هل سينجح الرئيس اللبناني الجديد في اكمال المسيرة ويحقق ما وعد به؟

للكاتب سعد ناجي جواد

 نجح مجلس النواب اللبناني في انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية بعد فراغ رئاسي استمر اكثر من سنتين (منذ اكتوبر 2022)، كانت فيها التجاذبات تُفشل اي محاولة لاختيار رئيس جديد، ولأسباب عديدة. وفي هذه الفترة شهد لبنان احداث جسام أفقرت العباد ومزقت البلاد ووضعتها في موقف لا تُحسد عليه. وكل هذه المصائب لم تدفع قيادات الاحزاب والطوائف إلى ان تتوافق فيما بينها لاختيار رئيس جديد، او وضع خطة تعيد الاستقرار إلى لبنان. وياليت كان عدم الاتفاق يعود إلى خلافات وطنية حقيقية أو حول مصلحة لبنان والمواطن اللبناني، ولكنها كانت في الغالب ناتجة عن إملاءات ونفوذ خارجي لا يعير اية اهمية لمصلحة لبنان.

 فالامر المضحك المبكي ان اغلب الاطراف الخارجية مثل فرنسا لا تقدم إلى لبنان ما يساهم في تحقيق استقراره او يخرجه من الأزمات الكبيرة، ولا تقدم اي دعم لاي رئيس جديد يصل إلى الحكم. وان باريس  التي كانت تُعرف بانها الحامي والمدافع والأب او الام الروحية للبنان، تركته واصبحت تفضل ان تدفع المليارات من الدولارات وكميات كبيرة من الأسلحة إلى أوكرانيا بدلا عن مساعدة لبنان للخروج من أزمته.فانتخاب رئيس جديد افرح اللبنانيين كثيرا، وهم يستحقون بحق هذه الفرحة، وافرحهم اكثر ان الرئيس الجديد انسان محترم ولم يُعرف عنه انه ملوث بفساد او منحاز إلى جهة معينة، وباتوا ينتظرون ان تكتمل فرحتهم بقرارات منه تخرج البلاد من ازمتها الاقتصادية.

وبعد اداء الرئيس الجديد القسم  القى  كلمته، التي حملت وعودا كبيرة وكثيرة تمثل طموحات غالبية اللبنانيين، جاءت ردود افعال النواب لتؤكد عمق الانقسامات الداخلية. فمثلا عندما تحدث الرئيس المنتخب عن ضرورة بناء جيش جديد قوي يقف بوجه الاعتداءات والانتهاكات الصهيونية، صفقت له مجموعة اخرى بنفس الحرارة. اما عندما تحدث عن محاربة الفساد والفاسدين وإعادة الخدمات وحل الازمة المالية فلم يحصل على رد بنفس الحرارة. الكل يعلم، والرئيس أولهم، انه في اجواء الوضع الداخلي والإقليمي، وفي ظل اصرار الولايات المتحدة والغرب على عدم تسليح الجيش اللبناني من اجل مصلحة مدللتهم دولة الاحتلال، سيكون من الصعب عليه تحقيق الهدفين.

ولا يوجد شك في ان الرئيس الجديد كان صادقا فيما يرغب ان يحققه، لا بل ان البعض تمنى ان يتمكن من تحقيق نصف او ربع ما وعد به، ولكن السؤال الاساسي يبقى هو هل انه يمتلك من الإمكانيات المادية ما تمكنه تنفيذ تلك الامور المستعصية؟ بصورة أوضح هل انه يمتلك القوة التي يستطيع من خلالها نزع سلاح المقاومة؟ وهل يمتلك من الموارد ما يستطيع من خلالها حل أزمة الرواتب والودائع وإعادة إعمار ما دمرته إسرائيل وان يعيد الخدمات الأساسية مثل الكهرباء؟ وهل لديه الآليات التي يستطيع من خلالها محاربة الفساد والفاسدين؟  . لا يريد احد مُحِب للبنان ان يُهبّط من عزيمة الرجل، او ان يضع العصي في طريقه، لكن ما يخشاه المحبون ان بعض الاطراف تريد ان تورطه في مواقف لن ينتج عنها سوى زيادة في الاحتقان الداخلي، وربما تقود إلى مواجهات لا تحمد عقباها.

وبالتأكيد ان التحدي الأكبر الذي يواجه الرئيس الجديد هو سلاح المقاومة، ليس لأنه عامل سلبي، إذ لولاه لاستطاعت القوات الصهيونية ان تجتاح كل لبنان في ظرف ساعات قليله، ولكن لان اطرافا داخلية وخارجية تدفع بقوة في هذا الاتجاه، ولأنه مطلب إسرائيلي قبل كل شيء ولأسباب معروفة. ولكن هذا الموضوع نفسه يبقى هو الاساس الذي يستطيع من خلاله الرئيس عون ان يثبت قدرته على ادارة البلاد. وربما يكون الحل الأفضل في يده هو ان يعمل على دمج المقاومة بالقوات المسلحة اللبنانية وجعلها قوات حرس حدود تحمي لبنان من الانتهاكات الاسرائيلية.

بهكذا حل سوف لن يضحي بقوة قادرة مقتدرة على حماية لبنان وسوف لن يضحي بتجهيزاتها وخبرتها التي اكتسبتها في هذا المجال، وفي نفس الوقت يحتفظ بها كقوة ضمن الجيش اللبناني. فهل يستطيع ان يفرض او يمرر هكذا حل؟ إذا ما استطاع ولم تعترض عليه القوى الخارجية والداخلية سيكون قد حقق نصر لبنانيا يمكن ان يقوده إلى انتصارات في المجالات الاخرى. ويستطيع ان يرد على المعترضين على هكذا قرار بانه طالما بقي الجيش اللبناني ضعيفا ومحروم من السلاح المطلوب فان لبنان بحاجة إلى سلاح المقاومة.

مقالات ذات صلة