ماذا يُمكن أن يشترط ترامب لإنهاء الأزمة الأوكرانية؟
للكاتب أيوب نصر
انتهت الانتخابات الأمريكية، وفاز دونالد ترامب بالكرسي الرئاسي وحقق حزبه الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، ليجد نفسه مطالبا بتحقيق وعوده، وخاصة تلكم المتعلقة بإنهاء الصراعات والحروب، ومنها الحرب الروسية الأوكرانية، بعيدا عن الحماسيات الخطابية وإرسال الوعود الانتخابية على عواهنها. لذلك فأن امام كل من الرئيس المنتخب وإدراته، أمام أربعة سيناريوهات للتعامل مع الأزمة الأوكرانية، وهي:
السيناريو الأول: انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الصراع، وإيقاف المساعدات المالية المخصصة لدعم أوكرانيا، والضغط على الأوكرانيين للاستسلام أو ترك مصيرهم للدب الروسي، مع عدم الاعتراف بالحدود الجديدة وسيادة روسيا على المناطق الأربعة.
والسيناريو الثاني: أن تنسحب الولايات المتحدة من الصراع، وتعترف بسيادة موسكو على المناطق الأربعة التي قامت بضمها عبر الاستفتاء (لوهانسك، ودونيتسك، وزاباروجيا، وخيرسون) إضافة إلى شبه جزيرة القرم، مع وإعطاء وعود وضمانات لروسيت بألا تنضم أوكرانيا للنيتو وبقائها محايدة.
والسيناريو الثالث: التنازل للروس على المناطق الأربعة التي أجري فيها الاستفتاء، مع إنضمام ما تبقى من أوكرانيا إلى حلف شمال الاطلسي، وذلك على غرار الألمانيتين، مع أن هذه الخطة ليست جديدة فقد اقترحت مؤخرا تحت مسمى النموذج “الألماني”.
والسيناريو الرابع: تجميد الصراع على غرار ما حدث سنة 2014 في إقليم دونباس، حتى يتم إعداد الأوكرانيين للقتال والحرب مرة أخرى وتجهيزهم بالعتاد وتدريب، وبعدها يعود الأمر جذعا كما بدأ أول مرة. وقد سبق للرئيس الأوكراني قبل سنة أن حذر المجتمع الغربي من هذا الأمر، بعدما تجاهل الكونغرس الأمريكي تخصيص 6 مليارات دولارات لدعم أوكرانيا.
فكل واحد من هذه السيناريوهات الأربعة المطروحة أمامنا، ينطوي على خلفية يمكن أن توضح لنا وضع الإدارة الجديدة والوضع الأمريكي عموما، بخصوص السياسة الخارجية. فإذا ذهبت الإدارة الجديدة إلى السيناريو الرابع والثالث، فهذا يعني أنها إدارة خاضعة للنخبة القوية ولا تحيد عن توجهاتها الديبلوماسية وخططها الاستراتيجية، وأنها مجرد أداة للتنفيذ. والسيناريو الأول، لا يختلف كثيرا عن الثالث والرابع، لكنه يكشف عن معنى خفي، وهو أن النخبة القوية تستغل ترامب وإدارته لتمرير قرارات لا تلام عليها من طرف حلفائها، وتجعل من الإدارة الجديدة مشجبا.
ولم يبق إلا السيناريو الثاني، وهذا الذي يمكننا من القول أن الإدارة الجديدة خالفت توجهات النخبة القوية وفرضت نفسها بقوة وأنهت الصراع بالأسلوب الذي انتظره الجميع. ولكن لو إفترض أن ترمب وإدارته سيذهبان إلى معاندة النخبة القوية والمؤسسات الحاكمة ومشاكستها، فما هو المقابل الذي سيأخذه ترامب من الروس وما الشروط التي يمكن له أن يمليها عليهم؟ وبما أنه من العسير أن يكون المقابل ماديا، فإن الإدارة الجديدة ستصبو إلى مكاسب استراتيجية، وهي عبارة عن ثلاث امور:الأول: أن يبتعد الروس عن المحور الصيني الكوري الشمالي، وأظن أن إتصال المستشار الألماني ببوتين جاء لإحياء رابط بين أوروبا وروسيا تمهيدا لتقديم الأمر الأول كإغراء للروس مقابل ابتعادهم عن كوريا الشمالية والصين.
والامر الثاني: مقابل السيناريو الثاني، فالمقابل سيكون إفريقيا وخاصة دول الساحل والصحراء، والتي كان توغل الروس فيها عن طريق الفاغنر أحد شرارات إندلاع الحرب. والامر الثالث: رفع يد روسيا عن منطقة الشرق الأوسط، وعدم التدخل في صراعاته. فهذه ثلاثة أمور يمكن لترامب وإدارته الجديدة أن تطالب بها الروس مقابل السيناريو الثاني، وأهمها الآن عند ترامب هو الأمر الأول: أي أن يبعد الروس عن الصين وكوريا الشمالية.