولكن بشكل متزايد في السنوات الأخيرة.فقد  لعبت هذه المجموعة، التي تتركز بشكل خاص في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان وبنسلفانيا وجورجيا، دورًا محوريًا في فوز جو بايدن الضيق في عام 2020. ومع ذلك، أثارت الأحداث الأخيرة، وخاصة حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة ولبنان، استياءً واسع النطاق، مما قد يؤدي إلى إعادة تنظيم ولاءاتهم السياسية وإعادة تشكيل المشهد السياسي الأميركي.

وتجسد المظاهرات الجارية في ميشيغان، وهي ولاية تضم واحدة من أكبر التجمعات السكانية العربية والإسلامية في الولايات المتحدة، الاضطرابات المتزايدة. حيث نزل المتظاهرون لى الشوارع، معبرين عن غضبهم إزاء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وتواطؤ إدارة بايدن الثابت مع إسرائيل. وإن اللافتات التي يحملونها ــ المنقوش عليها رسائل مثل “أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة” و”الحرية لفلسطين” ــ تؤكد على إحباط عميق الجذور تجاوز مجرد الخلافات السياسية وأصبح الآن على وشك الشعور بالخيانة. ويتساءل الأميركيون العرب والمسلمون عما إذا كانت أصواتهم قد ترجمت إلى نفوذ سياسي، وخاصة عندما يبدو أن مخاوف مجتمعهم يتم تجاهلها لصالح مصالح السياسة الخارجية الأميركية المتوافقة مع جرائم إسرائيل.

 إن الحزب الديمقراطي، الذي حظي تاريخيا بدعم قوي من هذه الفئة السكانية، يواجه الآن أزمة ثقة غير مسبوقة. فبالنسبة للعديد من الناخبين العرب والمسلمين، فإن الحرب في غزة ولبنان ليست مجرد قضية أخرى تتعلق بالسياسة الخارجية ــ بل إنها أزمة إنسانية تؤثر على أسرهم وإيمانهم وهويتهم. وتتردد صور المنازل المدمرة والأطفال الجرحى والأسر الحزينة التي تبث من غزة ولبنان بعمق داخل هذا المجتمع، مما يخلق ارتباطا عاطفيا حسيا بالمعاناة. وبالتالي فإن تواطؤ إدارة بايدن الملحوظ في الجرائم العسكرية الإسرائيلية، من خلال دعمها الدبلوماسي والمالي والتسليحاتي، قد أثار وتراً حساساً بشكل خاص.

وإن الغضب الذي عبر عنه سكان شوارع ميشيغان وغيرها من المدن الأميركية ليس معزولا. ففي مختلف أنحاء البلاد، يعيد العديد من الأميركيين العرب والمسلمين النظر في ولاءاتهم السياسية. ووفقا لاستطلاعات حديثة، يفكر 12% فقط من الناخبين المسلمين الآن في دعم كامالا هاريس، مرشحة الديموقراطيين في انتخابات 2024، وهو انخفاض حاد عن نسبة 65% التي دعمت بايدن في عام 2020. ولا يرجع هذا التحول إلى خيبة الأمل فحسب ــ بل إنه يعكس إعادة تنظيم أوسع نطاقا داخل كتلة تصويتية رئيسية، والتي قد يكون لها آثار بعيدة المدى على آفاق الحزب الديمقراطي الانتخابية.

لعقود من الزمان، وجد الأميركيون العرب والمسلمون أنفسهم في وضع مفوف بالماطر داخل المشهد السياسي الأميركي. وغالبا ما يتم تهميشهم وتشويه سمعتهم، ونادرا ما أعطى أي من الحزبين الرئيسيين الأولوية لمخاوفهم، التي تتراوح من الحريات المدنية والمراقبة إلى الهجرة والسياسة الخارجية. ومع ذلك، فإن الأهمية الانتخابية المتزايدة للمجتمع جعلت من الصعب تجاهلها. في ولايات مثل ميشيغان، حيث يمكن حسم الانتخابات بهامش ضئيل للغاية، برز الناخبون العرب والمسلمون كدائرة انتخابية متأرجحة قادرة على التأثير على نتائج الانتخابات الوطنية. ولكن هذا التأثير المحتمل يتوقف على شعور هؤلاء الناخبين بأن أصواتهم مسموعة، وأن مخاوفهم تحظى بالاهتمام، وأن قيمهم تحظى بالاحترام.

و تعكس خيبة أمل الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين في أعقاب الحرب على غزة ولبنان أزمة أوسع نطاقاً داخل الحزب الديمقراطي. ومع نمو النفوذ السياسي لهذا المجتمع، يتزايد أيضًا طلبه للتمثيل والاحترام. وقد تشكل انتخابات عام 2024 نقطة تحول، ليس فقط للحزب الديمقراطي ولكن أيضًا لدور الأمريكيين العرب والمسلمين في تشكيل مستقبل السياسة الأمريكية. وسواء من خلال المقاطعة أو تصويت الأطراف الثالثة أو إعادة المشاركة، فإن القرارات التي يتخذها هذا المجتمع في الأيام المقبلة سيكون لها آثار دائمة على الديمقراطية الأمريكية. يجب على الديموقراطيين وبايدن أن يتحركوا بسرعة لمنع نزوح جماعي للدعم، أو قد تواجه عواقب خسارة دائرة انتخابية رئيسية في الانتخابات المقبلة.

مقالات ذات صلة