عبّاس ونتنياهو في ضيافة أردوغان: لإنقاذهما ام لانقاذ الليرة التركيّة؟ 

للكاتب  جواد الهنداوي

أصبح الرئيس اردوغان تجربة سياسية تركية وليس فقط رئيس حزب ورئيس جمهورية ولاكثر من مرّة. الرئيس اردوغان لا يحكم فقط، وانما يمارس السياسة، والدليل نجحَ وينجح بجدارة امام التحديات الاستراتيجية، لا يجامل في المواقف،  ولم تثنيه عن تبني موقف، يراه لصالح تركيا، لا علاقته مع روسيا و لا علاقته مع أمريكا. يحسنُ استخدام و توظيف الملفات الاقليمية و الدولية لاجل مصالح تركيا.

 فدعوته للرئيس عباس و لرئيس وزراء الكيان المحتل نتنياهو لزيارة تركيا في نهاية هذا الشهر ليست دون مصلحة لتركيا .حيث  يحرصُ الرئيس اردوغان الآن،  وهو في بداية الدورة الرئاسية،  على أن يكون له دوراً اساسياً أيجابياً في المنطقة،  ويظهر امام الرأي العام العربي و الاسلامي و الدولي،  برئيس داعم لسلام ولآمن و استقرار المنطقة،  بعد أنْ لَصِقَ به دور الداعم للجماعات المسلحّة في المنطقة،  ودور المحتل لقرى وقصبات سورّية، و تواجد عسكري في شمال العراق او في اقليم كردستان مُثير للنقاش والجدل حول طبيعته ؛ هل هذا التواجد احتلال، أمْ اتفاق بين الحكومتيّن التركية و العراقية او اتفاق بين تركيا و حكومة كردستان،  ولغرض ضمان امن تركيا؟

 وما يمّيزُ الرئيس اردوغان عن غيره، قدرة تواصله مع الرئيس عباس، وفي ذات الوقت علاقة الرئيس اردوغان مع حركات حماس وفصائل المقاومة الاخرى.فالرئيس عباس، مثلاً، لا يستطيع التواصل مع ايران،  ابواب ايران مقفلة أمامه، بختم أحمر امريكي. وحركات المقاومة كحماس والجهاد لا يستطيعان التواصل لا مع إسرائيل ولا مع دولة غربيّة الاّ عِبرَ جمهورية مصر العربية.فالرئيس اردوغان يدعو الرئيس عباس ونتنياهو،  وكلٌّ منهما في وضع سياسي صعب و حرج،  فسلطة الاول في الضفة الغربية في تلاشي،  وخاصة من الناحية السياسية،  ويفقدُ الرئيس،  يوماً بعد يوم ما تبقى من شعبيته،  و استدعى هذا التلاشي قلق نتنياهو وقلق حكومة الاحتلال،  وقلق امريكا،  ليساً حبّاً بالرئيس،  ولا حبّاً بفلسطين والشعب الفلسطيني،  وانما خوفاً من فقدان مصدر مهم وفعاّل في التعاون الامني و العسكري.

 ولكي تبرّهن السلطة الفلسطينية فعاليتها في هذا التعاون،  قامت القوات الامنية الفلسطينية، وقبل اقتحام مخيم جنين لاعتقال شبّان المقاومة الفلسطينية،  والذين قاوموا و افشلوا الاقتحام الاسرائيلي ؛ طبعاً حجّة السلطة الفلسطينية بأعتقال الشبّان هي تفادي اغتيالهم واحد بعد الآخر من قبل قوات الاحتلال ! فحال نتنياهو في اسرائيل ليس افضل من حال الرئيس عباس في الضفّة،  فهو يواجه وضع سياسي داخلي صعب للغاية واحتجاجات على كافة الصُعدْ، حتى بين صفوف الجيش،  و تواجه إسرائيل حالة فريدة و استثنائية، من الضعف العسكري،  امام مواقف حزب الله العسكرية على الحدود بين لبنان وفلسطين .

 فالحالة تعدّت فقدان اسرائيل للردع العسكري،  وهي حالة نقلت اسرائيل من وضع افتقارها للردع العسكري الى وضع العجز العسكري امام ما يقوم به حزب الله على الحدود ( نصب خيم في الجزء المحتل لمزارع شبعا،  تسيير دورات لمقاومي حزب الله و بزي عسكري على الشريط الحدودي مع اسرائيل، عرض فديو يظهر رصد واضح لزيارة رئيس اركان الجيش الاسرائيلي وهو يتفقد بعض المواقع العسكرية الاسرائيلية في الجنوب )،  بدأتْ اسرائيل الآن هي التي تقدّم شكوى لمجلس الامن من ما تسميه استفزازات حزب الله في الجنوب .فهل أُوكلتْ مهام توسيع السلام الاقليمي وجهود التهدئة الى الرئيس اردوغان ؟

بعبارة اخرى، لا يستبعد ابداً بأنْ تكون مبادرة الرئيس اردوغان بدعوته للرئيس عباس،  والى اسماعيل هنيّة و آخرين من المقاومة،  ولنتنياهو تمتْ بتنسيق مع الادارة الامريكية لانقاذهما من محنتهما . فدور الرئيس عباس مهم لاسرائيل و لامريكا و انقاذ موقفه و ديمومة سلطته اصبح جزء من الامن القومي الامريكي .ونتنياهو، وبالرغم من الجفاء بينه وبين الادارة الامريكية، أصبحَ و حكومته أمرٌ واقع في اسرائيل،  ولا بّدَ من تعطيل كُلّ الخلافات و الاختلافات بينه وبين الادارة الامريكية، من اجل انقاذ الكيان من محنته و وضعه السياسي و العسكري المُزري،  وخاصة بعد يأس الكيان و يأس الادارة الامريكية من أمل التطبيع مع المملكة العربية السعودية.

Facebook Comments

Comments are closed.