على محسن حميد
من أوجه الخلاف بين العرب والغرب اعتبار الغرب ان المقاومة العربية إرهاب وأن من يقوم بما قام به الغربيون انفسهم عند مقاومتهم للنازية يصنف كإرهابي وتفرض ضده عقوبات ويشوهه الإعلام الصهيوني الغربي لأن تاريخ المقاومة تجمد ووقف عندهم. ففي عام ١٩٧٠ أدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة والعشرين” إنكار حق تقرير المصير خصوصا لشعبي جنوب افريقيا وفلسطين في القرار رقم ٢٦٤٩ وأكدت فيه شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية بأي وسيلة في متناولها”.و أثناء الهولوكست انتفض يهود ضد النازيين في وارسو ويخلد متحف الهولوكست بامريكا تلك الانتفاضة ويصفها ب ” إحدى أبرز الوقائع على مدار تاريخ الشعب! اليهودي”. أما مقاومتنا فهي إرهاب.
فقد شغلت صور مجرمَي الحرب نتنياهو وجالانت شاشات الدنيا كلها بدون استثناء بعد إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرة توقيف (اعتقال) للمجرمين السالفي الذكر المتهمان بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وحرب التجويع . وان العدالة تنحاز دوما إلى من يقاوم الاحتلال. ولكن لامفر من ذكر أن قرار المحكمة كان معيبا لمساواته بين مجرمي حرب محتلين وبين الشهيدبن هنية والسنوار والضيف المحتلة أرضهم الذين من حقهم كغيرهم على مدى تاريخ الاحتلالات مقاومة المحتل بشتى السبل.
والأصل أن دعم فلسطين يجب أن يكون شاملا وبدون تحفظ حتى زوال الاحتلال. فبعد هذا اليوم التاريخي ستشعر الأغلبية الدولية الصامتة المغلوبة على أمرها التي صوت منها ١٥٣ دولة في ١٢ ديسمبر ٢٠٢٣ لوقف الحرب في غزة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن العدالة استيقظت وتقف على قدميها وأنها لن تتوقف عند اعتقال نتنياهو وجالانت. وان الحقيقة هي أن إسرائيل كلها باستثناءات محدودة جدا جدا ، نتنيانو وجالانت وبن غفير وسموتريتش وغانتس ولابيد وساعر وكاتس. وان المحكمة وصمت إسرائيل بعار أبدي لن يمحى ولايستثنى منه القيادة والمعارضة والجيش والقضاء ومجالس المستوطنين والحاخامات والشرطة والمخابرات.
فالاتهام في ضوء الهيمنة الصهيونية على العالم سيسجل كسابقة تاريخية وسيظل ساري المفعول مدى حياة المتهمَين مالم يُبرّأ بحكم من المحكمة وهذا يعني أنه لامفر من امتثالهما أمامها وأن يقبلا بولايتها وباتهامها لهما كمجرمَي حرب ويستجديانها البراءة وإلا فإن عدم المثول يعد تهربا من العدالة وإفلاتا من العقاب وإدانة صريحة لهما مهما علا صراخهما بالبراءة ودافعت عنهما أبواق في واشنطن وفي غيرها.
لقد حققت المحكمة باتهامها مايلي:اتهام إسرائيل لأول مرة في تاريخها الدموي – الإرهابي بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية واستخدام الحرب للتجويع. واسقاط أبدي لمزاعم المستعمِرون في تل أبيب بأن الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم وأنه خاض في غزة ولبنان حربا عادلة كما قال جالانت في ١١ يناير ٢٠٢٤.ودحض مقولة أن إسرائيل تحارب محور الشر لأنها هي دولة الشر. وأن إسرائيل ليست محصنة وفوق القانون.وأسقطت المحكمة بالضربة القاضية مزاعم إسرائيلية وغربية مبتذلة بأن إسرائيل تدافع عن نفسها.
والأهم أيضا أن مسيرةالتطبيع حلم اسرائيل وفق معادلتها السامة السلام مقابل السلام وليس السلام مقابل الأرض ستتوقف.وان التطبيع أحبطته انتفاضة ٧ اكتوبر ولن يتم بعد قرار المحكمة لأن الدولة/ الدول المرشحة لن تطبع مع كيان وصفه ولي العهد السعودي نفسه بمناسبة انعقاد القمة العربية الإسلامية في الرياض في نوفمبر الجاري بمرتكب الابادة الجماعية واليوم بعد قرار المحكمة يجب أن يرمى ملف التطبيع وأن يصبح قرارا عربيا مرجعيته الوحيدة قرارات الشرعيتين الدولية والعربية.